آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-11:41م

منوعات


هل لديك خطة واقعية لحياة مريحة عند التقاعد؟

هل لديك خطة واقعية لحياة مريحة عند التقاعد؟

الأربعاء - 30 يناير 2019 - 08:01 م بتوقيت عدن

- نافدة اليمن / بي بي سي

بالنسبة لكثيرين منا، تأتي مسألة التقاعد في ذيل قائمة الأولويات، على عكس أمور أخرى مثل دفع أجرة السكن أو تسديد قروض الدراسة.

وهناك عدة أسباب تكشف أن توقعاتنا بالنسبة لسنوات عمرنا الأخيرة لا تعبر عن احتياجاتنا الفعلية في تلك المرحلة عندما يصير اعتمادنا على دخل تقاعدي ثابت.

في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يملك أقل من نصف الأمريكيين الذين ولدوا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية أكثر من 100 ألف دولار في صناديق التقاعد الخاصة بهم، على الرغم من أن أحد التقديرات يشير إلى أن تكلفة الرعاية الصحية في فترة التقاعد لزوجين تصل إلى 280 ألف دولار في المتوسط.

ويشير تقرير لمؤسسة "ميريل لينش" إلى أن 20 في المئة من الأمريكيين لا يعرفون ما هو حجم الأموال التي تكفيهم في مرحلة التقاعد، مضيفا أن غالبيتهم لديهم مدخرات تقل عن متطلباتهم الفعلية بنسبة 20 في المئة.

لكن هناك استطلاع للرأي يعكس حالة الارتباك وعدم الوضوح في ما يتعلق بهذا الأمر، إذ يشير إلى أن نحو ثلثي الأمريكيين من جيل الحرب العالمية الثانية واثقون من أنه بإمكانهم التقاعد والعيش بشكل مريح، رغم أن ما يزيد قليلاً على الثلث فقط يعتقدون أنهم يدخرون ما يكفي من المال. وفي نفس السياق، يعتقد نحو نصف الذين شاركوا في الاستطلاع أن معيشتهم ستبقى بنفس المستوى.

لكن الأرقام تقول أمرا مختلفا تماما، وربما يعود السبب في ذلك إلى مجموعة من المفاهيم الخاطئة.

"لو كنت أعرف"

ربما يعود أحد الأسباب الكامنة وراء عدم ادخارنا ما يكفي للتقاعد إلى المفاهيم الخاطئة عن زيادة العائد كلما تقدم بنا السن.

وفي الولايات المتحدة، تزيد رواتب النساء وتصل إلى ذروتها في الغالب بحلول سن التاسعة والثلاثين، في حين تواصل رواتب الرجال ارتفاعها حتى أواخر الأربعينيات.

ومع أنه من المرجح أن تحدث زيادات صغيرة على الراتب في السنوات الأخيرة، فإن ذلك يصحبه زيادة في التضخم وزيادة متطلبات الحياة، إذ أن الزيادة في الدخل تزيد من الخيارات الحياتية المتاحة أمام الشخص، وهو الأمر الذي لا يجعل الشخص يشعر بالزيادة في راتبه في نهاية المطاف.

ويجب الإشارة إلى أن المعدل المقبول للادخار هو 15 بالمئة من راتبك السنوي من أجل التقاعد، لكن نصف الأمريكيين يدخرون أقل من ذلك بكثير، وبعضهم لا يدخر شيئاً على الإطلاق.

ونادرا ما يكون تأجيل الإدخار لوقت لاحق أفضل من الإدخار المبكر على مدار سنوات طويلة. وأشار بحث أجرته شركة "نورثويسترن ميوتشوال" الأمريكية لخدمات التمويل إلى أن واحداً من بين كل ثلاثة من مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية استطاع توفير 25 ألف دولار أو أقل.

ويدخر الأشخاص في بلدان أخرى أموالا أكثر، لكنهم قد يواجهون مشاكل غير متوقعة.

في ألمانيا، على سبيل المثال، يعمل المواطنون في سن العمل على دعم المتقاعدين الحاليين من خلال دفع أموال لبرنامج ادخار حكومي. لكن تغير الفئات العمرية لمجتمع مصاب بالشيخوخة له تأثير ملموس، يتمثل في أن سن التقاعد يواصل الزحف إلى أعلى، وهو ما يعني أن غالبية الألمان بحاجة إلى ادخار ما يصل إلى أربعة أضعاف دخلهم السنوي لكي يستمتعوا بتقاعد مريح.

ويدخر غالبية الألمان مبالغ نقدية بدلاً من الاستثمار، وهو ما يزيد المشكلة تعقيدا من خلال استبعاد المدخرين من المكاسب التي تتحقق في سوق المال. ويعتقد قليل منهم أن لديه مالاً كافياً لدخول السوق، أو يعتقد أن الحفاظ على المدخرات نقداً هو بديل أكثر أماناً من الاستثمار.

ويقول بيتر تشادبورن، مدير شركة "بلان ماني" البريطانية للاستشارات المالية، إن هذا السلوك الخاطئ يعود إلى انخفاض مستوى الثقافة المالية. ويشير تشادبورن إلى أن الكثير من عملائه لا يعرفون أنهم بحاجة إلى ادخار مبلغ مالي أكبر ليكون لديهم نفس الدخل في مرحلة التقاعد.

