آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-12:59ص

اخبار وتقارير


بين صنعاء وعدن .. ما هي أسباب تدهور الريال اليمني ؟! (تقرير خاص)

بين صنعاء وعدن .. ما هي أسباب تدهور الريال اليمني ؟! (تقرير خاص)

الإثنين - 30 يوليه 2018 - 10:11 م بتوقيت عدن

- عدن - نافذة اليمن - تقرير خاص

تواصل العملة اليمنية "الريال" تراجعها غير المسبوق أمام العملات الأجنبية في صنعاء وعدن وبقية المحافظات اليمنية وبلغ سعر صرف الدولار الواحد ما بين 520 و525 ريالا خلال اليومين الماضيين.

فيما تقف الحكومة الشرعية للبلاد عاجزة عن وضع معالجات لينعكس التهاوي المتسارع للريال في ارتفاع قياسي لأسعار السلع الغذائية مما يثير قلق اليمنيين وهلعهم في ظل انعدام مصادر الدخل وسبل العيش وتوقف رواتب نحو مليون ونصف المليون موظف حكومي منذ عامين في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية.

من جانب موازي تشهد السوق المصرفية  مضاربات شديدة على النقد الأجنبي في ظل انخفاض المعروض النقدي بسبب الركود الاقتصادي وتوقف الاستثمارات فضلاً عن عجز البنك المركزي عن التدخل في سوق الصرف.

ويرجح مراقبون لـ"نافذة اليمن" أن عملية تهاوي الريال اليمني ستستمر في ظل الإقبال الواسع على شراء العملات الصعبة والمضاربة بها إلى جانب عدم وجود سياسة نقدية واضحة لدى البنك المركزي اليمني في عدن.

مضاربات الحوثيون كارثة العملة..

في إستطلاع لـ"نافذة اليمن" يجزم اقتصاديون بأن السبب في تهاوي الريال هو مضاربات الميليشيات الحوثية بالعملة بناء على توجيه من قيادة الجماعة لجني المزيد من المكاسب وفي الوقت ذاته إعاقة عمل الحكومة الشرعية والتسبب في ارتفاع أسعار السلع وإلقاء اللائمة عليها بصفتها المسؤولة عن استقرار السوق وإدارة العملية المصرفية بعد أن أصبح المقر الرئيسي للبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.

وتشير مصادر مصرفية لـ"نافذة اليمن" إلى أن مئات محلات الصرافة الخاصة باستبدال العملات وتحويلها تنامت بشكل متسارع وغير مفهوم في شوارع صنعاء تحت سمع وبصر المليشيات الحوثية وتعود ملكيتها لقيادات في المليشيات أو لعناصر تحظى بحماية منها ويمنح ذلك المليشيات الفرصة للهيمنة على سوق بيع وشراء العملات والمضاربة بها ولتخزين احتياطياتها بالعملة الصعبة وشحنها إلى مخابئ سرية في صعدة وعمران.

وقالت مصادر مصرفية في صنعاء لـ"نافذة اليمن" أن الميليشيات الحوثية بدأت منذ أسبوعين عملية شراء واسعة للعملة الصعبة من السوق مستغلة عملية سطوها على مئات الملايين من الريالات من فئتي "500 – 1000" المطبوعة من قبل البنك المركزي في عدن ومصادرتها من البنوك وشركات الصرافة بدعوى أنها نقود غير معترف بها لجهة أن مصدرها هو الحكومة الشرعية.

ويلفت الخبير الاقتصادي نبيل مارش في تصريحه لـ"نافذة اليمن" ان تفاقم ظاهرة شركات الصرافة غير المرخصة التي تضارب بالدولار بالفترة الأخيرة تساهم مع الأوضاع المتردية في اليمن وحالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في دفع العملة المحلية إلى مزيد من فقدان قيمتها وهبوط سعر صرفها أمام الدولار ماينذر بتأثيرات سلبية إضافية على اقتصاد البلاد الهش.

وأكد "مارش" أن الحرب أنتجت فوضى في القطاع المصرفي اليمني وظهرت مئات من محال الصرافة غير المرخصة في مختلف المدن اليمنية وفي صنعاء تم افتتاح المئات من شركات الصرافة المملوكة لأفراد موالين لمليشيات الحوثيين وأصبحوا يتحكمون في سوق صرف العملة ماحولهم إلى أثرياء الحرب الجدد.

مسئول في أحد المصارف التجارية في صنعاء أكد لـ"نافذة اليمن" أن الصرافين غير المرخصين وتجار الوقود يقفون خلف تهاوي الريال من خلال قيامهم بسحب العملة الصعبة من السوق بكميات كبيرة مع إنخفاض المعروض النقدي.

وأوضح المسؤول المصرفي والذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن أكثر من  1500 من محال الصرافة غير مرخصة ظهرت خلال الحرب وقال: "لو أن كل صراف من هؤلاء غير المرخصين طلب ألف دولار في اليوم الواحد سيبلغ الطلب مليوناً و400 ألف دولار يومياً وهذه كارثة حقيقية".

غياب الحلول..وسياسة العجز..

في حديثه لـ"نافذة اليمن" يرى الموظف المصرفي في أحد البنوك التجارية بصنعاء "طلال إسماعيل" أن الانهيار القياسي للريال اليمني كان نتيجة عجز البنك المركزي عن وضع حلول لتعافي العملة المحلية وإن البنك الذي يضع السعر الرسمي للدولار يفترض أن يجتمع بالصرافين والبنوك التجارية بين حين وآخر ويحدد السعر.

وكانت الحكومة اليمنية الشرعية قد لجأت لطباعة كميات كبيرة من النقود دون غطاء نقدي لمواجهة أزمة السيولة ما فاقم أزمات الاقتصاد وأصبح يهدد بالمزيد من التراجع في سعر الريال اليمني.

وطبعت الحكومة في العام الماضي 600 مليار ريال يمني عبر شركة "غوزناك" الروسية وأكدت حينها أن ذلك الإجراء ضروري للحد من التأثيرات السلبية لنقص السيولة.

وشهد الريال اليمني موجة هبوط حاد مطلع العام الجاري حين وصل إلى أدنى مستوى أمام الدولار عند 510 ريالات الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية.

وتدخلت السعودية في يناير الماضي لإنقاذ الريال اليمني ووقف انهياره حين أودعت في حساب البنك المركزي ملياري دولار ودفع ذلك العملة اليمنية إلى تحسن طفيف لتصل إلى نحو 480 ريالا للدولار.

مساعي حكومية خجوله..

وفي مسعى كما يبدو من قبل الشرعية في عدن لوضع إجراءات تحد من هذا الانهيار في سعر العملة وجه الرئيس عبد ربه منصور هادي أمس بتشكيل مجلس اقتصادي من الحكومة ويضم ممثلين عن الغرف التجارية والصناعية وأمر المجلس بعقد اجتماعات مع الحكومة بصورة منتظمة.

ويأمل المراقبون الاقتصاديون والعاملون في القطاع المصرفي اليمني أن تتوصل الجهود الحكومية إلى نتيجة ملموسة وعاجلة لوقف التدهور المتواصل في سعر العملة الوطنية بالاستفادة من الوديعة السعودية وأن تتخذ إجراءات ملموسة لوقف عمليات المضاربة الحوثية بسعر العملة وللحد من عمليات تهريبها إلى الخارج.