آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-04:56م

في عمق الوعي النمطي (4)

الخميس - 03 يناير 2019 - الساعة 07:22 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

رابعا : مظاهر الوعي النمطي السلبي

إن للوعي النمطي السلبي مظاهر عديدة ومتنوعة معاشة وملموسة في حياتنا اليومية المختلفة في مجتمعنا والتي تتسم وتتصف بتلك السمات والخصائص التي يتسم بها " الوعي النمطي " ويتصف بها وهي متجذرة في واقعنا المعاش وتفعل فعلتها فيه.....
وقبل الإشارة إلى المظاهر العامة للوعي النمطي السلبي وحتى تتضح الصورة والرؤية التي أريد إيصالها لابد من الإشارة إلى :
أولا : أننا هنا سوف نشير إلى المظاهر السلبية لذلك الوعي النمطي السلبي...
ثانيا : أن تلك المظاهر ليست مظاهر مطلقة في المجتمع عموما، إنما هي مظاهر تغلب على الغالبية العظمى من أفراد المجتمع ومكوناته المختلفة...وإن أي مجتمع من المجتمعات..لا تخلوا منها، إنما بنسب متفاوتة وأشكال وصور مختلفة من مجتمع لآخر،......
وعودة إلى تلك المظاهر للوعي النمطي السلبي " في العلاقات الإجتماعية بين الأفراد والمجتمعات..فإنني أذكر منها ،على سبيل المثال لا الحصر، وبحسب وجهة نظري الشخصية المتواضعة ونتيجة لما أدعيه من معرفة متواضعة وقبل ذلك نتيجة لما أعانيه شخصيا مما نحن فيه..وعليه.. وبشكل مختصر كعناوين رئيسية، ما يلي :

أولا : المظاهر الدينية والمذهبية

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية لدى معتنقي الأديان والمذاهب تجاه بعضهم البعض، دنيوية وأخروية، تكفيرا دينيا ومذهبيا ودنيويا بما يترتب على تلك الصورة النمطية السلبية من تداعيات خطيرة على الفرد والمجتمع والوطن....إلخ.

ثانيا : المظاهر الإثنية والعرقية

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية تجاه الإثنيات والأعراق في المجتمع، مثالا على ذلك الصورة النمطية السلبية تجاه "فئة المهمشين "، تلك الصورة النمطية السلبية تجاههم جعلتهم معزولين ومحصورين في كانتونات وجيتونات جغرافية وثقافية واجتماعية واقتصادية..الخ، وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية ووصمهم بكل سيئ وقبيح وبذء ، بل إن مجرد مصافحتهم تعتبر عيبا كبيرا بحق من يفعل ذلك من المكونات الأخرى للمجتمع، فما بالك بالأكل معهم من مائدة واحدة أو الزواج منهم ومصاهرتهم...الخ، بما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على المجتمع...إلخ.

ثالثا : المظاهر الجندرية

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية تجاه الأنثى من قبل الإنسان الذكر، زوجة كانت أم بنتا أم أما أم قرائب عائلية أم غيرها، حيث يتم التعامل مع الأنثى على أساس تلك الصورة النمطية السلبية الذكورية التي تنظر إليها وتتعامل معها على أساس الدونية ووفقا لها، على سبيل المثال لا الحصر :
ينظر إلى الأنثى بإعتبارها وعائا جنسيا يفرغ الذكر فيه طاقته ورغباته الجنسية حتى وبدون مراعاة متطلباتها في هذا الجانب، وإذا أفصحت عن ذلك وتذمرت منه توصم بوصمة عار قبيحة...، والأدهى والأخطر من ذلك أن الذكورية تستخدم بعضا من القوانين والقواعد الدينية والفقهية وكذلك العلمية في تشريع تلك الصورة النمطية السلبية تجاه الأنثى، فما بالكم بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وكذلك مسألة الإرث لها، بما يترتب على ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية تجاه الأنثى من تغييب وغياب نصف المجتمع إن لم يكن أكثر من النصف بما لذلك من آثار خطيرة على المجتمع.....إلخ.

