آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-10:10م

الصنمية الايدلوجية ( 3 )

الإثنين - 22 أبريل 2019 - الساعة 08:06 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام..

ثالثا : سمات وخصائص الصنمية الايدلوجية

إن لكل ظاهرة من الظواهر الحياتية المختلفة سماتها وخصائصها التي تتسم بها وتتصف، وإن لظاهرة "الصنمية الايدلوجية "سماتها وخصائصها التي تتسم بها وتتصف، لعل أبرز تلك السمات والخصائص التي تتسم بها وتتصف، على سبيل المثال لا الحصر، وبإختصارشديد هي :

أولا : اللا إنسانية واللا أخلاقية

فتلك الصنمية الايدلوجية بعيدة كل البعد عن المبادئ الإنسانية الأخلاقية النبيلة، سماوية كانت أم أرضية، فهي تتسم وتتصف بالانحياز التام لمعتنقيها والمؤمنين بها فقط، بل قد يصل الأمر بها إلا التضحية بهم في سبيل المصالح العصبية الضيقة والمقيتة لرموزها فما بلك بمن ليسوا جزءا منها، اعتناقا وإيمانا ومشاركة ومساهمة،...

ثانيا : القدسية والتقدسية

وذلك نتيجة طبيعية وحتمية وانعكاسا حقيقيا وطبيعيا لتلك الصنمية..ووفقا لها وعلى أساسها، فهي تحيطها بهالة قدسية وتقديسية وتعتبر من لم يشاركها ذلك كافرا بها، دينيا كان ذلك الكفر أم غير دينيا، بما يتوجب على ذلك من نظرة نمطية سلبية تجاه الآخر المغاير بكل سماتها وخصائصها ومظاهرها....

ثالثا : الجمودية والتحجر

فهي جامدة ومتحجرة في نظرتها إلى نفسها بالمقام الأول، نصوصا وأفكارا وثقافة وآراء، غير متحررة ومرنة وقابلة للتغيير والتغير وفقا لما يقتضيه تطور المجتمعات البشرية، وهي بهذا تكون قد حكمت على نفسها بالزوال والفناء........

رابعا : الاستعلائية والشوفينية

فهي تنظر إلى الآخر المغاير نظرة استعلائية شوفينية متعصبة ولا تعترف به وبوجوده وبأحقيته في ذلك اصلا...

خامسا : الاقصائية والابعادية

فهي ترى نفسها ولنفسها الأحقية فيما تفعله..وتقوم به..ونتيجة طبيعية وحتمية لعدم اعترافها بالآخر المغاير، فإن ذلك يشرعن لها..إقصائه وإبعاده، ليس من المشاركة معها في الإنسانية، بل إلغاء وجوده المادي الجسدي والنفسي...

سادسا : الاحتكارية والاختزالية

فهي تقوم ومن خلال ما تعتقده وتؤمن به بعملية إحتكار ية واختزالية لكل ماهو متوفر وموجود تحت سيطرتها، فهي تختزل الدين والعقيدة والمذهب والحزب وكذلك الوطن والأمة بأرضها وبإنسانها لصالحها فقط وعدم مشاركة الآخر المغاير في ذلك،وإن حدث ذلك يكون من باب الصدقة والتفضل والتكرم منها تجاهه.....

سابعا : التآمرية

فهي ترى بأن من يقف ضدها ويناهضها كائنا من كان حتى ولو كان منتميا إليها؛ فإنه يتآمر على الدين وعلى العقيدة وعلى المذهب وعلى الحزب وعلى الطائفة...وعلى الوطن ممثلا ذلك بالتآمر عليها، فهي كل ذلك وأكثر....

ثامنا : الماضوية

فهي ماضوية في وعيها وأفكارها وثقافتها وأقوالها وأفعالها وتصرفاتها وسلوكياتها ونظرتها إلى الحياة برمتها، غير قادرة على تجاوز ذلك والتخلص منه، وغير مدركة لقانون تطور المجتمعات البشرية ومستوعبة له....

تاسعا : التبريرية

فهي تبرر كل عمل لا إنساني وغير أخلاقي تقوم به تجاه الآخر المغاير..بمبررات خاصة بها تجاه بعض ممن ينتمون إليها وغير راضين عما تفعله وتقوم به؛ وتجاه الآخر المغاير الذي ينتقدها، بل أنها ترى ذلك واجبا عليها القيام به، جراءذلك.,وهي في حالة فشلها وبدلا من أن تقوم بمراجعة نفسها وتقييم أدائها تقييما منهجيا علميا..تقوم بتبرير ذلك وتحميلة على الآخرين....

وغيرها وغيرها وغيرها من تلك السمات والخصائص التي تتسم بها وتتصف....

......

القراء الكرام.....

إن تلك السمات والخصائص التي تتسم بها تلك الصنمية الايدلوجية وتتصف ممثلة بذلك الوعي الصنمي الايدلوجي الذي شكل وتشكل وفقا لتلك السمات والخصائص وفي إطارها وعلى أساسها،لا يمكن لها إلا أن تكون قاتلة للعقلية الحرة والتفكير الحر ،فتلك العقلية تصبح عقلية جامدة ومتحجرة ومنغلقة ومتقوقعة، رافضة وغير قابلة لأي مظهر من مظاهر التجدد والتغيير والتطور والإبداع، متماهية تماماً مع تلك الصنمية..ومتناغمة معها ومتناسقة، تقف وبكل قوة ضد أية عملية تغييرية من شأنها اعلا قيمة العقل وفضيلة التفكير الحر وقاتلة للعقل النقدي،إذ لا يمكن للعقل النقدي والتفكير الحر أن يوجد وينشأ في بيئتها"بيئة الصنمية الايدلوجية "، تغذي الجهل والتخلف والتطرف والتعصب والغلو وتجذر الصورة النمطية السلبية تجاه الآخر المغاير ، تقدس غير المقدس ولا تقدس المقدس، تبجل غير المبجل والعكس، ترضى بما هي فيها...وعليها..، تشعر بالاطمئنان والسكينة والراحة فيما تعتقده وتؤمن به، ليس قناعة به وإنما هروبا من تحمل تبعات العقل النقدي والتفكير الحر عند بعض المؤمنين بها...، وهي بهذا كله تقف ضد السنن الإلهية الكونية في التطور والتجدد والتجديد والتغير والتغيير للمجتمعات البشرية وتمثل كارثة إنسانية حقيقية على الفرد والمجتمع والوطن والأمة والعالم أجمع وخطرا حقيقيا..، تحمل بذرة زوالها وفنائها في داخلها طال الزمن أم قصر....

.....

الخلاصة :

إن الصنمية الايدلوجية بكل سماتها وخصائصها تلك وبكل مظاهرها تعتبر الكارثة الحقيقية على الإنسان الفرد والإنسان المجتمع والإنسان الوطن والإنسان الأمة والإنسانية جمعاء والخطر الجسيم والحقيقي الذي يهدد الإنسان والإنسانية أينما وجدت وحيثما نمت وترعرعت وازدهرت....

قال تعالى في كتابه الكريم على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام يدعو ربه:

(..واجنبني وبني أن نعبد الأصنام )

صدق الله العظيم

وقال الفيلسوف الفرنسي فولتير :

إن الذين يجعلونك تعتقد بما هو مخالف للعقل، قادرون على جعلك ترتكب الفظائع.

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق

الصنمية الايدلوجية ( 2 )

"يتبع"