آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-03:26م

ظاهرة التعصب السلبي

الجمعة - 04 سبتمبر 2020 - الساعة 10:39 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


القراء الكرام....

ليكن معلوما :
بأن,وبإختصار شديد وموجز وكروؤس أقلام, المجتمعات المتخلفة والغير متجانسة...والتي تتحكم فيها الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية الطغيانية التسلطية والشمولية تعاني من عدة ظواهر سلبية تتحكم في علاقة أفرادها وجماعاتها وفئاتها وأحزابها...إلخ مع بعضهم البعض.. من أخطر تلك الظواهر وأشدها فتكاً ,بالأفراد خصوصا, هي ظاهرة التعصب السلبي المقيت,سواء كان تعصبا عرقيا أو سلاليا أو أسريا أو جهويا أو صبغيا أو جندريا أو دينيا عقائديا أو حزبيا..إلخ, والأخطر من ذلك أن يتخذ ذلك التعصب لنفسه طابع القدسية والقداسة والتقديسية وطابع إحتكار الحقيقية ويضفي ذلك عليه, سواء دينية كانت, وهي الأخطر, أو غير دينية,بحيث تمثل تلك البيئة التعصبية السلبية المقيتة مرتعا خصبا ومنبعا ومصدرا مهما لنشؤ تلك الأنظمة..والتي جاهدة وبكل الوسائل المتاحة لها على تغذيتها في أوساط أفراد المجتمع....,ومن ثم الإستفادة منها في خلخلة المجتمع وشل فاعليته ومن ثم السيطرة عليه وضمان عدم فاعليته تجاهها مهما صدر منها تجاهه..
عندئذ تأمن البقاء طويلا طويلا.
هذه الظاهرة تتنامى وتكبر في ظل تلك الأنظمة...لسببين رئيسين :
السبب الأول : وجود تلك الأفكار والثقافات التعصبية أصلا تجاه العلاقة مع الآخر في تلك المجتمعات المتخلفة والغير متجانسة..
بمعنى, تجذر الوعي النمطي السلبي في تلك المجتمعات, أفرادا ومكونات مختلفة, ممثلا ومتمثلا بتلك الصورة النمطية السلبية تجاه بعضها البعض وفي علاقاتها مع بعضها البعض بكل سماتها وصفاتها وخصائصها, وبكل صورها وأنواعها, وبكل مظاهرها ونتائجها الكارثية والوخيمة على سلامة وأمن واستقرار المجتمع, أفرادا ومكونات مختلفة,...
ذلك الوعي النمطي السلبي عبر تلك الصورة النمطية السلبية يصبح ويصير هو المتحكم بتلك المجتمعات والمسيطر عليها والمسير لها..إلخ. 
السبب الثاني : تغذية ذلك الوعي النمطي السلبي من قبل تلك الأنظمة...عبر رفده وتشجيع تلك الأفكار والثقافات التعصبية والعمل على نشرها والتذكير بها في كل وقت وحين, وبمناسبة أو بدون مناسبة, بل إنها تعمل على إحياء تلك الأفكار والثقافات التعصبية وإظهارها للعلن متى ما رأت بأنها لم تعد موجودة, وتعمل جاهدة من ثم على تحويل ذلك الوعي النمطي السلبي إلى ممارسة مجتمعية يومية عبر إيجاد وتشجيع الصراعات في أوساط المجتمع بين الأفراد مع بعضهم البعض وبين المكونات المختلفة مع بعضها البعض, مستخدمة في ذلك قاعدة" فرق..تسد "للإستفادة منها والمحافظة على بقائها واستمراريتها لأطول فترة زمنية ممكنة...إلخ. 
عندئذ تصبح العلاقة بين أفراد المجتمع وطوائفه وفئاته وأحزابه...إلخ علاقة قائمة على أساس العداء والتعصب للذات ,كل يرى بأن الآخر يمثل خطرا حقيقيا على وجوده ومن ثم وجب عليه إزالته والقضاء عليه...
طبعا كل ذلك ما كان له بأن يكون ويوجد ويستمر لولا غياب شبه تام للمشروع الوطني الحقيقي, مشروعا نظريا ورموزا ومناصرين وحاملين ومتبنين له وعاملين ومناضلين من أجله ومضحين في سبيلة..إلخ. 
(وقد أتفق علماء النفس الإجتماعي على أن التعصب في حدوده القصوى يخلق صعوبات اجتماعية ونفسية كبيرة تعوق النمو النفسي للفرد ,وقد تدفعه للاضطراب ,,حيث أن صاحب الشخصية التعصبية هو نفسه صاحب الشخصية المضطربة,,,وأن أسباب التعصب تكمن في اضطراب الشخصية, ...وأن هناك علاقة وطيدة بين ظاهرة التعصب وظاهرة التسلط ...)
إن الحل الوحيد لمعالجة تلك الظاهرة,ظاهرة التعصب السلبي, في تلك المجتمعات المتخلفة..يتمثل بوجود مشروع وطني حقيقي لكل أفراد ومكونات المجتمع المختلفة, مكتمل الأسس والقواعد والركائز الأساسية له, نظريا وواقعيا ورموزا, يعمل على إجتثاث واسئصال ونزع ذلك الوعي النمطي السلبي من وعي عامة أفراد المجتمع وما تسمى نخبة..!!!,وذلك عبر دراسة الأسباب والعوامل له ومعرفة منابعه ومصادرة وتحديدها تحديدا صحيحا وجرئيا,دراسة علمية منهجية تحليلية وفقا لأخر ما توصل إليه علم الإجتماع الفردي والجماعي للمجتمعات في هذا الشأن عموما وعلم النفس الإجتماعي خصوصا منه, ومن ثم وضع التصورات العلمية المنهجية الصحيحة لمعالجة كل تلك الأسباب والعوامل كل على حدة أو مجتمعة..إلخ.
تلك المعالجة التي تفضي أخيرا إلى إقامة كيان وطني حقيقي ممثلا ومتمثلا ب" الدولة المدنية الحديثة بركائزها الأساسية.."والقضاء على الآثار السلبية الناجمة عن ذلك الوعي النمطي السلبي وذلك التعصب,جسدية ومعنوية,عبر مرحلة إنتقالية يكون مبدأ" العدالة الإنتقالية" من أهم سماتها وصفاتها وخصائصها...إلخ. 
يقول الدكتور / أحمد زايد,في كتابه, سيكولوجية العلاقات بين الجماعات, الصادر في أبريل 2006 ضمن سلسلة, عالم المعرفة, رقم,326,:
إن العلاقة بين التعصب والأفكار النمطية علاقة قوية, وكلا الجانبين يغذي الآخر على نحو ما ,فالتعصب يبرر الأفكار النمطية, وهي بدورها تؤدي إلى مزيد من التعصب.
معا...وسويا
بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق
........
#نعم_للدولة_المدنية_الحديثة 
إن غدا لناظره أقرب وأفضل 
دعوها فإنها مأمورة