آخر تحديث :الثلاثاء-16 أبريل 2024-01:52م

في عمق صنمية الأطر

الجمعة - 20 سبتمبر 2019 - الساعة 05:53 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء والمتابعين الكرام....
تحدثنا سابقا, وعبر هذه الصفحة الشخصية المتواضعة وكذلك عبر هذا الموقع الإخباري, موقع "نافذة اليمن", حول الصنمية الايدلوجية، تعريفا وسماتا وخصائصا ومظاهرا وكيفية التخلص منها والخروج، وذلك كمظهر من مظاهر الصنمية التي تعاني منها العقلية العربية الحاضرة كجزء أصيل من تلك الأشكاليات العديدة والمتعددة والمتنوعة التي تعاني منها تلك العقلية العربية الحاضرة عموما والنخبوية منها على وجه الخصوص...
وأحب في هذا السياق بأن أشير إلى صنمية مهمة من وجهة نظري الشخصية المتواضعة، وهي تلك الصنمية التي يعاني منها أولئك الايدلوجيون الصنميون الذين يشكلون وفقا لتلك الصنمية الايدلوجية مجموعة محددة ومحدودة تمثل شكلا تنظيميا أو سياسيا أو حزبيا , ينتمون إلية ويناضلون من خلاله وبواسطته في سبيل الوصول إلى تلك الأهداف والغايات المطروحة من قبلهم وفقا لتلك الايدلوجية.., تلك الصنمية أسميها أنا شخصيا ب" صنمية الأطر.."، تلك الأطر., تسمية وأسماء وأشكالا وأنظمة داخلية ولوائحا داخلية ومؤتمراتا، التي تعتبر في الأساس وسيلة محددة للوصول إلى تلك الأهداف والغايات المرجوة من تلك الايدلوجيات..، بحيث أن أي تطور في الحياة العامة للمجتمع عموما والسياسية منها على وجه الخصوص، لابد بأن ينعكس ذلك على تلك الأطر...تطورا معها وتماشيا مع الظروف الجديدة التي فرضتها ومع متطلبات المجتمع قبل ذلك وهو الأساس، بحيث يشمل ذلك إما تغيرا وتغييرا في الأسم أو الشكل أو النظام الداخلي واللوائح الداخلية لتلك الأطر..، وذلك إذا حدث في تلك الأطر...إنما يعتبر دليلا حيا على حيويتها ودينماكيتها والروح الحية المتجددة فيها، وليس عيبا أو نقصا أو انتكاسة أو ردة...
ونحن كما قلنا سابقا بأن الصنمية الايدلوجية بكل سماتها وخصائصها ومظاهرها، هي التي تسيطر وتتحكم في العقلية العربية الحاضرة.., فإننا إذا نظرنا وبعمق إلى تلك الأطر..الممثلة لتلك الصنمية الايدلوجية..والمعبرة عنها لوجدنا بأن المنتمين إليها جميعها وجميعا،إلا ما ندر، يعانون من صنمية أخرى بالإضافة إلى الصنمية الايدلوجية ، ألا وهي صنمية الأطر...تلك، بحيث تشترك تلك الصنمية "صنمية الأطر.." مع الصنمية الايدلوجية في كثير من السمات والخصائص...إلخ، فمهما تغيرت الظروف والأحوال وتبدلت الحياة السياسية للمجتمع وتحولت من حياة سياسية حزبية سلبية " سرية " بما لها من خصوصيات خاصة بها،سواء من حيث التسمية أو الشكل أو الإطار أو الهيئة أو النظام الداخلي واللوائح الداخلية..إلخ، إلى حياة سياسة إيجابية "علنية " بما تتطلبه وتفرضه من تغير في ذلك فيما يتوافق ويتناسب ويتناغم مع المرحلة السياسية والحزبية الجديدة القائمة على الإيجابية "العلنية " والتعددية السياسية والحزبية..،ذلك التغير والتغيير إما أن يشمل الأسم أو الشكل أو الإطار...إلخ.
مع العلم بأن المنتمين إلى تلك الأطر..في ظل الحياة السياسية والحزبية الإيجابية "العلنية " يختلفون إختلافا كليا بل وجوهريا عن أولئك المنتمين إليها أثناء الحياة السياسية والحزبية السلبية "السرية " وذلك في كثير من الأشياء لا يتسع المجال هنا لذكرها وتفصيلها...
