آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-02:49م

دولة الحزب

الجمعة - 22 فبراير 2019 - الساعة 07:12 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام...

إنه وبدون الدخول في جدلية التعاريف المختلفة لكلمة,, حزب,, وأنواعها وأشكالها وصورها وايدلوجيتها ومنابعها الفكرية والعقائدية وانتمائتها المختلفة.., وكذلك بدون الدخول في جدلية التعاريف المختلفة لكلمة,,سلطة,, وكلمة ,,دولة,, ,
أقول بدون الدخول في ذلك كله ,فإن الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية التسلطية الطغيانية والقمعية عندما تمسك بمقاليد البلد في بداية أمرها تحتاج إلى قواعد وأسس كثيرة لكي تحكم سيطرتها تلك, ليس على السلطة السياسية فيه فقط وإنما على جميع مفاصل الدولة والمجتمع, ومن ضمن تلك الدعائم التي تقوم عليها وتحتاجها هو إنشاء كيان سياسي خاص بها يكون واجهتها السياسية للتعامل مع الآخر ,ذلك الكيان يسمى,, حزب السلطة,, بحيث يكون المنتسبين إليه هم أولئك الذين يؤمنون بتوجهات تلك السلطة ويكون الولاء الأول والأخير من قبلهم لتلك الأنظمة...,يكونون سندا لها ويدورون في فلكها ويسبحون بحمدها ويشكرون نعمتها عليهم, وذلك لما تغدق عليهم من إمتيازات...خاصة , بحيث يصبح ذلك الكيان السياسي الحزبي لتلك الأنظمة هو المتحكم الأساسي والرئيسي والوحيد والأوحد على الحياة السياسية في البلد وذلك عبر تقويته وفرض سيطرته مستخدمة في ذلك كل الإمكانيات المتاحة, مادية كانت أم معنوية أم كليهما معا, ترغيبية كانت أم ترهيبية, في سبيل إجبار الآخرين على الانضمام إليه بطرق مباشرة أو غير مباشرة, وتعمل على تهميش الحياة السياسية, إن وجدت, بحيث تصبح تلك الأحزاب الموجودة, سواء تلك المتحالفة معه أم المستقلة!!! عبارة عن ديكور تسعى بواسطتها تلك الأنظمة...وعبرها لتلميع صورتها أمام الآخرين ,داخلية كانت أم خارجية, وتصبح الانتخابات شكلية ومحسومة النتائج سلفا لصالحها, ويكون عدد المنتسبين إليها بالملايين من سكان البلد.

تأخذ تلك السيطرة النهائية على مقاليد البلد أطوارا تصاعدية,ففي بداية تلك الأنظمة..يسمى ذلك الكيان الحزبي ب,, حزب السلطة,, ومع مرور الوقت وتعاظم سيطرتها على مقاليد البلد وذلك عبر إحلال العناصر الحزبية لها في الجهاز الإداري للدولة, وفقا لقاعدة الولاء والثقة وليس وفقا لقاعدة الكفاءة المهنية والقدرة والاحقية والاقدمية, وعندئذ تجد العناصر الإدارية في الجهاز الإداري للدولة ممن لا ينتمون لذلك الحزب,, حزب السلطة,, نفسها في موقف صعب, أما التخلي عن مكانتها فيه وأما الاستمرار فيه بما يتطلبه ذلك الاستمرار من الانضمام إلى ذلك الكيان السياسي الحزبي لتلك الأنظمة, وغالبا في مجتمع لا يسود فيه حكم القانون تختار الأغلبية تلك الانضمام إلى ,,حزب السلطة,, حفاظا على مصالحها وليس حبا فيه, وعندئذ يتحول ذلك الكيان السياسي الحزبي لتلك الأنظمة..من,, حزب السلطة, إلى,,حزب الدولة,,ومع تعاظم تلك الأنظمة وسيطرتها التامة على مقاليد البلد وإلغاء كل دور لأي رأي مغاير لها في البلد يتحول ,,حزب الدولة,, إلى ,, دولة الحزب,, بحيث يصبح ذلك الكيان السياسي الحزبي دولة داخل الدولة!! إن لم يكن ,,الدولة,, بذاتها بل والوطن بأكمله, بحيث يكون الخروج عليه وعدم الامتثال لأوامره ونواهيه ورغباته خروج على الدولة والوطن يتوجب بموجبه تطبيق أشد أنواع العقوبات المنصوصه فيه, بما ينتج عن ذلك من كوارث جسيمة على المجتمع وعلى الوطن بأرضه وبإنسانه, والتي لا يسع المجال هنا لذكرها, وما شهدناه ونشاهده خير دليل على ذلك.....

القراء الكرام.....
فإنه عندما تنهار تلك الأنظمة...بفعل عوامل داخلية أولا وخارجية أو كليهما معا, ينهار معها ذلك الكيان السياسي الحزبي,, دولة الحزب,, ويترأى للعيان مدي هشاسته وعدم قدرته على الاستمرارية, بحيث يصبح أثرا بعد عين ,تتجابذبه كل التيارات الجديدة الناشئة, كل تأخذ حصتها منه ويكون من الصعوبة بمكان وقتئذ لملمته وإعادة الحياة إليه.

القراء الكرام.........
هناك فرق كبيييييييير بين ,,حزب السلطة,, وبين ,, سلطة الحزب,,
جنت على نفسها براقش .