آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-05:00ص

الصنمية الايدلوجية (6)

الخميس - 25 أبريل 2019 - الساعة 05:05 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام....

سادسا : كيفية الخروج من الصنمية الايدلوجية

إنه وقبل الدخول في طرح رؤيتـــــــي الشخصية المتواضعة حول كيفية الخروج والتخلص من الصنميةالايدلوجية لابد لي بأن أشير هنا إلى عدة نقاط، وذلك حتى تتضح الصورة والرؤية أمام المتابعين لصفحتي الشخصية المتواضعة، تلك النقاط هي :

أولا : إن ما أطرحه هنا في هذا الموضوع خصوصا وفي بقية منشوراتي الشخصية المتواضعة عموما وعلى هذه الصفحة الشخصية المتواضعة، إنما يعبر عن وجهة نظري الشخصية المتواضعة ونتيجة لما أدعيه من معرفة متواضعة وقبل ذلك نتيجة لما أعانيه شخصيا مما نحن فيه..وعليه..كأمة...

 

ثانيا : أنني شخصيا ومن وجهة نظري الشخصية المتواضعة وبحسب الأرضية المعرفية المتواضعة التي أدعي بأنني أمتلكها ونتيجة لما أشاهده وأراه لما آلت إليه مجتمعاتنا العربية وأمتنا عموما ولما آلت إليه المشاريع الحضارية التي حاولت إخراجها مما هي فيها..وعليها..ممثلة بما يسمى ب " النخبة.." خصوصا، فإنني أرى بأن السبب الرئيسي في ذلك كله هو سيطرة وتحكم " وعي التخلف " و " وعي الظلامية " على وب"العقلية الجمعية المجتمعية عموما والنخبوية منه خصوصا،وبناء على ذلك ونتيجة لذلك ووفقا له فإن أي حل سليم وصحيح للخروج مما نحن فيه..وعليه..كأمة لابد بأن يبدأ من هنا،أي من تغيير ذلك الوعي' " وعي التخلف " و " وعي الظلامية " ' وذلك عبر القيام بثورة تنويرية تحديثية وحداثية تستهدف بالمقام الأول ذلك الوعي"وعي التخلف " و " وعي الظلامية " '، تلك العملية التغييرية لابد بأن تستهدف أولا تلك النخب..التي مهتما الأساسية هي القيام بتلك العملية وتحويلها إلى واقع معاش في الوعي واللاوعي الجمعي الإجتماعي عموما..وبأن تلك النخب..لا يمكن لها بأن تقوم بذلك مالم تتخلص قبل غيرها من سيطرة وتسلط واستبداد واستعباد وطغيان ذلك الوعي"وعي التخلف " و " وعي الظلامية " بكل سماتهما وخصائصهما ومظاهرهما، وعيا قبل سلوكا، قولا قبل عملا، عندئذ فقط تستطيع تلك النخب...أداء رسالتها التنويرية التحديثية والحداثية المناطة بها والقيام بها، مالم يكن ذلك فإننا سوف نظل في حلقة مغلقة من "وعي التخلف " و " وعي الظلامية " ولن ينتج أي عمل نقوم به إلا مزيدا من ذلك الوعي"وعيالتخلف " و " وعي الظلامية " ' وسوف نكون عندئذ وحينئذ وساعتئذ ووقتئذ قد جانبنا الطريق الصحيح والسليم للخروج مما نحن فيه..وعليه..كأمة.

بمعنى آخر أعم وأشمل ومختصر :

إن الصراع يجب بأن يكون بين مشروعين واضحين هما" مشروع التخلف والجهل" ممثلا ب" وعي التخلف " و " وعي الظلامية " بكل سماتهما وخصائصهما ومظاهرهما وبكل شخوصهما ورموزهما وقواهما وأنظمتهما، وبين " مشروع التنوير والحداثة والتحديث" ممثلا ب" وعي التنوير " و "وعي الحداثة " الذي تحمله تلك النخب...

