آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-12:59ص

منوعات


«مش عايزة أتجوز»... إدانة لزواج القاصرات

«مش عايزة أتجوز»... إدانة لزواج القاصرات

الخميس - 24 نوفمبر 2016 - 01:09 م بتوقيت عدن

- نافدة اليمن / الحياة اللندنية

لم تعد حركة دمى عبر خيوط تربطها بلاعبيها تقتصر على تسلية جمهور، غالباً ما يكون من الأطفال، بعدما استطاع مسرح «البرغولا القانوني» دمج هذا الفن في قضايا أكثر جدية كوسيلة لتوعية الأطفال والبالغين على السواء. فقد قدم مسرح «البرغولا القانوني» عرضاً تفاعلياً للتوعية على قضية زواج القاصرات على مسرح «مركز طلعت حرب الثقافي» في القاهرة، ضمن برنامج احتفالي بعيد الطفولة الذي وافق 20 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.

تفاعل الأطفال مع العرض الذي قُدِمَ بلغة حوار بسيطة تلائم مداركهم، إضافة إلى دمجهم كعناصر نشطة تبدل المواقف السلبية لشخصياته إلى أخرى أكثر إيجابية. ويبدأ العرض بحديث بين الأب القروي ومأذون القرية التي لا يحدَد لها مكان، في إشارة إلى شيوع تلك العادة الاجتماعية في مختلف المناطق.

يخبر الأب المأذون أو الشيخ أنه يريد أن يزوج ابنته ذات الاثني عشر عاماً من رجل تجاوز الستين «عشان أكمل تعليم أخواتها».

في المقابل، يطلب المأذون مبلغاً من المال ليمرر هذا الإجراء المخالف للقانون. وحين يعود الوالد ليخبر ابنته بالاتفاق، تخبره بأنها لا تريد الزواج وترغب في مواصلة تعليمها. إلا أن الأب يصر على موقفه ويطالبها بالاستعداد للزواج، فما يكون منها إلا الانخراط في البكاء، فيما تبدو في أحد جوانب المسرح دمية بزي شرطي.

وتقول مؤسّسة مسرح «البرغولا» رانيا رفعت: «القانون المصري يجرم زواج القاصرات، ولا يجيز توثيق عقد الزواج إلا بعد بلوغ سن الـ18، لذلك طلب الأب من المأذون كتابة عقد عرفي، وبالتالي فما يحدث هو جريمة يشارك فيها الأب والمأذون والسمسار (حلقة الوصل بين العريس والأب)، وينص قانون العقوبات المصري في مادته 122 بالحبس مدة لا تزيد على عامين وغرامة لا تزيد على 300 جنيه لمن يحرر عقد زواج لشخص دون السن القانونية».

وطالبت رفعت المشاهدين بالتدخل لإنقاذ تلك الفتاة ووضع نهاية مختلفة للعرض. الطفلة فرح (9 سنوات) رأت أن تغير موقف الفتاة السلبي، فصعدت إلى المسرح وأمسكت بالدمية، وعندما جاءها والدها ليخبرها بقراره تزويجها من رجل ستيني رفضت، وحين أطلق الأب أمره: «حضّري نفسك للجواز!»، لم تبك بل لجأت إلى دمية الشرطي... «يا حضرة الظابط الحقني أبويا عايز يجوزني وأنا عندي 12 سنة». هنا ذهب الضابط معها إلى منزلهم وأقنع الأب بكتابة تعهد بألا يزوجها. بينما حسن (10 سنوات) رأى أن يمسك بدمية الضابط مخاطباً والد الفتاة: «مينفعش تجوزها دي لسه صغيرة لازم تلعب مع صحابها».

والمسرحية لم توجه فقط إلى الأطفال وإنما البالغين أيضاً، عبر تضمينها مواد قوانين وإحصاءات لن يدركها الأطفال، منها ما ذكرته رفعت قبل بدء العرض أنه «خلال الأعوام الخمسين الأخيرة ارتفعت حالات زواج القاصرات في مصر في شكل ملحوظ... في عملية أقرب إلى الصفقة منها إلى الزواج، يبيع الأب ابنته لعجوز ثري مقابل مبلغ كبير من المال. غالباً لا يستمر الزواج سوى أسابيع»، مشيرة إلى أن تلك الصفقات تنتشر في مناطق ريفية وأن 50 في المئة من القاصرات اللواتي يتزوجن يفقدن حياتهن، خصوصاً إذا نتج من الزواج حمل.

انطلق مسرح «البرغولا القانوني» في العام 2011 بمبادرة من رفعت الحاصلة على إجازة في القانون، بينما تهوى التمثيل وانخرطت في ورش تدريبية فيه، فرأت الجمع بين الدراسة والهواية في مسرح يقدم عروضاً تتنوع بين مسرحيات كاملة تتضمن فقرات غنائية، واسكتشات تمثيلية قصيرة تتناول قضايا قانونية للتوعية بها مجتمعياً، منها ضرب الزوجات والتحرش وأيضاً زواج القاصرات.

وتقول رفعت لـ «الحياة: «اخترت العرائس لقدرتها على جذب انتباه الصغار والكبار على حد سواء، خصوصاً أن مسرحنا هو مسرح شارع في الأساس، يقدم عروضه في الضواحي الشعبية. ونحن نصنع العرائس ونكتب العروض بأنفسنا، فيما تقدم بعض المراكز الثقافية دعماً مادياً للمسرح الذي تصل كلفة العرض فيه إلى 50 ألف جنيه، ومنها معهد غوتة الألماني، مؤسسة آفاق، الاتحاد النسائي».