آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-08:47م

وعي الخوف (الأخيرة)

الثلاثاء - 12 مارس 2019 - الساعة 08:33 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

سادسا : كيفية معالجة ظاهرة " وعي الخوووووووووووف " :

 

القراء الكرام........

 

قلنا منذ بداية هذه السلسلة المتواضعة من منشوراتي الشخصية المتواضعة ضمن " وعي الخوووووووووووف " بأن القيام بها، تعريفا وسماتا وخصائصا ومظاهرا ومعالجة، ليس بالأمر السهل والهين والبسيط، إنما هي عملية صعبة وشاقة ومركبة وتحتاج إلى جهد كبير ومتخصصين في هذا المجال، علم الاجتماع وخاصة النفسي منه، وبقية العلوم الإنسانية الأخرى، وما أقوم به ماهو إلا محاولة بسيطة ومتواضعة جدا جدا جدا جدا وبحسب الأرضية المعرفية المتواضعة التي أدعي بأنني أمتلكها..

ووفقا لذلك ونتيجة له فإن عملية كيفية التخلص منها ومعالجتها ينطبق عليه ما أشرت إليه آنفا, لكنني سوف أحاول الإشارة إلى ذلك بقدر المستطاع.

وقبل الدخول في كيفية معالجتها والتخلص منها ومن ثم ضمان عدم تكرارها مجددًا لابد بأن أشير إلى عدة نقاط مهمة تتصل بذلك، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر وباختصار شديد وموجز، وبحسب وجهة نظري الشخصية المتواضعة وبحسب الأرضية المعرفية المتواضعة التي أدعي بأنني أمتلكها ما يلي :

 

النقطة الأولى :

إن معرفة الأسباب والعوامل التي أدت إلى أية ظاهرة من الظواهر التي تتحكم في وعي الإنسان الفرد والإنسان المجتمع، وذلك وفقا لدراسات علمية منهجية دقيقة لها ووفقا للمنهج العلمي التحليلي والواقعي المتبع في ذلك تعتبر الأساس السليم للقيام بعملية معالجة صحيحة وسليمة لتلك الظاهرة...

 

النقطة الثانية :

إنه ووفقا لقانون جدلية المقدمات والنتائج، فإن المقدمات السليمة والصحيحة تؤدي حتما إلى نتائج صحيحة وسليمة، والعكس صحيح...

 

النقطة الثالثة :

إن عملية القيام بمعالجة أية ظاهرة من الظواهر الاجتماعية..لا يمكن لها بأن تكون ناجحة ومثمرة وتعطي أكلها وتؤتي ثمارها وتينع ، إلا إذا شعر وأحس ذلك المجتمع،طبعا ليس بالضرورة كل أفراده، وخاصة النخبة...منه التي مهمتها القيام بذلك.., بالحاجة الماسة والقصوى والضرورة الحياتية الوجودية لتلك المعالجة نتيجة لشعورها وإحساسها بذلك المرض ومعاناتها منه وتوجعها..., ف"الحاجة هي وعي النقص"كما يقول الفيلسوف الألماني هيجل....

 

النقطة الرابعة :

إن نجاح أية عملية تغييرية لابد بأن تتوفر لها شروط وعوامل عديدة حتى تضمن نجاحها، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر وباختصار شديد وموجز، وبحسب وجهة نظري الشخصية المتواضعة وبحسب الأرضية المعرفية المتواضعة التي أدعي بأنني أمتلكها ما يلي :

أولا : الشعور والإحساس, وعيا ووجدانا, بالحاجة الملحة والضرورية لعملية التغيير تلك....

ثانيا : وجود رؤية واضحة لعملية التغيير تلك محددة الأهداف والغايات والمعالم الأساسية لها وذلك عبر دراسة تحليلية علمية ووفقا للمنهج العلمي التحليلي للعقبات والصعاب التي تقف أمام عملية التغيير تلك ووضع التصورات العلمية المنهجية للتغلب عليها ومعالجتها,سواء كانت تلك العقبات والصعاب داخلية أم خارجية أم كليهما معا...,تلك الرؤية متمثلة بالمشروع التغييري الحقيقي الشامل والكامل..

ثالثا : توفر ,,النخبة المنظمة,, تنظيما صحيحا وقويا, التي تأخذ على عاتقها حمل ذلك المشروع التغييري...والعمل على تحقيقه وتحويله من الإطار النظري ,,الحلم,, إلى واقع عملي معاش وملموس,, الواقع,, تكون جاهزة وقادرة على الاستفادة من اللحظة التاريخية لعملية التغيير تلك ,مخططة لها ومستعدة للقيام بها وتوجيهها الإتجاه الصحيح لها, ولن تكون قادرة على إحداث عملية التغيير تلك إلا إذا استوعبت وأدركت كل الشروط الموضوعية اللازمة لإنجاح عملية التغيير تلك وامتلكت الإرادة القوية والعزيمة الصلبة لتحقيق الأهداف والغايات لذلك المشروع ,عبر التحلي بالصبر والمثابرة والوعي الذاتي والإيمان الحقيقي الصلب والقوي بنفسها وبقدرتها على تحقيق ذلك...مهما كانت العراقيل والصعاب التي تقف أمامها.