 

ثالثا : أعرف وأدرك و أعي شخصيا بأن القيام بتلك العملية " عملية التحرر والتخلص من "وعي التخلف " و " وعي الظلامية " ومن ثم الوصول إلى "وعي التنوير " و " وعي الحداثة "، ليس أمرا سهلا وبسيطا وليست الطريق المؤدية إليه مفروشة بأرقى أنواع السجاد والمخمل، إنما هي عملية صعبة وشاقة للغاية والطريق المؤدي إليها ملغوما وملغما بكل أنواع المخاطر، وقد يفقد من يحاول السير فيه حياته دون أن يعيره أحد الاهتمام أو ينتبه إليه، بل الأدهى من ذلك كله والأمر بأن تجد من يتشفى به، أو قد ينظر إليه باعتباره مجنونا ويحمل حلما طوباويا بعيدا كل البعد عن الواقع المعاش...

 

رابعا : إن قانون التطور والتغير والتغيير والتبدل والتبديل والحل والاحلال للمجتمعات البشرية يعتبر قانونا حتميا ووفقا للسنن والقوانين الإلهية ونواميس الكون، سواء كان ذلك في الإتجاه الإيجابي أو الإتجاه السلبي، فمادام الإنسان موجودا على هذه البسيطة فليس هناك شيء مستحيل، وبأنه ما دام الإنسان الفرد تواقا إلى الأفضل والاحسن والأجمل في حياته وباحثا عن ذلك وساعيا إليه، فالإنسان هو الإنسان أينما حل وارتحل وكيفما كان وأصبح،  وما دام أن هناك مجتمعات وشعوب وأمم استطاعت الحصول على ذلك الأفضل والأجمل والاحسن، وكانت أكثر تخلفا وجاهلية وجهلا منا، فإننا حتما سوف نصل إلى ما وصلت إليه الآن...

ذلك كله يتوقف على مدى إحساسنا وشعورنا بالحاجة إلى ذلك التغيير...

ف"الحاجة هي وعي النقص"كما يقول الفيلسوف الألماني هيجل.

 

القراء الكرام......

 

تحدثنا في ممقالات سابقة عديدة عن وعي التخلف وعن وعي الظلامية وعن الإشكاليات العديدة والمتنوعة التي تعاني منها العقلية العربية الحاضرة, ومنها إشكالية الصنمية عموما والصنمية الايدلوجية هنا خصوصا، وتحدثنا كذلك عن المفاهيم الخاطئة والمقلوبة في حياتنا اليومية والتي شكلت ذلك الوعي..وما نتج عنها وتحدثنا عن بعضها, وخلصنا أخيرا إلى أننا في أمس الحاجة إلى ثورة فكرية تنويرية وحداثية تخرجنا جميعا كأمة, أفرادا وجماعات ومجتمعات وشعوب, مما نحن فيه...وعليه...وبأن مهمة القيام بها في الدرجة الأولى تستدعي وتتطلب وجود نخبة ما...يقومون بها, بشرط أن تشعر تلك النخبة وتحس بالحاجة الماسة والضرورة القصوى لها, وعيا ووجدانا, ومن ثم القيام بها بما يتطلبه ذلك من توفر للظروف الموضوعية لذلك ,ذاتية خاصة بتلك النخبة..وغير ذاتية خاصة بالآخر المعني بالأمر من تلك الثورة الفكرية التنويرية والحداثية,.

وعليه :

فإن معالجة تلك الصنمية الايدلوجية لا يمكن لها بأن تكون وتتم وتحصل إلا في إطار المعالجة الشاملة لذلك الوعي( " وعي التخلف " و " وعي الظلامية ") وذلك عبر القيام بثورة فكرية تنويرية وحداثية تستهدفهما وتحولهما إلى " وعي التنوير " و " وعي الحداثة "...

وذلك عبر القيام بتفكيكهما" عملية تفكيك الوعي.."....

 والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :

من أين تبدأ تلك الثورة الفكرية التنويرية والحداثية؟ ومن أين تبدأ تلك العملية " عملية تفكيك الوعي.."؟

من وجهة نظري الشخصية المتواضعة وبحسب الأرضية المعرفية المتواضعة التي أزعم بأنني امتلكلها, فإنني شخصيا أرى بأن البداية لتلك الثورة...لابد أن تكون في الأساس وتقوم على ,,تفكيك ذلك الوعي,, واللاوعي الجمعي الاجتماعي عموما والنخبوي منه على وجه الخصوص عبر القيام بسلسلة من العمليات التفكيكية المتتالية والمتتابعة مع مراعاة الظروف الموضوعية لما يترتب على تلك العملية التفكيكية وما ينتج عنها, وقبل كل ذلك وجود البديل القادر على الإحلال محلها.

