آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-12:07ص

الحوثي وسياسات التجويع بحق تهامة

الثلاثاء - 07 مايو 2024 - الساعة 02:24 ص

همدان العليي
بقلم: همدان العليي
- ارشيف الكاتب


قليلة هي المحاولات التي سعت إلى كشف سياسات التجويع الممارسة من قبل الحوثيين في المناطق التهامية، من أبرزها نشاط الصحفي اليمني المعروف بسيم الجناني والذي ينتمي لمحافظة الحديدة. حيث قدَّم شهادات متكررة عن معاناة سكان هذه المناطق جراء حرمانهم من المشتقات النفطية والطاقة الكهربائية والمساعدات بشكل مُتعمَّد، وأكد بالوثائق بأنَّ الوقود المخصص لتشغيل مولدات الكهرباء يدخل إلى المدينة لكن الحوثيين يسرقونه.
في ذروة الصيف، وفي الوقت الذي كانت الصحف تكشف عن عشرات الضحايا بسبب الحر، وتحديدًا 10 يوليو/ تموز 2016م، نشر الجناني في صفحته بموقع «فيسبوك» وثيقة صادرة عن ميناء الحديدة تؤكد دخول شحنات مازوت مُخصَّصة لتشغيل الطاقة الكهربائية، لكن الحوثيين يقومون بسرقتها، حيث قال:
«تخيَّلوا أنَّ بعض الحوثيين لا يزالون للآن يقولون إنَّ الحصار سبب في انقطاع التيار الكهربائي عن محافظة الحديدة، وبعض القطيع من أتباعهم يُردِّدون خلفهم هذا التزييف.
هذه وثيقة تبين حركة ميناء الحديدة لليوم الأحد، شاهِدوا عدد الناقلات الموجودة في الرصيف والغاطس، ومنها عدد كبير من المشتقات النفطية، ولأوَّل مَرَّة منذ بدء الحرب يتواجد هذا العدد من الناقلات، وعلى مدى الشهور الماضية والناقلات تتدفق للميناء دون توقُّف. وللتذكير والتاريخ وصلت في مايو الماضي لميناء الحديدة ناقلة مازوت على متنها 29 ألف طن من المازوت مُخصَّصة لكهرباء الحديدة، ورفضت الميليشيات الانقلابية سداد قيمته وغادرت الناقلة الميناء، وجاءوا بعدها بناقلة لا تتجاوز حمولتها 6 ألف طن، ثلث هذه الكمية نُقلت لصنعاء بتوجيه من محمد علي الحوثي وباقي الكمية كما تشاهدون نتائجها ساعة أو ساعتين باليوم وأحياء كثيرة لم تصلها الكهرباء. ممارسات مُمنهَجة، وتركيع المواطن ليظل يبحث عن أبسط حقوقه، ويستمرون في إذلاله، في المقابل يستمر شرذمة المتحوِّثين في التضليل والتطبيل، والأقبح منهم المنافقون الذين يتجرَّعون المعاناة في النهار، ويُصفِّقون لهُم في منشوراتهم بالمساء»(3).
وفي تاريخ 18 يوليو/ تموز 2016م، أي بعد أسبوع من المنشور أعلاه، نشر الصحفي الجناني وثيقة أخرى تؤكد بأنَّ الحوثيين لم يفرغوا ناقلة المازوت المُخصَّصة للكهرباء، حيث قال: «12 يوم مضت منذ أن وصلت ناقلة المازوت «ألفا» المُخصَّصة لكهرباء الحديدة إلى غاطس ميناء الحديدة وعلى متنها 5825 طنا، ولا تزال حتى اليوم في الغاطس لم يتم إدخالها وتفريغها. رُبَّما أصبح من الطبيعي أن تسمعوا مثل هذا الخبر، ولم يَعُد صادمًا، وكُلُّ كبير وصغير في محافظة الحديدة يعرف جيِّدًا مَن السبب في معاناته». ويضيف قائلا في ذات المنشور: «ومَن يقول غير ذلك فهو من وجهة نظري منافق عليه أن يواصل ممارسة نفاقه في منشورات الشلة تزلّفًا وتقرُّبًا. ومُرْفق لكم كشف بحركة ميناء الحديدة لليوم الإثنين ويظهر فيها تواجد ناقلة المازوت في غاطس الميناء وتاريخ وصولها في 6 يوليو 2016م»(4).
