آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-04:12م

في عمق التساؤلات

الخميس - 28 مارس 2019 - الساعة 04:51 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام..

أما بعد :

فإنه في يوم من الأيام وشهر من الشهور وسنة من السنين وعقد من العقود بل وقرن من القرون كنت شابا يافعا في بداية العشرينات من العمر أحمل هموم ليس وطني فقط بل أمتي بأكملها بعد أن تربيت على فكرها القومي كجزء أصيل من الفكر الإسلامي وحضارتها العربية الإسلامية وشابا حالما بإعادة أمجادها ومفتخرا بالإنتماء إليها ومغبونا على ما آلت إليه....

كان ذلك في نهاية العقد قبل الأخير من القرن الماضي حيث قدر لي أن أدرس الطب في إحدى الجامعات البولندية, جامعة ياجولونسكي في مدينة كراكوف كلية الطب فيها, والتي كانت من ضمن المنظومة الاشتراكية وقتئذ, عشت فترة في ظل النظام الاشتراكي لذلك البلد..

وفجأة وفي نهاية العقد قبل الأخير للقرن الماضي وبداية العقد الأخير له حدث مالم يكن في حسباني, فجأة حدث حراك التغيير في تلك البلدان ,بلدان المنظومة الاشتراكية, وسقطت كل تلك النظم الاشتراكية في تلك البلدان مكللا بسقوط رمزها ورأسها ومنظرها والراعي الرسمي لها, الإتحاد السوفيتي وقتئذ, وسقط حائط برلين وأزيل وتوحدت ألمانيا ومازالت تلك الصور التي رافقت ذلك على مستوى الواقع الذي كنت فيه ,بولندا, ثابتة في مخيلتي ,ومازال مشهد سقوط جدار برلين وتحطيمه من قبل أولئك الشبان وهو يبث مباشرة على شاشات التلفزيون مع ما رافقه من أغنية,, the wall,, ماثلا أمامي , ولم يقتصر ذلك على تلك المنظومة...بل امتدت تلك الموجة من التغيير الديمقراطي إلى باقي العالم, أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا, وتحولت فجأة تلك البلدان إلى بلدان ديمقراطية وشعر الفرد فيها بأنه عضو فاعل في بلده ومؤثر فيه وبأنه أخيرا أمتلك ذاته وذاتيته, ومع مرور الوقت تحولت تلك البلدان في القارة الإفريقية إلى بلدان ديمقراطية...وتحولت,, جمهوريات الموز ,, أو ,,جمهوريات الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية,, كما كان يطلق عليها, في أمريكا اللاتينية إلى دول ديمقراطية وسقطت كل الأنظمة الديكتاتورية العسكرية فيها وأصبحت دولا لها كيانها الخاص بها مع ما يرافق ذلك من تنمية..

كل ذلك حدث وأنا أعيشه واتفاعل معه وفي نفس الوقت عقلي ووجداني وأحاسيسي ووعي كله متجها صوب أمتي لعلي أسمع بأن هناك شيء حدث أو منتظرا لشيء سوف يحدث فيها تماشيا مع تلك الموجة الجديدة من التغيير الديمقراطي, ومرت الأيام والسنوات ولم أسمع شيئا من ذلك..

لقد أصبت بخيبة أمل كبيرة من جراء ذلك...لكن تلك الخيبة لم تفقدني الأمل بأمتي وبعدم قدرتها واستطاعتها على إحداث التغيير إلى الأفضل ,بل إن ذلك جعلني أعيد النظر في كثير من الأحلام الطوباوية التي أعيشها والنظرة السطحية التي أنظر من خلالها واتعامل وفقا لها مع الأشياء... وأنا في مقتبل عمري وجعلني أسأل نفسي واتسأل معها:

تري هل نحن أمة تعيش خارج إطار التاريخ,إن لم يكن جغرافيا فزمنيا,؟؟!!

لماذا العالم تغير ونحن لم نتغير؟؟!!

لماذا الأنظمة الشمولية سقطت في بلدان العالم الأخر ومازالت الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية التسلطية الشمولية والطغيانية تتحكم بمصيرنا كأمة ؟؟!!

هل إنساننا غير إنسانهم, هل مجتمعنا غير مجتمعهم, هل أنظمتنا...غير أنظمتهم, هل ثقافتنا غير ثقافتهم ,هل ديننا غير دينهم, ؟؟؟!!!

هل وعينا غير وعيهم؟؟!!

هل الإشكالية في طبيعة أنظمتنا..أم في طبيعة مجتمعاتنا...أم في كليهما معا؟؟!!

هل الإشكالية داخلية خاصة بنا ,كأنظمة ومجتمعات, أم هناك عوامل خارجية تمنعنا من ذلك..أم كليهما معا؟؟!!!

هل....

هل.....

هل....

هل....

بإختصار شديد وموجز:

لماذا سقطت التسلطية في العالم وبقية عندنا؟ ولماذا نجحت الثورات الاجتماعية هناك وفشلت هنا,إذ كلما حدثت ثورة اجتماعية هنا كانت نتيجتها الفشل الذريع والترحم على ما قبلها والحنين إليه وتحميلها كل أوزار تلك الأنظمة...وكل ما نحن فيه..وعليه...؟؟؟!!!

منذ ذلك الوقت وحتى الآن وأنا شخصيا مازلت أبحث عن الإجابة لكل تلك الأسئلة التي طرحتها آنفا وما منشوراتي إلا محاولة بسيطة ومتواضعة ومجزئة من ضمن تلك المحاولات...

وعليه :

فإن الإجابة على تلك الأسئلة المطروحة آنفا ووضع الحلول المناسبة لها,ليست مهمة فرد أو جماعة أو مؤسسة أو غيرها من المراكز والأبحاث في مختلف المجالات والعلوم الإنسانية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والدينية والنفسية والفلسفية...الخ لوحده, وإنما مهمتهم جميعا وبدون استثناء..

..............

#الخلاصة :

إن الحل الصحيح لأية إشكالية من الإشكاليات يتناسب تناسبا طرديا معها, فإن كانت بسيطة كان الحل بسيطا وإن كانت معقدة كان الحل معقدا وإن كانت سهلة كان الحل سهلا والعكس صحيح, وان النتائج بحسب مقدماتها, فإن كانت المقدمات صحيحة كانت النتائج صحيحة والعكس صحيح ,وإن التشخيص السليم والدقيق أساس العلاج السليم والدقيق والعكس صحيح , وإن الشعوب والأمم مهما طال أمد سباتها لابد يوما ما بأن تستيقظ وتنهض من ذلك السبات...ولن يتم ذلك إلا بالإنسان الفرد أولا ,به ومن أجله, باعتباره الوسيلة والهدف والغاية من أي تغيير......

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق