آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-02:18ص

في عمق الاعطية المشبوهة

الأربعاء - 18 سبتمبر 2019 - الساعة 08:25 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام.......

ليكن معلوما :

بأن من نذر نفسه لخدمة مجتمعه وشعبه وأمته خدمة حقيقية مجردة من كل المصالح الشخصية الضيقة، لا يمكن له بأن يفعل ذلك فعلا ذاتيا مستقلا، خاصة في تلك المجتمعات والشعوب والأمم المتخلف والجاهلة والتي تسيطر عليها وتتحكم بها وتسيرها تلك الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية التسلطية الطغيانية والشمولية ( أنظمة العصبيات الضيقة والمقيتة)، وتتجذر فيها ثقافة الفساد ووعيه وتسود فيها منظومة القيم السلبية ( اللأخلاقية) وتصبح سلوكا يوميا مقبولا ومرحبا به من قبل غالبية أبناء المجتمع ونخبه.., ويصبح الشريف فيها ساذجا واهبلا ومنبوذا، والفاسد حاذقا وشاطرا ومرحبا به بل وقدوة يقتدى به من قبل الآخرين ويسيرون على نهجه ويغنون مواله، ويصبح القرب والبعد من تلك الأنظمة...والنيل والحصول من مكارمها ومغانمها وثرواتها أو الحرمان من ذلك مرهونا بمدى ذلك القرب وذلك البعد منها....إلخ

.........

القراء الكرام.......

 أقول إن ذلك الفرد ووفقا لتلك الأرضية المذكور بعضا من صفاتها آنفا، لا يمكن له بأن يقوم بذلك على أحسن وجه وانزه سيره، وهو :

# يتوسل إليها توسلا مخزيا ويستجديها بغرض الحصول على جزء ولو بسيط من تلك الغنائم وتلك الثروة، إما عبر منصب يوكل إليه أو هبة مالية تعطى له أو هدية ثمينة تهدى له( رشوة)...إلخ، وحتى إذا أعطي له شيء من ذلك وقبلها دون أن يطلب منه أي شيء مقابل ذلك؛ فإنما يكون قد وضع نفسه بقبول ذلك..أو تلك..في وضع وموضع لا يحسد عليه أمام من يرون فيه المنقذ والمخلص لهم؛ ويكون بطبيعة الحال غير مدرك لطبيعة تلك الأنظمة...وهباتها ورضاها عنه وعن الغير من أمثاله، وبأن تلك الأنظمة...لا تعطي دون مقابل مهما كان ذلك المقابل المطلوب من المعطى له، إما تأدية خدمة لها أو حرقا نفسيا واجتمعاعيا للمعطى له....

.........

القراء الكرام........

إن من يتقبل أو يسعى للحصول على ذلك.., سواء من قبل أي نظام من تلك الأنظمة..أو من أحد رموزها أو من قبل أي كيان أو فرد يدور في فلكها أو حتى معارضا لها والتي تتحكم بهم وتسيطر عليهم وتسيرهم جميعا(سلطة ومعارضة) المصالح العصبية والشخصية الضيقة والمقيتة، يكون قد أخل بالشرط الأساسي للقيام بمهمته تلك.., وفقد الإستقلالية الذاتية له ودنسها بتلك العطية وتلك الاعطية، ويكون قد وضع نفسه بذلك..وبتلك في وضع يصعب عليه التراجع عنه والعودة إلى سيرته الأولى..., مهما برر لنفسه من أن ذلك حق من حقوقه؛ فالحقوق لا توهب..ولا تستجدى.., إنما تنتزع....

.......

القراء الكرام.....

أعود وأقول مرة أخرى :

إن أي فرد يقبل بأية ولأية أعطية أو إكرامية أو ما شابه ذلك من قبل فرد أو جماعة أو فئة أو حزب أو نظام...إلخ، لها أجندتها الخاصة بها البعيدة كل البعد عن المشروع الوطني الحقيقي، يكون قد وضع نفسه في موضع ووضع وموقف وحالة أمام نفسه وأمام الغير....لا يحسد عليهم، مهما كانت المبررات والمسوغات والاحاجي والاحجيات التي تبرر وتسوغ بها ذلك...، ومهما كانت الظروف الصعبة التي يعيشها...، ومهما كانت النيات للمعطي لها...والأهداف التي يرجو الوصول إليها والحصول عنها منه جراء ذلك...

وحتى إذا افترضنا حسن النية لديه جراء قبوله ذلك؛ فإننا لن نفترض حسن النية لدى المعطي لها؛ وإذا افترضنا ذلك وصدق ذلك الافتراض فإن تلك العطية والاعطية لا يمكن تصنيفها إلى من باب الصدقة من قبلهم عليه، وتلك والله هي الطامة الكبرى التى حلت به وعليه والعيب الأسري والاجتماعي والنضالي...إلخ، الذي حل به وأصابه...؛ ومنة سيظلون يمنون عليه بها ماعاشوا جميعا....

.........

القراء الكرام......

يقول أحدهم :

الأشجار تموت واقفة ، وإن ماتت واقفة فقد تركت أوراقها في الأرض ليستديم عطاؤها ....

ويقول المثل : ليس الخروج من الحمام مثل الدخول إليه....

..........

القراء الكرام.......

إنها الاعطية المشبوهة.....

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق

........

القراء الكرام.......

#نعم-للدولة-المدنية-الحديثة

إن غدا لناظره أقرب وأفضل

دعوها فإنها مأمورة