وبدون توفر الظروف الموضوعية لعملية التغيير تلك, حاجة ملحة وماسه له ورغبة حقيقية في إحداثه ومشروعا تغييريا واضح الأهداف والغايات والمعالم من أجله و,,نخبة,, حقيقية قادرة على القيام به, ولن تكون تلك العملية التغييرية ,,عملية تغييرية حقيقية,, إلا إذا آمنت, وعيا ووجدانا قبل سلوكا, بأن الإنسان الفرد هو وسيلتها وهدفها وغايتها.

بدون ذلك تصبح أية عملية تغييرية غوغائية فوضوية تؤدي إلى مزيد من المأساي والنكبات والكوارث التي تضاف إلى ما سبقها على حياة المجتمع وتصبح عرضة وفريسة سهلة للانتهازيين الذين يتربصون بها واستغلالها لصالح أجندتهم العصبية الضيقة والمقيتة الخاصة بها, يجيرونها وفقا لتلك المصالح العصبية الضيقة والمقيتة ,ساعتئذ يصبح من الصعوبة بمكان القيام بعملية تغييرية جديدة إلا بعد وقت ليس بالقصير ,لكنه ليس بمستحيل,......

هذه بعض النقاط التي رأيت من وجهة نظريالشخصية المتواضعة بأن أشير إليها وباختصار شديد وموجز قبل الدخول في كيفية معالجتها والتخلص منها....

......

القراء الكرام......

إنه بعد أن استعرضت في المنشورات السابقة ظاهرة "وعي الخوووووووووووف" -تعريفها,أسبابها ,مظاهرها,نتائجها -بشيء من الإيجاز الشديد المتواضع,كان لزاما بعد ذلك أن يطرح السؤال التالي : ماهي المعالجات التي يجب أن تكون لتلك الظاهرة؟

وقبل ذلك كله أشرت إلى عدة نقاط مهمة يجب الإشارة إليها قبل الدخول في الآليات التي يجب بأن تتبع في سبيل القيام بتلك المعالجات لتلك الظاهرة " ظاهرة وعي الخوووووووووووف "، . وبأن تلك المعالجات ليست بالأمر السهل والهين والبسيط، إنما عملية صعبة للغاية ومعقدة ومركبة وشاقة وتحتاج إلى وقت طويل وطويل ولتضحيات جسيمة وعظيمة وعزيمة قوية وإرادة حديدية وصبرا وثباتا وإصرارا لا يعرف الجبن والخور طريقهما إليه، وقبل ذلك إلى وجود متخصصينومشتغلين في هذا المجال ومؤسسات عديدة ومتنوعة وغيرها وغيرها وغيرها وغيرها وغيرها وغيرها...إلخ.

وللقيام بتلك العملية وتحويلها إلى واقع معاش يجب بأن تتبع وتحقق وتتم عدة أشياء، منها على المستوى الشخصي للأفراد ومنها على مستوى الجمعي الإجتماعي للمجتمع عموما، منها ماهو مرحلي ومنها ماهو بعيد وطويل المدى، بحيث يمكن الإشارة إلى ذلك، على سبيل المثال لا الحصر وباختصار شديد وموجز، ما يلي :

 

أولا : الحرية ولا شيء سواها..، حيث تعتبر الحرية هي العلاج الرئيسي لظاهرة وعي الخوووووووووووف وعنوانه وماهيته، وذلك عبر القيام بعملية تجذير وعي الحرية وثقافتها وأفكارها وأقوالها وأفعالها وتصرفاتها وسلوكياتها في الوعي واللاوعي الجمعي الإجتماعي عموما والنخبوي منه خصوصا والفردي منه أولا، وذلك عبر التنشئة لذلك ابتدأ من البيت حتى قمة السلم السلطوي في المجتمع والدولة عموديا وكذلك تشمل جميع مكونات المجتمع المختلفة أفقيا....

فالإنسان الفرد الحر هو أساس بناء المجتمعات والشعوب والأمم الحرة، وعندما تنتفي تلك الحرية فإن البديل الوحيد لها هو الخوووووووووووف ممثلا ومتمثلا ب"وعي الخوووووووووووف " بكل سماته وخصائصه ومظاهره ونتائجه الكارثية والخطيرة والوخيمة المترتبة عليه....

ثانيا : تفعيل مبدأ وقانون " العدالة الانتقالية "، وذلك بغرض إنصاف الضحايا لتلك الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية التسلطية الطغيانية والشمولية، وجبر الخاطر لهم، وذلك عبر القيام بإعادة ما سلب منهم وتعويضهم التعويض المستحق عما سلب منهم وتجبير نفوسهم ونفسياتهم، ماديا ومعنويا،..

