آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-04:12م

ظاهرة التمييز العنصري

الإثنين - 14 يناير 2019 - الساعة 06:48 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

إن المجتمعات والبلدان المتخلفة والجاهلة والغير متجانسة...تعاني من عدة ظواهر سلبية تميزها عن غيرها من المجتمعات والبلدان المتحضرة والمتقدمة, لعل من أهم وأخطر وأبرز تلك الظواهر السلبية والأشد فتكا بها والأكثر ضررا بها وقاسمة الظهر الاجتماعي والعمود الفقري لها, هي ظاهرة التمييز العنصري,بكل أشكالها وصورها وأنواعها ومسمياتها وتسمياتها, بين أفراده ومكوناته المختلفة, كل يرى نفسه الأفضل والأرقى عن غيره من الأفراد والمكونات الاجتماعية الأخرى التي لا تنتمي إليه, مما يعطيه الحق وفقا لذلك في استلاب الآخر, الأسوأ والادنى منه طبعا, واعتباره خادما ذليلا له وملكا له, جسدا وروحا, يتصرف به متى شاء وكيفما يشأ وفي أي مكان يشأ, تلك الظاهرة المتجذرة في الوعي واللاوعي الفردي ومن ثم الوعي واللاوعي الجمعي الاجتماعي بما ينتج عن ذلك الوعي من سلوكيات تجاه الآخر ,فردا كان أم جماعة أم فئة أم طائفة أم مذهب أم عرق أم منطقة...الخ, تلك الظاهرة التي جوهرها وأساسها احتقار الآخر,, الإنسان, والإيمان المطلق, وعيا وسلوكا, قولا وعملا, بالتفوق عليه والافضلية, والنظر إليه والتعامل معه باعتباره أقل شأنا وأقل مرتبة وأكثر دونية, تلك الظاهرة التي تكون فيها العلاقات الاجتماعية قائمة على أساس,, الأفضل والأرقى - الأسوأ والادنى,, ........إلخ.

إن لتلك الظاهرة, ظاهرة التمييز العنصري, أشكال وصور وأنواع عديدة, لعل أبرزها وأهمها تلك القائمة على أساس :

أولا : الأسرية :

يتمثل ذلك من خلال الأفضلية الأسرية لأسرة معينة على غيرها من الأسر الأخري.
ثانيا : الإجتماعية :

يتمثل ذلك من خلال الأفضلية لمكون اجتماعي على غيره من المكونات الاجتماعية الأخرى .
ثالثا : الجهوية المناطقية :

يتمثل ذلك من خلال الأفضلية لمنطقة معينة على غيرها من المناطق الأخرى.
رابعا : العرقية :

يتمثل ذلك من خلال الأفضلية لعرق معين على غيره من الأعراق الأخرى.

خامسا : السلالية :

يتمثل ذلك من خلال الأفضلية لسلالة معينة على غيرها من السلالات الأخرى.

سادسا : المذهبية :

يتمثل ذلك من خلال الأفضلية لمذهب معين على غيره من المذاهب الأخرى.

سابعا : الدينية :

يتمثل ذلك من خلال الأفضلية لدين معين على غيره من الأديان.

ثامنا : اللونية الصبغية :

يتمثل ذلك من خلال الأفضلية للون وصبغة معينة على غيرها من الألوان والاصباغ.
تاسعا : الاسمية :

يتمثل ذلك من خلال احتكار الأسماء والصفات لبعض الأفراد واستحسانها من قبل البعض ومنعها والاشمئزاز منها من قبلهم على البعض الآخر .

عاشرا : النوع :

يتمثل ذلك من خلال الأفضلية للرجال على الإناث.

وغيرها وغيرها من تلك الأشكال والأنواع والصور لظاهرة التمييز العنصري تلك, ثقافية وسياسية وحاكمية وتسلطية وسلطوية, ووووو......الخ, مما لا يتسع المجال هنا لذكرها جميعا.

تلك الظاهرة, ظاهرة التمييز العنصري, لا تقوم فقط بين مكون وآخر من مكونات المجتمع الواحد..,وإنما نجدها متجذرة داخل المكون الواحد وتأخذ وفقا للأفضل والأرقى حتى الأسوأ والادنى فيها تسلسلا هرميا من قمته حتى قاعدته, لكن الكارثة الحقيقية هي أن من يعتبر أدنى مرتبة في مكونه يعتبر نفسه أفضل وأرقى ممن هو في قمة الهرم في المكون الآخر.

تلك الأشكال والأنواع والصور لتلك الظاهرة تتفاوت في درجة سلبيتها وأثرها على المجتمع والبلد الواحد ,لكن اخطرها فتكا بالنسيج الاجتماعي للبلد الواحد وللإنسانية جميعها هي تلك الظاهرة العنصرية القائمة على أساس الدين والعرق والنسب والسلالة,.

وعليه :
فإن تلك المجتمعات والبلدان المتخلفة والجاهلة والتي تنتشر فيها وتتجذر ظاهرة التمييز العنصري, تفتقد إلى التلاحم الاجتماعي بين مكوناتها المختلفة وتكون الهوية الوطنية الجامعة لأفرادها والوعي الوطني لهم شبه موجودين إن لم يكونا معدومين في وعيهم, حيث يتم استبدال تلك الهوية ..وذلك الوعي...بالهوية العصبية والوعي العصبي لتلك العصبيات التي ينتمون إليها ومن ثم تغليب المصالح العصبية الضيقة لتلك العصبيات على المصلحة الوطنية العليا, مما يؤدي حتما إلى سهولة النيل من ذلك البلد من قبل المتربصين به ويكون لقمة صائغة لهم, بل الأدهى والأمر من كل ذلك بأن تجد تلك العصبيات تستنجد به وترحب به وتساعده وتسانده في ذلك بغرض النيل من العصبيات الأخرى المتصارعة معها.

وعندئذ لا نجد كلمات مثل الوطن والوطنية ووجوب الدفاع عنه والتضحية في سبيله إلا في قاموس واذهان وأحلام ذلك الإنسان المقهور والمهدور من قبل تلك العصبيات والحالمين بوطن خال من كل أشكال وأنواع وصور ظاهرة التمييز العنصري والمكتوين بنارها.

#الخلاصة :
يقول تعالى في كتابه الكريم :
) يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) صدق الله العظيم
ويقول عليه السلام :فيما يروى عنه وما معناه :
لا فرق بين عربي وعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح.
ويقول, أمير المؤمنين عمر بن الخطاب:
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.