وفي 22 أكتوبر/ تشرين الأوَّل 2017م استنكر الصحفي ذاته وصول سفن مُحمَّلة بالمازوت المُخصَّص للكهرباء، لكن مَرَّ أكثر من شهر والكهرباء مطفأة وغير مُتوفِّرة حتى في المستشفيات أو المضخات التي تُوصِّل المياه لمنازل المواطنين(5).
أمَّا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018م، فقد نشر الجناني صورًا لمولدات ومعدات كهربائية قامت جماعة الحوثي بنقلها إلى العاصمة صنعاء على متن شاحنات كبيرة، حيث كانت هذه المولدات تستخدم لتغذية مدينة الحديدة بالطاقة الكهربائية. كما قامت الجماعة بإحراق أحد مخازن معدات مؤسسة الكهرباء في شارع الخمسين ومنها محولات وكابلات وأسلاك(6).
بين الفينة والأخرى، كان الحوثيون يُنفِّذون حملات إعلامية، ويدفعون الناس للخروج في فعاليات للمطالبة بإدخال سفن الوقود، ويسردون الأضرار والمآسي السكانية الناتجة عن عدم توفُّر الطاقة الكهربائية في المستشفيات لا سِيَّما في المؤسسات الصحية في الحديدة. لكن بمجرد ما تدخل هذه الشحنات يقومون بسرقتها وإرسالها لمحافظات أخرى، أو تُقدَّم لرجال أعمال حوثيين بمُبرِّرات مختلفة. في صيف 2019م، نشر الصحفي الجناني منشورًا يستنكر قيام الحوثيين بسرقة المازوت المُخصَّص لكهرباء الحديدة بذريعة أنَّهُ خاص بمصنع عمران(7).
الجريمة ذاتها يؤكدها الصحفي اليمني المعروف ورئيس تحرير صحيفة المصدر علي الفقيه الذي نشر وثيقة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تُوضِّح دخول كميات كبيرة من النفط والمواد الغذائية عبر ميناء الحديدة ليوم 10 أغسطس/ آب 2021م، لكن سكان المدينة لا يستفيدون منها. وقد قال: «لتدركوا كم أنَّ عبده الحوثي دجَّال، وكم أنَّهُ وعصابته لصوص وقحون، تابعوا الكشف اليومي لحركة السفن الواصلة لميناء الحديدة والمُحمَّلة بالنفط والمواد الغذائية. ورغم كميات النفط المهولة فإنَّ مدينة الحديدة تغرق في الظلام، بينما تنتعش السوق السواء وتتضخَّم أرصدة عصابة (المسيرة اللصوصية)»(8).
وقد أدَّى تعطيل الكهرباء العمومية (الحكومية)، إلى ازدياد الطلب على الوقود المُشغِّل للمولدات التي تُغذِّي المؤسسات والفنادق والمشاريع الخاصة والكهرباء التجارية، وهذا ما جعل العناصر الحوثية المهيمنة على المناطق التهامية تتاجر بالمازوت المُخصّص لمؤسسة الكهرباء المعنية بتزويد المواطنين بالتيار الكهربائي بأسعاره الرسمية. حيث يتم بيعه للمؤسسات الخاصة، فضلا عن توزيعه للشركات الحوثية التي تقوم ببيع الكهرباء التجاري للمواطنين بأسعار مضاعفة.

‎#الحوثي_يهجر_ابناء_تهامه