آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-12:59ص

الوعي الحزبي (3)

الأحد - 17 فبراير 2019 - الساعة 05:12 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

....واستمرارا لما سبق :
فإن لكل,,حزب,, هيكله التنظيمي وبرنامجه وأدبياته وأهدافه وغاياته التي يسعى إلى تحقيقها وبلوغها بوسائل عديدة ومتنوعة, سواء كانت تلك الوسائل مدنية سلمية أم عسكرية عنفية, ولا يستطيع ذلك ,,الحزب,, بلوغ تلك الأهداف والغايات...إلا بوجود قوة بشرية تكون هي اداته ووسيلته لذلك, أعضاء فيه كانوا أم مناصرين له,.
ولكي يكونوا, الأعضاء في المقام الأول, قادرين على تحقيق تلك الأهداف والغايات لابد من تربيتهم تربية حزبية عقائدية..وتأهيلهم التأهيل القوي وفقا لتلك الأهداف والغايات المناط به الوصول إليها وتحقيقها والتي تشكل بالأخير ,,وعيا حزبيا,, إيجابيا كان ذلك الوعي أم سلبيا.
وإذا نظرنا إلى تلك التربية فإننا يمكن بأن نقسمها وفقا لفاعليتها ودورها ونتيحتها إلي نوعين من التربية :

النوع الأول : التربية الحزبية الإيجابية :

تلك التربية القائمة على أساس زرع الثقافة الوطنية أو القومية أو الأممية الحقيقية, ثقافة المصلحة الوطنية...العليا باعتبارها هي الأساس للتربية الحزبية وفوق كل الثقافات الضيقة والمقيتة, ثقافة القبول بالآخر باعتباره شريكا أساسيا وفعالا ومشاركا في تقرير مصير البلد, ثقافة القبول بالآخر واحترام خصوصياته... وحقه في التعبير عنها, ثقافة العيش المشترك والمصير المشترك لكل أفراد المجتمع ومكوناته المختلفة, ثقافة التداول السلمي للسلطة.., ثقافة المواطنة الحقة لكل أفراد البلد دون تمييز...,ثقافة إحترام الإنسان وحقه بالحرية والكرامة والعدالة باعتباره الوسيلة والهدف والغاية من برنامجها وأدبياتها......إلخ.

تلك الثقافة ...التي تشكل أخيرا ,,وعيا حزبيا إيجابيا,, بما ينتج عنه من سلوكيات إيجابية تعود بالنفع الإيجابي على الفرد والمجتمع والبلد والأمة .

بإختصار شديد :
تربية حزبية قائمة على زرع ثقافة القيم النبيلة والمبادئ السامية العليا ,,تربية إنسانية,, لتشكل أخيرا ,,وعيا إنسانيا,, الذي يؤدي بدوره إلى إيجاد ,,مثقفا حزبيا إنسانيا,,.

النوع الثاني :التربية الحزبية السلبية :

وهي تلك التربية الحزبية القائمة على زرع الثقافة الحزبية العصبية الضيقة والمقيتة والتي تتمثل بثقافة احتكار الحقيقة وتكفير الآخر ,دينيا كان أم وطنيا أم قوميا أم امميا, ثقافة الإقصاء والاستحواذ والاحتكار والاختزال والاستئثار لكل مقدرات البلد وثرواته وكل ما فيه لصالح,, الحزب,, وأعضائه ومناصريه ومن يدور في فلكه ويسبح بحمده, ثقافة التخوين والعمالة والارتهان للخارج..., ثقافة العنف تجاه الآخر , ثقافة الصورة النمطية السلبية تجاه الآخر ونبذه واحتقاره وعدم الإعتراف به ,إلا تابعا ذليلا, ثقافة التمسك بالسلطة مهما كانت النتائج السلبية المترتبة على ذلك على الوطن, أرضا وإنسانا, ثقافة سلب الآخر إنسانيته وآدميته ووجوده المادي الحياتي إذا اقتضت الضرورة لذلك......إلخ.

تلك الثقافة...التي تشكل أخيرا ,,وعيا حزبيا سلبيا,, بما ينتج عنه من سلوكيات سلبية تعود بالضرر السلبي على الفرد والمجتمع والبلد والأمة .

بإختصار شديد :
تربية حزبية قائمة على أساس زرع الثقافة الحزبية العصبية الضيقة والمقيتة...لتشكل أخيرا ,,وعيا عصبيا ضيقا ومقيتا,, الذي يؤدي بدوره إلى إيجاد ,,مثقفا حزبيا عصباويا,,.
وعليه :
فإن هناك فرق كبيييييير وكبيييييير بين تلك التربية الحزبية السلبية القائمة على زرع الثقافة السلبية, والتي شكلت أخيرا ,,وعيا حزبيا سلبيا,,
وبين التربية الحزبية الإيجابية القائمة على زرع الثقافة الإيجابية, والتي شكلت أخيرا ,,وعيا حزبيا إيجابيا,,.
الأولى :
تؤدي إلى تفتت المجتمعات وتفتيتها, وتمزق الأوطان والشعوب والقوميات والأمم وهتك كرامة الإنسان وحريته واستعباده واستبعاده..إلخ .
الثانية :
تؤدي إلى بناء المجتمعات و الأوطان والشعوب والقوميات والأمم وصون كرامة وحرية الإنسان..

#الخلاصة :
إن كل تربية حزبية قائمة على أساس زرع الثقافة السلبية العصبية الضيقة والمقيتة...والتي تشكل أخيرا ,,وعيا حزبيا سلبيا,, تعتبر معولا هداما للمجتمعات والأوطان والأمم وتعتبر نموذجا سيئا لكل ما يمت للحزبية الحقيقية بصلة...
والعكس صحيح....