فعملية القيام بمبدأ وقانون " العدالة الانتقالية " هو من ضمن الضمانات الأساسية والرئيسية لإزالة الخوووووووووووف من قبل الضحايا..على المستوى الفردي، وهي كذلك تضمن مداواة الجروح والغبن والقهر والهدر..ومعالجة الأحقاد والثأرات الناتجة عن كل ذلك، بحيث يكون هناك ضمان حقيقي لعدم تكرار ذلك كله وخلو المجتمع من دائرة العنف والعنف المضاد، بدون ذلك يعيش المجتمع في تلك الدائرة " دائرة العنف والعنف المضاد " ويظل " وعي الخوووووووووووف " وثقافته وأفكاره مسيطرا ومتحكما...

ثالثا : تعزيز عملية الثقة المتبادلة بين الأفراد بعضهم البعض وبينهم وبين مجتمعهم وبين المكونات المختلفة للمجتمع من جهة ، وبين كل ذلك وبين السلطة القائمة من جهة أخرى، خاصة ذلك الجانب البوليسي التسلطي القمعي فيها، أجهزة ومؤسساتا ووزاراتا وقبل ذلك أفرادا ينتمون إلى ذلك الجانب البوليسي التسلطي القمعي والعاملين فيه.....إلخ.

رابعا : القيام بعمل عدة إجراءات ملموسة على أرض الواقع المعاش وذلك بهدف معالجة ظاهرة " وعي الخوووووووووووف "، سواء إجراءات خاصة تخص الأشخاص الذين تعرضوا للقمع والاضطهاد خصوصا وبقية أفراد المجتمع ومكوناته المختلفة عموما، منها على سبيل المثال لا الحصر وباختصار شديد وموجز، ما يلي :

أولا : استخدام كل وسائل الإعلام المختلفة في سبيل توعية وتنشئة المجتمع تنشئة حرية وفضح كل الأساليب القمعية التي أدت إلى تجذر وتجذير ذلك الوعي " وعي التخلف "...

ثانيا : إغلاق جميع المقرات الأمنية التي تعتبر رمزا لشيوع ظاهرة" وعي الخوووووووووووف " والسماح للأفراد بزياراتها متى ما شاءوا، بل وتحويلها إلى متاحف تتم زياراتها بما تحتويه من أدوات القمع والاضطهاد والخوف والقهر.....

ثالثا : عمل جلسات خاصة بين الضحايا وجلاديهم ،بحيث يتم الإعتذار من الثاني للأول، ومن ثم يسامح الأول الثاني ويتصالح معه...

رابعا : نشر كل التقارير والملفات الخاصة بتلك الأجهزة" أجهزة النظام البوليسية القمعية " أمام الرأي العام، بحيث يصبح الحصول عليها سهلا وميسرا لكل من يريد معرفة ماذا كتب عنه وماذا يحتوي ملفه في تلك الأجهزة الأمنية البوليسية القمعية....

هذه بعض من المعالجات النظرية والعملية التي يمكن بواسطتها معالجة ظاهرة " وعي الخوووووووووووف " وغيرها وغيرها وغيرها وغيرها وغيرها الكثير الكثير، وذلك لأنني شخصيا لا أرى نفسي مؤهلا للقيام بها وذكرها وتفصيلها جميعا،....

.........

القراء الكرام..........

إنني شخصيا أرى بأن ذلك كله وتلك المعالجات كلها لا يمكن لها بأن تكون وتتم وتحصل وتتحقق وتكون ناجحة ومثمرة وتعطي أكلها وتؤتي ثمارها وتينع، إلا بمشروع وطني ديمقراطي حقيقي تنويري حداثي شامل لكل أفراد المجتمع وفئاته ومكوناته المختلفة، دون أي تمييز بينهم على أي شكل أو نوع من أنواع وأشكال التمييز والعنصرية...

على أن يستلهم ذلك المشروع ويحتوي في طياته على كل القيم الإنسانية النبيلة والسامية سماوية كانت وأرضية,

بحيث تكون كرامة الإنسان وصون حريته وأمنه-الغذائي والنفسي والجسدي-وضمان مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة من بعده هي جوهر وغاية ذلك المشروع, وذلك وفقا لركائز وأسس وأهداف وغايات واضحة المعالم لذلك المشروع عبر معالجات قصيرة المدى وبعيده المدى لإعادة تأهيل الفرد والمجتمع.....

.........

القراء الكرام........

إنها عملية إعادة بناء الدولة المنهارة " الدولة البوليسية القمعية " دولة المخابرات " على أسس مدنية حديثة وتحديثية وصولا إلى إقامة الدولة المدنية الحديثة بركائزها الأساسية...."دولة المواطن والمواطنة "...ولا شيء سوى ذلك

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق

.........

القراء الكرام.......

#نعم-للدولة-المدنية-الحديثة

إن غدا لناظره أقرب وأفضل

دعوها فإنها مأمورة