رابعا : المظاهر المهنية والحرفية

حيث نجد الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية تجاه بعض المهن والحرف في المجتمع وممارسيها ومحترفيها، باعتبار أن من يمارس تلك المهن والحرف أقل شأنا وأقل إنسانية وآدميتة من غيرهم من أفراد ومكونات المجتمع الأخرى، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، مهنة الحلاقة والجزارة والحدادة، حيث يتم التعامل معهم وفقا لتلك الصورة النمطية السلبية تجاههم وعلى أساسها، ويكون التعامل معهم أقل حدة من ذلك التعامل مع " فئة المهمشين " لكن أن يتم الزواج منهم أو مصاهرتهم فتلك وصمة عار في جبين من يفعلها تظل تلاحقه هو وأبنائه وأحفاده إلى أبد الآبدين، حتى أنه يتم البراءة ممن يفعلها من قبل فئته ومن قبل المجتمع وينبذ، بما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على المجتمع.....إلخ.

خامسا : المظاهر الإجتماعية وفقا لدرجات السلم الاجتماعي( التصنيف الاجتماعي الطبقي )

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية تجاه بعض المكونات الاجتماعية للمجتمع من قبل البعض الآخر تتسم وتتصف بتلك الصورة النمطية السلبية بما تفرضه من التعامل السلبي معهم وفقا لها وعلى أساسها، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، بعض درجات السلم الاجتماعي، رعوي،فلاح، عدل، شيخ، قبيلي وغير قبيلي...الخ، بما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على المجتمع وينتج عنها....إلخ.

سادسا : المظاهر السلالية والأسرية

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية تجاه الآخر المغاير...متجذرا في كثير من السلالات والأسر في نظرتهم وتعاملهم مع الآخرين من أبناء مجتمعهم، مهما بلغ ذلك الآخر المغاير..من الرقي العلمي والتحصيل الأكاديمي والثروة والجاه والمنصب...إلخ، إلا أن ذلك كله لا يشفع له بأن تتغير وتتحسن تلك الصورة النمطية السلبية تجاهه من قبل بعض من تلك السلالات والأسر، بل إن تلك الصورة النمطية السلبية نجدها داخل تلك السلالات والأسر وفيما بينهم، حيث أوضح مثال على ذلك مسألة الزواج والمصاهرة منهم ولهم، بل إننا نجد بعضا من المغالين في تلك الصورة النمطية السلبية تجاه الآخر المغاير...لا يصافح غيره ،ممن تشملهم تلك الصورة النمطية السلبية لدية تجاههم، إلا بعد وضع الكفوف على يديه، أما مسألة التقبيل على الوجه فتلك محرمة!!! اللهم إلا إذا كانت تقبيل الركب والارجل فتلك مسموحا بها!!!، بما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على المجتمع وينتج عنها....إلخ.

سابعا : المظاهر السياسية السلطوية الحاكمة

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية تجاه الآخر المغاير...متجذرا في المجتمع، سلالة أو أسرا أو منطقة أو جهوية جغرافية، وذلك بحرمان الآخر المغاير..من حقه في تقرير مصيره ومصير بلده عبر المشاركة الفعلية في السلطة الحاكمة وتبؤه المناصب فيها مهما علت أو دنت وفقا لقاعدة المواطنة الحقة المتساوية ومبدأ الكفاءة المهنية والتميز وليس التمييز، حيث ينظر إليهم وفقا لتلك الصورة النمطية السلبية تجاههم من قبل من تتحكم بهم وفيهم على أنه لا يحق له ذلك وبأنه ليس مؤهلا لذلك بل قد يصل الأمر إلى تحريم ذلك عليه، دينيا كان ذلك التحريم أم أسريا أم مناطقيا وجهويا جغرافيا، وبأن الدور المناط بهم هو أن يكونوا تابعين لا مشاركين، خداما لا مخدومين، رعية لا مواطنين، يرضون ويقبلون بما هو مقررا لهم ووفقا للسلم السلطوي المخصص لهم، غير متجاوزين ذلك، حتى ولو حلما فما بلكم سعيا إليه!!، وإذا حدث أن حاول أحدهم تجاوز الدور والدرج السلطوي ضمن درجات السلم السلطوي المقرر له فإن نهايته تكون قد قربت وحكم على نفسه بالزوال وقد اينعت...وحان قطافها...وانهم لقاطفوها...،
بما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على المجتمع والوطن وينتج عنها....إلخ.

