آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-12:59ص

في عمق الوعي النمطي (2)

الثلاثاء - 01 يناير 2019 - الساعة 06:40 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

ثانيا : تعريف الصورة النمطية والوعي النمطي

" النمطية " بالإنجليزية معناها" stereotype " وهي مشتقة من الأصل الإغريقي لها من كلمتين، stereos وتعني" راسخ قوي " و type وتعني" إنطباع" وهي بهذا المعني تعني " إنطباع راسخ وقوي".

حيث يعتبر أشهر الصحفيين السياسيين في القرن العشرين، القرن الماضي، الأمريكي " والتر ليبمان" أول من إستخدمها للتعبير عن معناها السيكولوجي وذلك في العام 1922م، عندما أعتبر بأن الصورة النمطية في أذهاننا عن الآخر المغاير، أفرادا كانوا أم جماعات أم طوائف وفئاتا وأعراق وجندر وديانات وشعوب وأمم، ماهي إلا نتيجة طبيعية لتلك الأفكار النمطية التي تربينا عليها ووفقا لها تجاههم.

ويعد مصطلح "الصورة النمطية " أو "النمطية " من أكثر المصطلحات استعمالا في العلوم الاجتماعية وخاصة في علم النفس الاجتماعي، فهي لا تختلف عما أشار إليه " والتر ليبمان "، فهي تعني تلك الصورة أو مجموعة الصور في أذهاننا جميعآ..وتلك المعتقدات، دينيةكانت أم مذهبية أم عرقية أم جندرية..الخ ، التي ننظر من خلالها إلى أنفسنا أولا وإلى الآخر المغاير..ثانيا،وعيا وسلوكا، قولا وعملا، ونتعامل معه وفقا لها وعلى أساسها، إيجابية كانت أم سلبية، وتتكون من مجموعة الصفات أو السمات أو الخصائص، إيجابية كانت أم سلبية، التي تميز فردا من الأفراد أو جماعة من الجماعات أو مجتمع من المجتمعات أو شعب من الشعوب أو أمة من الأمم...الخ ويتصف بها، وراثية كانت أم دينية ومذهبية أم عرقية أم جندرية أم صبغية...الخ.

وهي ما تكون غالبا بعيدة كل البعد عن المعرفة الموضوعية السليمة والصحيحة والحيادية في أحكامنا تلك..عنهم، إنما تتسم بالجهل المفرط وعدم المصداقية وعدم الحيادية وقبل ذلك بالشوفينية والعنصرية...الخ.

فهي تعتبر " منهجا تفكيريا يعتمد على القوالب الجاهزة ويعادي التفكير العلمي، والأخطر من ذلك أنه مع تدني الثقافة، تصبح الصور النمطية ذات مشروعية ثقافية واجتماعية وكأنها حقائق أو من طبائع الأمور ".


وعليه :
فإنني أستطيع القول بأن " الوعي النمطي " هو مجموعة تلك الصور والرؤى والمعقتدات والمسلمات، إيجابية كانت أم سلبية، التي تشكل منها ذلك الوعي" الوعي النمطي " وشكل على أساسها ووفقا لها وتجذرت فيه عن أنفسنا أولا وعن الآخر المغاير..ثانيا، ولأسباب عديدة ومتنوعة، موروثة كانت أم غير موروثة، دينية كانت أم مذهبية أم عرقية أم جندرية أم صبغية أم قومية..إلخ، وذلك من مجموعة متتالية ومتناسقة ومتناغمة ومتراكمة من تلك الأفكار النمطية عن أنفسنا أولا وعن الآخر المغاير..
ثانيا، تلك الأفكار النمطية شكلت أخيرا ثقافة نمطية وصور نمطية التي أدت بدورها ومع مرور الزمن وبفعل عوامل مساعدة...إلى تشكيل ذلك الوعي " الوعي النمطي " وتشكله بما ينتج عنه من سلوكيات وأفعال وأقوال وتصرفات تجاه أنفسنا أولا وتجاه الآخر المغاير..ثانيا،إيجابية كانت أم سلبية.


#الخلاصة :
إن الأفكار النمطية....،ومع مرور الوقت وبفعل تراكمها الكمي والنوعي وبفعل عوامل مساعدة.. ومع عدم التصدي لها ومواجهتها ومجابهتها وفضحها وذلك في حالة سلبيتها، في أي مجتمع من المجتمعات وشعب من الشعوب وأمة من الأمم، لابد بأن تشكل ثقافة نمطية..، تلك الثقافة النمطية التي يكون نتاجها صورة نمطية...ليتشكل ويشكل أخيرا " وعيا نمطيا.." وفقا لها وعلى أساسها.

"يتبع"