بمعنى أن تكون عملية تفكيكية وعملية إحلالية ترافقها وتكون بديلة لها, في نفس الوقت. بحيث تشكل أخيرا ,,وعيا تنويريا,, عبر سلسلة من العمليات المتتالية والمتتابعة ل,, تنوير الوعي,,.

ويمكن القيام بذلك عبر وبواسطة وسيلتين هما:

 

الوسيلة الأولى :

تفكيك القدسيات الزائفة :

وذلك عبر القيام بتفكيك قداسة العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية, تلك العادات والتقاليد والأعراف التي اكتسبت قدسيتها تلك من خلال تجذرها في الوعي الجمعي الاجتماعي عبر قرون من الزمن وانتقلت من جيل إلى آخر وتوارثت عبر الأجيال المتلاحقة دون أن يلتفت إليها أحد, لا بالنقد الإيجابي أو السلبي, مما جعلها أخيرا تكتسب قدسيتها تلك وتدخل في خانة المقدسات وينظر إليها من خلال تلك القدسية , وينظر إلى من يحاول المساس بها ,إما بالنقد أو المناقشة حولها أو حتى مجرد التفكير في ماهيتها ومصدرها وأثرها.., باعتباره مس قدسيتها تلك بما يترتب على ذلك من عقوبات... عليه.

وما كان لها بأن تكون كذلك لولا الاستغلال السيء للمعتقدات الدينية لأفراد المجتمع ,عبر ربط تلك القدسية بقداسة المعتقد باعتبارها جزءا منه ومكونا أساسيا من مكوناته ومن خالفها يعتبر مخالفا لذلك المعتقد الديني بما يترتب على ذلك من آثار على من يقوم بذلك وبما ينتج عنه...

 

الوسيلة الثانية:

تفكيك المفاهيم والمصطلحات الخاطئة والمقلوبة في الوعي الجمعي الاجتماعي :

تلك المفاهيم والمصطلحات الخاطئة والمقلوبة التي شكلت الوعي الجمعي الاجتماعي عبر قرون والتي تحولت مع مرور الزمن وبفعل عوامل عديدة ومتنوعة, لعل أبرزها وأهمها هي تلك العوامل الاستبدادية والاستعبادية والتسلطية والطغيانية من قبل تلك السلطات الاستبدادية.....الخ المتعاقبة عبر التاريخ وحتى يومنا هذا وذلك لكي تحافظ على بقائها واستمراريتها وديمومتها, وإن من أخطر الأمور التي أدت إلى تفاقم أمرها والرضى بها والقبول وحتى التسليم بها باعتبارها قضاء وقدرا إلهيا لا مجال للإنفكاك عنها أو رفضها وفما بال معارضتها ومجابهتها ومقاومتها والتصدي لها, كل ذلك ما كان له بأن يحدث ويصير لولا الشرعنة الدينية لتلك الأعمال والتصرفات من قبل تلك السلطات...والذي كان لفقهاء السلطات والسلاطين الدور المهم والأساسي في ذلك.بحيث أصبح مجرد التفكير بمحاولة تصحيح تلك المفاهيم والمصطلحات الخاطئة والمقلوبة ومحاولة إعادتها إلى المسار الصحيح لها أمرا غير مقبولا بل ومرفوضا ليس من قبل تلك السلطات...التي ترى في ذلك خطرا جسيما يهدد بقائها ووجودها, إنما كذلك من قبل معظم المعنيين بالأمر من العامة ومن فئة ليست بالقليلة مما تسمى النخبة...,وذلك بفعل ,,وعي التخلف,, و,,وعي الظلامية,, المسيطر عليهم والمتحكم بهم, وعيا وفكرا وعقلا, سلوكا وعملا,....

............

#الخلاصة :

إن كل إنجاز عظيم ونبيل يبدأ بحلم عظيمونبيل، وكل حلم عظيم ونبيل يولد فكرة عظيمةونبيلة، وكل فكرة عظيمة ونبيلة تشكل وعيا عظيماونبيلا، وكل وعي عظيم ونبيل ينتج سلوكا عظيما ونبيلا، وكل ذلك لا يمكن له بأن يكون ويحصل ويتم وينجز إلا بالإنسان الفرد باعتباره وسيلته وهدفه وغايته...

" وهكذا فإن كل شيء يبدأ بالإنسان ".

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق

الصنمية الايدلوجية (5)