ويضيف "بمجرد أن يعرف الشخص ذلك فإنه يقول: لو أن أحداً أوضح لي ذلك قبل 10 أو 20 عاماً لكنت احتطت مسبقاً واتخذت قرارات مختلفة. أنا الآن على أبواب التقاعد ويبدو أن الوقت فاتني لتغيير أي شيء".

وفي بريطانيا، يمكن لمن بلغوا سن الخامسة والخمسين أو أكثر أن يسحبوا مبلغاً من مدخراتهم التقاعدية إما لصرفها أو لاستثمارها بالطريقة التي يحبونها، رغم أن سن التقاعد الرسمي في الدولة هو 65 عاما.

ويقول الخبراء إن غالبية الناس تختار الاحتفاظ بالمال نقداً في حساب مصرفي يتيح لهم سرعة السحب، في حين أن قلة تضع مالها في استثمارات طويلة الأمد. وتحاول هيئة المعاشات الحكومية البريطانية إقناع المتقاعدين باتخاذ قرارات مالية أكثر حكمة من مجرد الإبقاء على أموالهم في خزينة المنزل. وحتى أكثر الاستثمارات تواضعاً تساعد على تعويض معدل التضخم الذي يصل في العادة إلى أربعة في المئة سنوياً.

لكن الكثير من القرارات التي يتخذها المتقاعدون تكون مدفوعة بالخوف، كما تقول تيريزا فريتز، مديرة السياسات في شركة "ماني أدفايس سيرفيس" للاستشارات المالية التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها.

وتقول فريتز "بعض الناس يسحبون أموالهم لأنهم لا يثقون بالشركات والمؤسسات العاملة في قطاع الادخار التقاعدي ويساورهم القلق من أنهم إذا لم يسحبوا أموالهم الآن، فلن تكون متوفرة لهم بعد مرور سنتين. ولا يعود السبب في ذلك إلى انهيار متوقع في الاستثمارات، لكن لقلقهم من احتمال تغير القانون بشكل يمنعهم من سحب هذه الأموال".

وبحسب شركة "ماني أدفايس سيرفيس"، فإن غالبية المتقاعدين لديهم سوء تقدير لعدد سنوات تقاعدهم، إذ أنهم يخططون لمدة 20 عاماً فقط، وهو ما قد يعني نفاد المال الذي تم ادخاره، خاصة وأن الرجال والنساء الذين يبلغون 65 عاماً لديهم فرصة بنسبة 50 بالمئة للعيش حتى سن 87 و 90 عاماً على الترتيب.

وربما يكون الأمر الأسوأ يتمثل في أن الكثير من هذه السنوات الأخيرة من عمر الشخص ربما تحتاج إلى مصروفات أعلى، نظراً للحاجة إلى الرعاية الصحية حتى الوفاة.

ويجب الإشارة إلى أن الادخار لا يكون سهلا على المرء عندما يتقدم في السن، حتى في حال حصوله على مزيد من الحوافز المالية، لأن التقدم في السن يصاحبه تكاليف مالية أخرى.

ويعرف الكثيرون كيفية ادخار جزء من راتبهم، لكنهم نادراً ما يعرفون كيف يستثمرونه بشكل جيد.

ويقول تشادبورن "يعتبر هذا الأمر أحد الجوانب السلبية للاستشارة المالية، إذ يذهب الشخص إلى مستشار مالي ويقول له إنه بحاجة إلى الادخار من أجل التقاعد، ويخبره المستشار بأن يخصص أكبر مبلغ ممكن للادخار. لكن ذلك يؤدي نصف الغرض فقط".

وينصح تشادبورن بتقسيم المصروفات إلى قائمتين: الأولى تشمل تكاليف المعيشة الأساسية التي ترغب في تأمينها بمصدر دخل ثابت، والثانية تشمل التكاليف الخاصة بأسلوب حياتك مثل عدد مرات تناول الطعام خارج المنزل، وعدد السيارات التي تريد أن تمتلكها، وكم عطلة تريد أن تستمتع بها. ويمكن تحقيق ذلك في ظل وجود دخل مرن ومتغير، لأن مصروفاتك في فترة التقاعد ستكون ثابتة لا يطرأ عليها تغيير كبير باستثناء ارتفاع التضخم.

أما أولئك الذين يواجهون نقصاً في أموال التقاعد فأمامهم قرارات أصعب. ويعني ذلك في غالبية الحالات السكن في بيت أصغر أو إعادة ترتيب أولويات حياتهم. وبالتالي، فإن أفضل ما يمكن للناس فعله هو الحصول على نصيحة مالية في وقت مبكر وبصورة مستمرة، بحسب فريتز، التي تقول "أنت لا تتردد في الذهاب لطبيبك إذا شعرت بقلق على صحتك. وإذا تمكنا من جعل الناس يفعلون نفس الشيء في ما يتعلق بالأمور المالية، سنكون قد قدمنا لهم خدمة جليلة".