آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-05:57م

مصير "الشجرة "

الثلاثاء - 08 يناير 2019 - الساعة 05:28 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


إن أية شجرة...مهما كانت جودتها وقوة تحملها للظروف المناخية...التي وجدت فيها وتأقلمت معها، ومهما كانت درجة الإهتمام بها.., ومهما كانت عراقة جذورها وتعمقها.., ومهما كانت فروعها كثيرة وثمارها وفيرة.., ومهما كانت التربة التي وجدت فيها أو زرعت عليها خصبة وملائمة لها.., فإنها أخيرا ومع مرور الزمن وبفعل عوامل بيئية خاصة بتلك التربة وتغيرات وتغييرات مناخية.., وبفعل عوامل بشرية..,لابد لها من أن تكبر وتشيب ويعتريها الزمن ويقل إنتاجها.., ويصبح ذلك الإنتاج غير كاف لمن يملكونها.., ويبدأ الصراع فيما بينهم البين على ذلك الإنتاج.., وأخيرا يستأثر به من لهم الغلبة..وتشوه صورتها من قبلهم وتوسخ ساقها وفروعها واغصانها منهم وبهم، وهم قلة قليلة، وأصبحت محل ومدعاة للسخرية والتهكم من قبل الآخرين.., وهجرها وتركها وتخلى عنها وعن الإهتمام بها قسم كبير ممن شاركوا في زراعتها وممن ورثوا عنهم ذلك.., وذلك بعد أن أصابهم اليأس والقنوط والإحباط من أولئك الذين كانت لهم الغلبة.., وممن فقدوا المقدرة والقدرة على إعادتها إلى ما كانت عليه..., وتصبح أخيرا شجرة...لا فائدة منها، بل إن ضررها أكبر من نفعها.., ويصبح التمسك بها من قبل بعض من غير المستفيدين منها على أمل أن تعود إلى سابق عهدها...تمسكا موهوما وأملا موهوما وتمسكا عبثيا ومضيعة للوقت والجهد.., وخللا ذهنيا مصابين به...., غير مدركين بأن تلك العودة مستحيلة وبأنها منافية للأبحديات الكونية وسننه.., وبأنها منافية لسيرورة وصيرورة الحياة وتطورها وتطوراتها....


وعليه :
فإن التعامل المنهجي والعلمي مع تلك الشجرة...يتم بطريقتين اثنين لا ثالث لهما :
الطريقة الأولى :
هي القيام بعملية جز وقطع لتلك الشجرة...على مستوى قاعدتها ومن ثم الإهتمام بتلك الأغصان والفروع الجديدة حتى تكبر مجددا وتعطي نتائجها المثمرة الخيرة.., وهذا لن يكون إلا إذا كانت تلك التربة..التى هي فيها مازالت تربة جيدة وخصبة ولم تتغير تركيبتها الغذائية والفيزيولوجية.., وذلك بعد التأكد من ذلك بطرق علمية وتقنية علمية حديثة.....
الطريقة الثانية :
وهي القيام بعملية اجتثاثها واستئصالها من جذورها ومن ثم تنقية التربة التي كانت قائمة عليها ومدها بالعناصر الأساسية اللازمة لها وتهيئتها تهيئة علمية سليمة.. حتى تصبح تربة جديدة خصبة قابلة لزرع شجرة جديدة...بدلا من تلك الشجرة..التي تم اجتثاثها واستئصالها....
وذلك طبعا بعد التأكد من عدم جدوى الطريقة الأولى ....
طبعا يتم كل هذا على افتراض بأن تلك الشجرة...شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء...
أما إذا كانت تلك الشجرة..في الأساس شجرة خبيثة فإن لها شأن آخر....


#الخلاصة :
قال تعالى في كتابه الكريم :

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾
[سورة إبراهيم الآية:24-27]
صدق الله العظيم