ثامنا : المظاهر الفئوية والطائفية

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية متجذرا في وعي وسلوكيات وتصرفات بعض من أفراد الفئات والطوائف الاجتماعية في المجتمع تجاه بعضها البعض وفيما بينهما...الخ، بما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على المجتمع والوطن وينتج عنها....إلخ.

تاسعا : المظاهر الطبقية

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية متجذرا في المجتمع تجاه بعض الطبقات الاجتماعية في المجتمع، مثالا على ذلك الصورة النمطية السلبية تجاه طبقة العمال والحرفيين ممن يعتبرون في أدنى السلم الاجتماعي وفقا لذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية....، بما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على المجتمع والوطن وينتج عنها...الخ.

عاشرا : المظاهر المناطقية والجهوية الجغرافية

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية متجذرا في عقول كثير ممن ينتمون إلى منطقة محددة ومعينة وإلى جهوية جغرافية معينة ومحددة تجاه غيرهم ممن لا ينتمون إلى ما ينتمون إليه..، بل إننا نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية متجذرا في أوساط بعضا ممن ينتمون إلى نفس المنطقة أو الجهوية الجغرافية تجاه بعضهم البعض وفيما بينهم...، بما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على المجتمع والوطن وينتج عنها...إلخ.

حادي عاشرا : المظاهر الصبغية (اللون)

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية متجذرا في المجتمع تجاه بعضه بعضا على أساس صبغية الفرد فيه، أبيض، أسود، أسمر، حتى ولو كان ينتمي إلى نفس المكون الإجتماعي أو الديني أو المناطقي أو الفئوي أو الطائفي أو الإثني العرقي أو أو أو أو. ..الخ. بما لذلك من آثار خطيرة على المجتمع والوطن وينتج عنها...إلخ.

ثاني عشر :المظاهر الحضرية والغير حضرية ( البدوية)

حيث نجد ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية متجذرا في عقول وأفكارا الكثيرين من سكان وقاطني المدن الحضرية تجاه سكان وقاطني الأرياف..، على سبيل المثال لا الحصر، " ينظر سكان إلى سكان الريف-بوجه عام وفي كل الثقافات تقريبا- على أنهم يتميزون بالسذاجة والطيبة والجهل، بالإضافة إلى أنه من السهل خداعهم، ويرى سكان الريف سكان الحضر غشاشين وطماعين ويتميزون بالسفسطة والخلاعة ،إلى جانب أنهم متحضرون".
وغيرها وغيرها وغيرها وغيرها من المظاهر الأخرى للوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية في كثير من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والإثنية العرقية والقومية...إلخ....
والتي نشاهدها ونلمسها في حياتنا اليومية المعاشة ونعاني منها جميعا.


وعليه :
فإن ما نحن فيه..وعليه..ماكان له بأن يكون ويحصل لولا سيادة ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية تجاه بعضنا البعض، أفرادا وجماعاتا ومكوناتا وأديانا ومذاهبا وأحزابا وجندرا واثنية عرقية...إلخ، وبأن الخروج مما نحن فيه..وعليه...لابد بأن يكون أولا عبر تغيير ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية تجاه بعضنا البعض وتحويلها إلى نمطية إيجابية، وعيا وأفكارا وصورا وسلوكا وعملا، وبأن ذلك لا يمكن له بأن يكون إلا بإحداث ثورة تغييرية تنويرية تحديثية تستهدف ذلك الوعي النمطي السلبي متمثلا بالصورة النمطية السلبية وتحويله إلى وعي نمطي إيجابي متمثلا بالصورة النمطية الإيجابية تجاه بعضنا البعض.....


#الخلاصة :
إنها عملية " صناعة الوعي الإيجابي "..
إنها إعادة بناء الدولة المنهارة...على أسس مدنية حديثة وصولا إلى إقامة الدولة المدنية الحديثة بركائزها الأساسية.....
إنها مهمة النخبة....

"يتبع"