لكن ما يهم هنا بأننا نلاحظ بأن صنمية الأطر...، عبر التمسك الشديد والقوي بأسمائها أو أشكالها أو نظمها الداخلية ولوائحها....إلخ، وعدم التفريط بها والدفاع المستميت في سبيل ابقائها على ما هي عليها..وفيها..، وكأن أية محاولة في سبيل التغيير من ذلك...تعتبر خيانة عظمى لتلك الأطر..وانقلابا عليها وتعديا على قدسيتها ونيلا جسيما منها...إلخ.
أقول :
إن ذلك كله تجده متجذرا ومتأصلا عند أولئك الذين انتموا إلى تلك الأطر...في ظل الحياة السياسية والحزبية السلبية "السرية" بما فرضته عليهم من تربية ايدلوجية خاصة وفقا لها، وبما شكلته من وعي ايدلوجي لديهم متمثلا ب " الوعي الصنمي الايدلوجي "...
تلك الصنمية "صنمية الأطر.." ليست خاصة بصنمية الأسم أو الشكل أو الإطار أو الهيئة أو النظام الداخلي واللوائح الداخلية..إلخ، إنما تتمثل كذلك ب " صنمية القيادة!!!" وهنا تكون الكارثة الحقيقية والطامة الكبرى والمصيبة العظمى على تلك الأطر..
يتمثل ذلك من خلال الرفض التام لأي توجه ما من شأنه إشراك الشباب في تلك القيادة، بل عدم النظر إليهم وعدم محاولة تأهيلهم التأهيل الجيد والتدريب المهني السياسي الحزبي لكي يكونوا في يوم ما فاعلين وفعالين في قيادة تلك الأطر..، بل ومحاربة أي توجه شبابي يسعى لذلك..واتهامه بتهم جاهزة سلفا, الخيانة ومحاولة تفكيك تلك الأطر., بعضا من أمثلة ذلك...
بل الأكثر فداحة من ذلك كله أن تجد تلك الصنمية " صنمية الأطر.." متجذرة وتصل إلى مرحلة القداسة والقدسية عند أولئك الذين يعتبرون ضحايا تلك الأطر...ممن ينتمون إليها، طبعا لذلك أسباب وعوامل عديدة ومتنوعة لعل من أهمها وأخطرها أن ذلك الحزب وتلك الايدلوجية وذلك الإطار أصبح يمثل بالنسبة لهم,وفي ظل غياب الدولة المدنية الحديثة بركائزها الأساسية...وسيطرة الدولة التقليدية "دولة العصبيات الضيقة والمقيتة..."أصبح ذلك الحزب وتلك الايدلوجية وذلك الإطار يمثل عصبية ضيقة ومقيتة جديدة تضاف إلى تلك العصبيات...الموجودة,وأصبح " عصبية من لا عصبية له "...
وعليه :
فإن صنمية الأطر..., أسماء أو أشكالا أو نظما ولوائحا داخلية..إلخ، لا تقل أهمية عن الصنمية الايدلوجية في مدى تحكمها وسيطرتها على العقلية العربية الحاضرة النخبوية منها على وجه الخصوص، بما لذلك من آثار خطيرة ووخيمة ونتائج كارثية على تلك النخبة.., وبما تحمله من خطورة حقيقية على الحياة السياسية والحزبية وعلى التعددية السياسية...ومصيرها ومستقبلها...
فعندما تجتمع صنمية الأطر..مع الصنمية الايدلوجية في وعي الفرد أو الجماعة أو الفئة أو الطائفة أو الحزب...إلخ، فإن ذلك يكون الأدهى من ذلك كله والأمر والأشد فظاعة وفتكا بتلك العقلية الحزبية والمجتمعية....
وبأنه لا يمكن التخلص والخلاص منها والتحرر والتحرير من ذلك والخروج منه إلا بالقيام ب " عملية تفكيكية-إحلالية لذلك الوعي الصنمي الايدلوجي-الإطاري..."كجزء من عملية تفكيكية-إحلالية لوعي التخلف ووعي الظلامية بصفة عامة...
..........
#الخلاصة :
قديما كان أجدادنا يصنعون بعضا من أصنامهم الذين يعبدونها من التمر، فإذا جاعوا هبوا إليها وهرعوا نحوها والتهموها أكلا نهما لها....، أما نحن الأحفاد فإننا نصنع أصنامنا من وحوث كاسرة..حتى إذا ما شعرت بالجوع هبت إلينا وهرولت نحونا والتهمتنا أكلا وحشيا نهما لنا....
بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق
..........

#نحو-حركة-نهضوية-عربية-جديدة
إن غدا لناظره أقرب وأفضل
دعوها فإنها مأمورة