صحيفة " العرب " : هل ينجح معين عبدالملك في ترميم شرعية الرئيس هادي المتآكلة

عدن - نافذة اليمن

 

لم تتجاوز ردود الفعل في اليمن، على إعفاء أحمد عبيد بن دغر من مهمّة رئاسة الحكومة، وتعيين معين عبدالملك   سعيد خلفا له، حدود التفاؤل الحذر بإمكانية إحداث الرجل البالغ من العمر ثلاثة وأربعين عاما، نقلة نوعية في العمل الحكومي بما ينعكس على أوضاع سكان المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دوليا، ومعيشهم اليومي ومستوى الخدمات المقدّمة لهم من قبل تلك الحكومة.

ورأى نشطاء وسياسيون وقادة رأي يمنيون، أنّ الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في المناطق اليمنية، على درجة من الصعوبة والتعقيد، بما يتجاوز قدرات أي رئيس حكومة، مهما كانت كفاءته.

وذهب أكثر هؤلاء انتقادا لسياسات الرئيس الانتقالي اليمني عبدربه منصور هادي، إلى أن الهدف الأول من إقالة بن دغر وإحالته إلى التحقيق وتعيين سعيد مكانه، سياسي بامتياز، ويهدف إلى تهدئة غضب الشارع الذي تجلّى خلال الأسابيع الماضية في مظاهرات احتجاجية بعدد من المدن اليمنية على تدهور الأوضاع المعيشية وندرة المواد الأساسية وغلاء أسعارها.

واعتبر ناشط يمني أنّ هادي سعى عبر إقالة بن دغر إلى التخلّص مما علق بالحكومة من شبهات فساد وإهدار للمساعدات التي تلقتها من بلدان التحالف العربي بدل توظيفها في تحسين الظروف المعيشية لسكان المناطق المحرّرة وغير الخاضعة لسيطرة المتمرّدين الحوثيين.

وقال إنّ هدف الرئيس المعترف به دوليا “ترميم شرعيته المتآكلة وتجديد شبابها من خلال اختيار رئيس حكومة لا يتجاوز العقد الرابع من عمره”.

وانتقدت الباحثة السياسية اليمنية وسام باسندوة، محدودية التغيير الحكومي الذي حدث في اليمن واقتصاره -إلى حدّ الآن- على رئيس الحكومة دون الوزراء. وقالت عبر حسابها على تويتر “في عالم السياسة يحدث تغيير لحقائب وزارية مع الإبقاء على تشكيلة الحكومة.

وقد تحصل إعادة تعيين لرئيس الحكومة مع مطالبته بتشكيل حكومي جديد. كما يحدث تغيير رأس الحكومة مع تغيير لبعض الحقائب”، مضيفة “لم أعرف هذا النوع من التغيير الذي يمس رأس الهرم الحكومي مع الإبقاء على تشكيلة الحكومة”.

ولا تقتصر التحديات التي تواجهها حكومة عبدربّه منصور هادي، وسيتعّين على رئيس الحكومة الجديد بدوره مواجهتها، على الظروف المعيشية والجوانب الحياتية المتصلة بدورها بالأوضاع الاقتصادية، ولكنها تشمل أيضا تعقيدات سياسية كبيرة، حيث أن دائرة معارضة سلطة هادي التي تصل إلى حدّ التناقض الجوهري معها واسعة النطاق، سواء من داخل حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي إليه الرئيس والمنقسم داخليا، أو من قبل الحركات والتيارات السياسية الجنوبية التي يذهب بعضها إلى حدّ المطالبة بانفصال جنوب اليمن واستعادة دولته المستقلة التي كانت قائمة قبل سنة 1990.

وضمن المعضلات التي تنطوي عليها سلطة هادي ضمّها قيادات إخوانية مرفوضة من قبل جهات سياسية كثيرة في اليمن، بل متهمة أصلا بتنفيذ أجندة إقليمية لا تعني اليمنيين، والعمل ضدّ جهود تحرير اليمن من الحوثيين.

ومع تعيين رئيس حكومة جديد راجت أسئلة بشأن إمكانية استبعاد العناصر الإخوانية مثار الجدل من مراكز القرار في السلطة التي يقودها هادي، للحدّ من الخلافات التي تثيرها.

وكانت مصادر يمنية مطلعة قد كشفت لـ”العرب” عن مشاورات تجري في كواليس الحكومة اليمنية لإصدار سلسلة من القرارات التكميلية التي من المفترض أن تخرج للعلن خلال الأيام المقبلة في إطار ما يمكن وصفه بسياسة إعادة هيكلة مؤسسات الشرعية التي يقوم بها الرئيس عبدربه منصور هادي والتي قد تتضمن، بحسب المصادر، تعيين نائب للرئيس.

وأشارت المصادر إلى أن قرار إقالة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر والذي يأتي وفقا لبيان الإقالة في سياق معالجة الإخفاقات الإدارية والاقتصادية، يمكن أن يشهد نموذجا مشابها قد يطال المسؤول الأول عن الملف العسكري في الشرعية، بالنظر إلى حالة الجمود في المسار العسكري وتعثر الجبهات.

وتوقعت المصادر عقد جلسة مرتقبة لمجلس النواب اليمني في العاصمة المؤقتة عدن بهدف تفعيل واحدة من المؤسسات السيادية في اليمن والتي ظلت خارج إطار الصراع بين الشرعية والانقلاب.

وربطت المصادر بين تعيين الرئيس هادي لمعين عبدالملك رئيسا للوزراء والذي ينحدر من محافظة تعز وبين رغبة هادي في الدفع باتجاه تعيين أحد المقربين منه وهو محمد علي الشدادي (من محافظة أبين) رئيسا لمجلس النواب وقطع الطريق على القيادي في حزب المؤتمر سلطان البركاني أحد أبرز المرشحين لهذا المنصب، باعتبار أنه من غير المنطقي أن تذهب رئاسة المؤسستين التشريعية والتنفيذية إلى شخصين من المحافظة ذاتها.

كذلك دار الحديث خلال اليومين الماضيين عن إمكانية تشكيل حكومة يمنية مصغرة تكون مهامها الأساسية إدارة الشأن الاقتصادي والمعيشي والأمني، وترك الشأن السياسي وأيضا الشأن العسكري المتصل بتحرير المناطق من الحوثيين، وإدارة أي محادثات سلام مفترضة معهم، لدائرة الرئيس ومجموعة مستشاريه.