آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-11:41م

منوعات


علامات استفهام حول دور البحث العلمي في تطوير الأسلحة

علامات استفهام حول دور البحث العلمي في تطوير الأسلحة

الأحد - 29 أبريل 2018 - 04:59 م بتوقيت عدن

- نافدة اليمن / العربية نت

في عالمنا الحاضر المليء بالصراعات، تسعى الكثير من الحكومات بتكليف الجامعات المساعدة بشكل متزايد في تطوير الأسلحة فيما يوصف بالتهديد لثقافة وضمير الباحثين، وفقاً لافتتاحية نشرها موقع "Nature".

شبة الجزيرة الكورية

وتعد حالة التوتر التي تنتاب القادة في كوريا الجنوبية مبررة، حيث إن في شمالها رئيساً يبدو عدوانياً ولا يمكن توقع تصرفاته عسكرياً، ويمتلك أسلحة نووية وصواريخ قوية بشكل متزايد والكثير من القوات.

 

وتحاول كوريا الجنوبية مواجهة ذلك من خلال التفوق التكنولوجي الذي توفره بنيتها التحتية العلمية القوية.

لكن أثارت الجهود التي بذلتها كوريا الجنوبية لتعزيز التفوق التكنولوجي باستخدام الأكاديميين لمتابعة الأهداف العسكرية، ضجة وهي ليست أول بلد يواجه مثل هذا الجدل.

ففي شهر فبراير، افتتحت كوريا الجنوبية مركزاً في منشأة أبحاثها الرئيسية، وهو المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا KAIST في دايجيون، بالتعاون مع شركة Hanwha Systems الرائدة في صناعة الأسلحة.

وذكرت تقارير إعلامية أن المركز المعروف باسم مركز أبحاث التقارب بين الدفاع الوطني والذكاء الصناعي، سيطور تقنيات يمكن أن تكون مفيدة في مجالات الأسلحة الأكثر تقدماً، مثل الصواريخ التي تستخدم الذكاء الصناعي للتحكم في السرعة والارتفاع وللكشف عن رادار العدو في الوقت الحقيقي.

كان هناك رد فعل فوري، حيث قام ما يقرب من 60 من الباحثين في مجال الروبوتات وعلماء الروبوت من جميع أنحاء العالم بالتوقيع على رسالة مفتوحة، تعلن معارضتها لمشاركة المركز في سباق التسلح الذاتي. بل وهدد العلماء بقطع جميع العلاقات مع المركز، إلا أن تلك الواقعة انتهت نهاية سعيدة، إذ إن رئيس المركز تعهد بأن المركز لن يصنع أسلحة فتاكة، ومن ثم تم التخلي عن المقاطعة.

أستراليا واليابان

لكن خطوط الصدع المماثلة قد تكشفت في مكان آخر، إذ يواصل علماء أستراليون مناقشة برنامج الشراكة بين الحكومة والعلوم الدفاعية، والذي قام حتى الآن بتسجيل باحثين من 32 جامعة. كما لاقى قراراً أصدرته المفوضية الأوروبية عام 2016 لبدء تمويل البحوث الدفاعية، معارضة من وثيقة وقعها 400 باحث، تهاجم هذه الخطوة.

وفي اليابان، حدث انقسام في الرأي بين الجامعات حول ما إذا كان ينبغي أن تحصل على أموال من وكالة التكنولوجيا والخدمات اللوجستية، التابعة لوزارة الدفاع. وفي العام الماضي، وجه المجلس الاستشاري للحكومة اليابانية، مجلس العلوم في اليابان، جموع الباحثين إلى مقاطعة العمل، وطالب المؤسسات لإنشاء لجان خاصة لتقييم أخلاقيات وملاءمة المشاريع البحثية ذات الصلة العسكرية.

ووفقاً لنتائج الاستطلاع التي نشرها المجلس في وقت سابق من هذا الشهر، فإن 46 جامعة من 135 جامعة تم استطلاعها، أصبح لديها مثل هذا النظام. لكن 30 مؤسسة سمحت للباحثين بتطبيقها بالفعل، وليس لدى 41 مؤسسة أية نية لإنشاء مثل هذا النظام.

وقد أعربت جمعية علوم الفلك اليابانية عن دعمها للصندوق. وتقول الجمعية إن باحثيها الشباب يعتقدون أن مثل هذا العمل مقبول إذا وقع ضمن سياسة اليابان للحفاظ على استراتيجيات الدفاع عن النفس.

الأبحاث العسكرية الأميركية

وفي الولايات المتحدة، ظلت الأبحاث العسكرية التي تتخذ من الجامعات مقراً لها منذ فترة طويلة، لكن الضغط في البلدان الأقل عسكرة يشير إلى تزايد عدم التيقن الـ"جيو-سياسي"، وعدم الاستقرار في جميع أنحاء العالم. إن محاولة تحسين القدرات الدفاعية في مثل هذه الظروف أمر مفهوم، أما المسألة فهي أين وكيف ينبغي القيام به؟

تهديد أهداف البحث العلمي

والأهم من ذلك، أن مثل هذا البحث يهدد المبادئ الأساسية التي تشكل حجر الأساس للجامعات في كل مكان. إن الاعتماد بشكل أكبر على تمويل المشاريع العسكرية يهدد مهمة وأهداف البحث العلمي المستقل، والذي يدفع إليه الشغف والفضول.

فبحسب موقع "Nature"، فإنه يحطم أواصر الثقة التي تربط العلماء في جميع أنحاء العالم، ويقوض روح البحث الأكاديمي.

لقد كان من المعتاد تقاسم البيانات والتقنيات من خلال المطبوعات على أساس التعاون السلمي حتى بين الباحثين من البلدان التي هي في حالة حرب مع بعضها بعضا.

إلا أن الباحثين طرحوا تساؤلاً حول ما إذا كانت مساهماتهم ستغذي تطوير السلاح، فمن الممكن أن يحتفظوا بأفكارهم لأنفسهم!

ويبدو أن المبادرات الحكومية في جميع أنحاء العالم تظهر أن الإنفاق المالي العسكري سيستمر في إغواء الجامعات، ولكن سيبقى أن الباحثين المتورطين يحملون مسؤولية ثقيلة، وذلك لأن العمل يجب أن يتوافق مع التزام أساسي بتطبيقات إنسانية تدعم الحياة وليس حصد الأرواح.

خط فاصل ملتبس

ويمكن لطائرات الدرون توصيل الإمدادات الطبية إلى المناطق التي مزقتها الحروب، أو أن تقوم الروبوتات بإزالة حقول الألغام، على سبيل المثال. ولا يزال الغموض يكتنف الخط الفاصل بين الأغراض والأهداف!

فعلى حين يبدو نظام الذكاء الصناعي في الأنشطة الملاحية غير ضار نسبياً لغواصة ذاتية القيادة لأغراض المراقبة والحراسة، ولكن في الغواصة ذات التسليح النووي، يصبح هذا النوع واحداً من التطبيقات التي احتج عليها مجتمع الأبحاث العالمي في كوريا الجنوبية.

ومع ذلك، وكما يوضح مثال كوريا الجنوبية، فإن للعلماء دورا حاسما في تنبيه العالم إلى الأخطار المحتملة للتكنولوجيات الناشئة، وإعادة توجيه مسار البحث.