«موسيقى خاصة» لتبديد الاضطراب النفسي والإدمان

نافدة اليمن / الحياة اللندنية

سماع الموسيقى في ضوء خافت وأنت مغمض العينين لم يعد مجرد محاولة للاستجمام يدفعك إليها إرهاق يوم طويل، فقد تجاوزت الموسيقى مجرد تغيير الحالة النفسية إلى علاج لاضطرابات نفسية مرضية ومساعدة مدمنين على التعافي، وفقاً لنوع جديد من الموسيقى ابتكره الفنان والمعالج النفسي المصري خالد سلام.

أطلق سلام على موسيقاه «الموسيقى النفسية الواقعية»، وهي تقوم على تعديل آلة مكملة لبقية الآلات الموسيقية وهي الباص غيتار وتحويلها إلى آلة أساسية في العلاج النفسي. ويقول: «كنت حريصاً على تقديم مساعدات إنسانية للمرضى النفسيين، فطوّرت آلة الباص غيتار المعروفة بإطلاق نغمة عميقة وغليظة وربطتها بنظريات نفسية. هذه الآلة تغوص في النفس وتضغط على نقاط الضعف ومن ثم أنتقل إلى المعالجة. الموسيقى الواقعية تخاطب العقل لا المشاعر والحواس، وكل إنسان عند سماعها يتلقاها ويفسرها وفقاً لثقافته وإدراكه، إضافة إلى أن الموسيقى التي ابتكرتها ليست تجارية لكنها عبارة عن مقطوعات صدرت في أكثر من ألبوم، لمعالجة الاضطرابات النفسية والإدمان».

ويصف سلام جلساته العلاجية بقوله: «أنظّم جلسات علاج جماعية أحياناً وفردية أحياناً أخرى، والفرق بينهما استخدام السماعات الخارجية في الجلسات الجماعية، في حين تستخدم سماعات الأذن في الحالات الفردية، وكلتاهما يستمع عبرهما المريض في ضوء خافت وهو مغمض العينين، وعندها أراقب رد فعله لأنها تكون بمثابة إشارات حتى أستطيع تقديم العلاج المناسب له في جلسات عدة»، علماً أن المتعاطي أو المدمن يأتي إلى الجلسات بعد سحب السموم من الجسم.

ويضيف: «بعد تأليف مقطوعات موسيقية وتطبيقها على مرضى ومتعاطين، بدأت درس العلوم الإنسانية، وجربت الأمر على حالات نفسية ومدمنين في مستشفى العباسية للصحة النفسية، ثم تعاونت مع المستشفيات والمراكز الخاصة لتطبيق العلاج باستخدام الموسيقى الواقعية».

وأشار سلام، في حديثه إلى «الحياة»، إلى أن «العلاج النفسي بالموسيقى يعجّل في عملية الشفاء ويختزل مدة العلاج، وبعض الحالات لا تحتاج إلى استخدام العقاقير الطبية وأخرى تستدعي تدخلها». ويشرح أن المريض ينفصل كلياً عن العالم الواقعي خلال استماعه إلى موسيقى تمس روحه، «ثم يعود ليحدثني عن شعوره، وبذلك أستطيع الوقوف على أسباب المرض الأساسية». وتختلف نظرة المريض إلى الموسيقى بعد العلاج تماماً فهو «يشعر طوال الوقت بدورها في تغيير حياته والتصالح مع نفسه، كما أنني أستمر في متابعة المريض في مرحلة الوقاية وحمايته من الانتكاسة بالموسيقى أيضاً، وكتابة التقرير المضاف إلى ملف الحالة».

وعن الحالات التي تعامل معها يقول: «هناك مرض نفسي أدى إلى الإدمان، وهناك إدمان تسبب بالمرض النفسي وأستطيع التعامل مع الحالتين وفقاً لثقافة المريض وإدراكه، خصوصاً أن المدمن يصاب بضعف في مناطق الإدراك الحسي». ولفت إلى أن المقطوعات الموسيقية تستخدم لكل الأمراض النفسية، ولكن بتنوع، فلكل نغمة تأثيرها وذبذباتها لتنشيط العقل، كما أنها تصلح للإنسان السوي إذا كان يدركها.

وأضاف: «الفئة العمرية الخاضعة للعلاج بالموسيقى تتراوح ما بين مرحلة المراهقة حتى الشيخوخة، بينما يصعب التعامل مع الأطفال لأن الموسيقى المقدمة لا تناسب أعمارهم، والنساء هن الفئة الأكثر إقبالاً على العلاج بالموسيقى».

وأشار سلام إلى أن تعامل الأسرة اختلف كثيراً عن الماضي في استقبال فكرة العلاج بالموسيقى، «والوعي له دور في الأمر لأن الرفض أساساً كان نتيجة عدم الوعي بالفكرة، ولكن بعد التجربة والشعور بالفرق زالت تلك المخاوف»، وقال: «ألقي محاضرات مجانية لتعريف الناس بأهمية العلاج بالموسيقى وما هي الموسيقى الواقعية، كما أكسر الحاجز المعروف دائماً بين المريض والمعالج، فأذهب إلى الجلسة حاملاً معي أسطوانات وسماعات مرتدياً ملابس شبابية». وأوضح أن المقطوعات الموسيقية الواقعية تكون أحياناً بلا كلمات، وأخرى تضاف إليها كلمات تحمل دلالات علاجية. وحتى لا تشتت تلك الكلمات الحالة أثناء الاستماع، «حرصت على ألا يعلو مستواها الصوتي عن المستوى الموسيقي في المقطوعات».