آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-05:57م

في عمق ظاهرة "متلازمة استوكهولم"

الخميس - 25 يوليه 2019 - الساعة 01:51 ص

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام....

إن الإنسان المقهور والمهدور من قبل الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية التسلطية والطغيانية ممثلة برموزها وأجهزتها القمعية , والمتماهي بها, أفرادا ونخبا, والتي تحكمت به عبر فترات زمنية طويلة, ومع مرور الزمن القمعي وشدة وطأته عليه ,يصاب بأمراض نفسية عديدة, لعل من أبرزها وأهمها وأكثرها خطورة على الفرد ومن ثم المجتمع, أفرادا ونخبا, هي,, ظاهرة متلازمة ستوكهولم,,.

 

تلك المتلازمة التي تعرف بأنها ( ظاهرة نفسية التي تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المخطوف مع المُختَطِف. وتسمى أيضاً برابطة الأسر أو الخطف وقد اشتهرت في العام 1973 حيث تظهر فيها الرهينة أو الاسيرة التعاطف والانسجام والمشاعر الايجابية تجاه الخاطف أو الآسر، تصل لدرجة الدفاع عنه والتضامن معه. هذه المشاعر تعتبر بشكل عام غير منطقية ولا عقلانية في ضوء الخطر والمجازفة التي تتحملها الضحية، إذ أنها تفهم بشكل خاطىء عدم الاساءة من قبل المعتدي احساناً ورحمة. وقد سجلت ملفات الشرطة وجود متلازمة ستوكهولم لدى 8% من حالات الرهائن.

ويمكن اعتبار متلازمة ستوكهولم كنوع من الارتباط الذي له علاقة بالصدمة، ولا يتطلب بالضرورة وجود حالةخطف، فهو ترابط عاطفي قوي يتكون بين شخصين أحدهما يضايق ويعتدي ويهدد ويضرب ويخيف الآخر بشكل متقطع ومتناوب.

 

الأسباب :

إحدى الفرضيات التي تفسر هذا السلوك، تفترض ان هذا الارتباط هو استجابة الفرد للصدمة وتحوله لضحية. فالتضامن مع المعتدي هو إحدى الطرق للدفاع عن الذات. فالضحية حين تؤمن بنفس افكار وقيم المعتدي فان هذه الافكار والتصرفات لن تعتبرها الضحية تهديدا أو تخويفا.

أطلق على هذه الحالة اسم "متلازمة ستوكهولم" نسبة إلى حادثة حدثت في ستوكهولم في السويد حيث سطا مجموعة من اللصوص على بنك كريديتبانكين Kreditbanken هناك في عام 1973، واتخذوا بعضاً من موظفي البنك رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفياً مع الجناة، وقاموا بالدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم.

 

السمات العامة:

لكل متلازمة اعراض وسلوكيات تميزها، ولعدم الاتفاق على قائمة متكاملة من الأعراض لاختلاف آراء الباحثين والمتخصصين، لكن بعض العلامات لابد من تواجدها ضمن متلازمة ستوكهولم مثل:

المشاعر الايجابية تجاه المعتدي المتسلطالمشاعر السلبية للضحية تجاه العائلة أوالاصدقاء أو من يحاول إنقاذهم أو الوقوف بجانبهم.دعم وتأييد سلوك وتفكيرالمعتديالمشاعر الايجابية للمعتدي تجاه الضحيةسلوكيات ساندة للمعتدي من قبل الضحية واحياناً مساعدة المعتديعدم القدرة على المشاركة في أي سلوك يساعد على تحرير الضحية أو فك ارتباطها.)

.........

وعليه :

فإن هذه الظاهرة,, ظاهرة متلازمة ستوكهولم,, ليست خاصة بالأفراد الذين وقعوا تحت تأثيرها فقط, وإنما تشمل تلك المجتمعات الواقعة تحت سيطرة الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية التسلطية الشمولية والطغيانية, أفرادا كانوا أم نخبا,

  إذ أنه  (على صعيد المجتمع، يمكن ملاحظة هذا التأثير في الأنظمة القمعية، عندما لا تملك السلطة شرعيتها من أغلبية الشعب، فتصبح وسيلة الحكم القمعية ضاغطة على افراد المجتمع، ولمدة طويلة، يطور خلالها الافراد علاقة خوف من النظام، فيصبح المجتمع ضحية النظام، ويدرك النظام هذه الحالة مع الوقت، حتى يتقن لعبة ابتزاز المجتمع. فيعتاد الشعب على القمع والذل لدرجه تجعله يخشى من التغيير حتى وإن كان للأفضل ويظل يدافع عن النظام القمعى ويذكر محاسنه القليله جدا دون الإلتفتات إلى مظاهر القمع والفساد الكثيرة.)

..........

#الخلاصة :

يقول الفيلسوف الفرنسي, جان بول سارتر, :

كم أكره الضحايا الذين يحترمون جلاديهم.

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق

..........

 

#نعم-للدولة-المدنية-الحديثة

إن غدا لناظره أقرب وأفضل

دعوها فإنها مأمورة