آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-01:31ص

وعي الخوف (3)

السبت - 09 مارس 2019 - الساعة 06:08 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

ثالثا : سمات وخصائص "وعي الخوف " :

 

القراء الكرام.......

إن ظاهرة "وعي الخوووووووووووف " تعتبر من أهم المشكلات الخطيرة التي تعاني منها المجتمعات المتخلفة والجاهلة والغير متجانسة..والتي ترضخ تحت وطأة وجبروت وطغيان واستبداد واستعباد وتسلط الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية التسلطية الطغيانية والشمولية، وذلك لما لها من آثار خطيرة ووخيمة ونتائج كارثية على الفرد والمجتمع في تلك المجتمعات.., وإن لتلك الظاهرة " ظاهرة وعي الخوووووووووووف " سمات وخصائص تتسم بها وتتصف، على سبيل المثال لا الحصر، وبإختصار شديد ما يلي :

أولا : عدم الثقة بالنفس وبالآخرين، حيث تتسم تلك العلاقة مع النفس ومع الآخرين بالشك والارتياب والتوجس في كل ما يصدر ويشاهد ويلاحظ، قولا أو فعلا أو سلوكا وتصرفا، سواء كان ذلك فرديا أم جماعيا،...

ثانيا : الارتباك الشديد والعشوائية والتخبط في كل ما يقوم به الفرد ويصدر عنه ،بحيث يصبح كل عمل يقوم به أو فعلا يصدر منه أو سلوكا وتصرفا تتحكم فيه وتسيطر عليه تلك الظاهرة " ظاهرة وعي الخوووووووووووف "، فهو يحسب ألف ألف ألف حساب لكل ذلك حتى يكون ما يقوم به متوافقا مع ما تريده تلك الأنظمة..ووفقا له وفي إطاره ، سعيا لنيل رضاها وتجنبا لشرها وغضبها،....

ثالثا : النفاق والرياء بما يتطلبه ذلك من شيوع ظاهرة الكذب والنميمة والغيبة والتملق...وبما ينتج عن ذلك من كوارث وأزمات ومآسي أخلاقية تسود المجتمع وتسيطر عليه وتتحكم فيه.....

رابعا : الخنوع والخضوع بما ينتج عن ذلك ويتولد عنه من الاستسلام والاستكانة والقبول بالأمر الواقع المفروض من قبل تلك الأنظمة..ومن ثم ضمانها عدم مقاومتها ومقارعتها والوقوف ضدها ومناهضتها ومن ثم ضمان إستمراريتها وبقائها لأطول فترة زمنية ممكنة.....

خامسا : العجز التام والشعور بالدونية بما تمثله من سلب للذات عبر سلب الإرادة وفقدان الشخصية المستقلة المؤثرة والمتأثرة بمن حولها ومعهم تأثيرا وتأثرا إيجابيا، بحيث يصبح في النهاية ذلك التأثير والتأثر سلبيا مقيتا.....

سادسا : انفصام الشخصية بما تمثلة تلك الانفصامية من تناقض وتضاد في الأقوال والأفعال والسلوكيات والتصرفات، وبما ينتج عنها من آثار خطيرة ووخيمة ونتائج كارثية على الفرد أولا وعلى المجتمع ثانيا...

سابعا : الجمود والتحجر في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب التي تعاني من تلك الظاهرة " ظاهرة وعي الخوووووووووووف " بما يعيق عملية التطور والتغير والتغيير والنماء إلى الأفضل وبما ينتج عن ذلك من التقوقع على الذات والانغلاق عليها....

ثامنا : الاكتئاب والقلق النفسي والهلوسة والأحلام والكوابيس المفزعة والمخيفة بما تمثلة من كوارث حقيقية على الفرد أولا وعلى المجتمع ثانيا.....

هذه بعض من تلك السمات والخصائص التي تتسم بها وتتصف تلك الظاهرة " ظاهرة وعي الخوووووووووووف " والتي من وجهة نظري الشخصية المتواضعة أرى بأنها تمثل جوهر تلك السمات والخصائص..وغيرها وغيرها وغيرها وغيرها الكثير الكثير...

.....

القراء الكرام..........

فإنه عندما تسيطر تلك الظاهرة " ظاهرة وعي الخوووووووووووف " على الوعي واللاوعي الجمعي الإجتماعي عموما والنخبوي منه خصوصا، وعلى العقلية الجمعية الاجتماعية عموما والنخبوية منها خصوصا، وتتحكم فيه، فإن ذلك المجتمع يصبح مجتمعا خائفا وخوافا وذليلا ومهانا ومطيعا ومستسلما لتلك الأنظمة...ومنقادا لها وشاعرا بالعحز التام عن مقاومتها ومقارعتها والوقوف ضدها ومناهضتها، بل الأدهى من ذلك كله والأمر والأشد فظاعة وفتكا بالمجتمع بأن يصبح المجتمع لا يفكر حتى مجرد التفكير في الخروج مما هو فيه..وعليه.., وكأن ذلك كله قضاءا وقدرا إلهيين لا مناص ولا سبيل من التخلص منهما، بل ومحرما فعل ذلك حتى على مستوى التفكير فيه فما بال القيام بعمل إيجابي حيال ذلك, ويصبح الإنسان فيه إنسانا مقهورا ومهدورا؛ فاقدا لذاته وذاتيته وكيانه الحقيقي وشعاعرا بالدونية المقيتة والمنحطة تجاه تلك الأنظمة..,كل ذلك يؤدي إلى أن تصبح تلك الأنظمة..في مأمن من أية ردة فعل من قبلهم تجاه ما تقوم به وتفعله بهم وتسيره بحسب أجندتها الخاصة بها وفقا لمصالحها العصبياوية الضيقة والمقيتة كيفما تشاء وتريد ومتى تشاء ذلك وتريده....

........

القراء الكرام.........

يقول سقراط :

الخوف يجعل الناس أكثر حذرا، وأكثر طاعة، وأكثر عبودية.

ويقول أرسطو :

لا تخشى من تقدمك ببطء، بل عليك الخوف من بقائك في مكانك.

ويقول مصطفى محمود :

إن الحرية لا يصنعها مرسوم يصدره البرلمان، إنها تصنع داخلنا.

......

"يتبع"