آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-11:10ص

في عمق "مرحلة التيه الوطني" .. الحلقة الاولى

الأحد - 23 ديسمبر 2018 - الساعة 06:35 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

مساكم الله بالخير جميعا أينما وكيفما كنتم. 

أما بعد :

فإنه عندما ينهار النظام الشمولي الاستبدادي التسلطي الاستعبادي والطغياني في أي مجتمع من المجتمعات أو بلد من البلدان المسيطر عليها والمتحكم أرضا وإنسانا, بفعل عوامل داخلية أو خارجية أو كليهما معا ,يتكشف للمجتمع أن ما كان يعتبره إستقرارا يوما ما ماهو إلا إستقرارا لذلك النظام... وليس إستقرارا مجتمعيا وإستقرارا لدولة مؤسساتية, وبمجرد إنهيار ذلك النظام ينهار كل شيء معه في البلد.
عندها تظهر الصراعات الخفية بين مكونات المجتمع وفئاته ,ممثلة بمراكز القوى, إلى العلن والتي كان ذلك النظام قد استطاع احتوائها والتى كان هو السبب أصلا في وجودها, حفاظا على إستمرارية بقائه ,بحيث تتوزع تلك القوة التي كان يستخدمها ويعتمد عليها في السيطرة على البلد بين أطراف الصراع بالإضافة إلى التغذية الخارجية لها.ومن ثم يبدأ الصراع بين تلك الأطراف مستخدمة في ذلك أسلوب العنف المادي والمعنوي, كل طرف يريد إما أن يكون بديلا للنظام السابق وإما أن يستأثر بجزء منه,ويدخل البلد في دوامة العنف والعنف المضاد وتجد القوى التغييرية في البلد نفسها عاجزة عن فعل أي شيء حيال ذلك, لأن النظام قد سلبها وجردها خلال حكمه من كل أسباب وعوامل البقاء والفاعلية, حتى أننا نجد أن غالبيتها تجد نفسها مشاركة في دوامة الصراع الحاصل, ليس كطرف فاعل فيه وإنما كتابع لذلك الطرف أو ذاك.

عندها يعيش البلد في مرحلة عدم الاستقرار, تختلط فيها المفاهيم وتسودها الضبابية في الرؤية, وتسيطر على المجتمع حالة من اليأس والقنوط والإحباط والخوف وتعم الفوضى ويصاب بشلل في التفكير ومن ثم فقدان الفاعلية الإيجابية والتخبط في ردة الفعل تجاه ما هو فيه وعليه بل إن المجتمع يصل إلى مرحلة القبول رغما عنه بأن يكون الضحية...
وهذا ما أسميه أنا شخصيا ,بمرحلة التيه الوطني,.
وعليه :
فإن الخروج من مرحلة التيه تلك وفي هكذا وضع ليست باليسيرة والسهلة، إذ أن غالبية المشاركين فيها والذين اوصلوا البلد إليها لا أمل يرتجي منهم أو ينتظر في ذلك، بل إن كل منهم يحاول وبقدر المستطاع وبكل الإمكانيات المتاحة له،مادية ومعنوية، إما الحفاظ على ما يمكن له الحفاظ عليه واما المحاولة المستميتة لإعادة ماكان قبلها...
يحدث كل ذلك في ظل غياب شبه تام للمشروع الوطني الحقيقي ممثلا برموزه...
لكن تلك المرحلة " مرحلة التيه الوطني" بمعاناتها وآلامها وأوجاعها وأحزانها وتيهانها وفي نفس الوقت بآمالها وأحلامها وطموحاتها، كفيلة بخلق وعي جمعي اجتماعي إيجابي حيال كل ذلك، ذلك الوعي الجمعي الإجتماعي الذي يفضي أخيرا إلى تشكل وتشكيل وعي نخبوي إيجابي يكون قادرا على إخراج البلد مما هو فيه...وعليه...
"مرحلة التيه الوطني ".

طال الزمن أم قصر
شاء من شاء وأبى أبى
وما تاريخ تلك المجتمعات والبلدان التي مرت بما نحن فيه..وعليه...من تيه وطني،إلا خير دليل وانصع برهان وأقوى حجة دامغة على ذلك كله....
إنها مسألة وقت فقط ولا شيء سواها
#الخلاصة :
إن ما كان لا يمكن له بأن يكون مجددا أو بأن يعاد إنتاجه، وبأن إرادة الشعوب لا تقهر ولا يؤمن لها مهما تخيل وتوهم جلادوها ومستعبدوها بأنها استكانت وخارت وجبنت ورضيت بالأمر الواقع عليها، وبأن من يتوهم بأنه قادر على إعادة العجلة إلى الوراء أو تسييريها وفقا لأجندته الخاصة يعيش خارج إطار الزمن والجغرافيا، وعيا وسلوكا، قولا وعملا، وبأن من تبقى من تلك القوى التي لم تشارك في الوصول إلى تلك المرحلة " مرحلة التيه الوطني " إذا لم تعييد حساباتها وأولوياتها فإن مصيرها الزوال والفناء...أما نحن البسطاء من الناس والضحايا لهم جميعا فإننا باقوووووون باقوووووون باقوووووون ومستمروووون مستمروووون مستمروووون....
كونوا على ثقة من ذلك....