آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-01:31ص

في عمق الوعي النمطي (3)

الأربعاء - 02 يناير 2019 - الساعة 10:26 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

ثالثا : سمات وخصائص الوعي النمطي السلبي

إنه وقبل التحدث عن السمات والخصائص التي تميز الوعي النمطي السلبي وحتى تتضح الصورة والرؤية التي أريد إيصالها لابد من الإشارة إلى :
أولا : تحدثنا فيما سبق عبر هذه السلسلة في أولا وثانيا عن الوعي النمطي عموما بصفتيه الإيجابية والسلبية، لكننا هنا ولاحقا سوف نتحدث عن الصفة السلبية له فقط وآثارها السلبية على حياة الأفراد والمجتمعات المتخلفة والجاهلة والغير متجانسة..والتي يسيطر عليها ويتحكم بها وفيها الوعي النمطي السلبي ونحن إحدى تلك المجتمعات..وذلك من باب الحرص والمحاولة البسيطة على تشخيص ما نحن فيه..وعليه..ومن ثم وضع الحلول المناسبة للخروج من ذلك كله، طبعا هذا لا يعني بأن الوعي النمطي الإيجابي ليست له سلبياته الخاصة به وربما سوف نعرض ذلك في مناسبة أخرى، .
ثانيا : أنني شخصيا لا أعتبر ما أكتبه وأخطه هنا ترفا فكريا وبعيدا كل البعد عن الواقع المعاش، إنما أرى ومن وجهة نظري الشخصية المتواضعة بأن ما أكتبه وأخطه ماهو إلا تعبير عن دراستي الشخصية المتواضعة لواقعنا المعاش..،طبعا قد تتفقون معي في ذلك..وقد تختلفون..وهذا من حقكم، فلكل منا جميعا وجهته ونظرته الخاصة به لما نحن فيه..وعليه...
ثالثا : إن المصطلحات التي استخدمها في مقالاتي المتواضعة المختصرة قد تتفق مع تلك المصطلحات المستخدمة في كثير من العلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية...إلخ والتي تناسب واقعنا المعاش..وتتناسب معه، لكن منهجي الشخصي المتواضع في ذلك الاختيار هو أنني شخصيا انهمك في الواقع ومن ثم أستخدم المصطلح الذي أراه مناسبا لذلك ومتناسبا معه، ولا انهمك في المصطلحات ومن ثم أبحث عن الواقع في جزئياته التي يناسبها ويتناسب معها، ومقالاتي المتواضعة خير دليل على ذلك ومن ضمنها مصطلح "مرحلة التيه الوطني " الذي وبحسب علمي ومعرفتي لم يسبقني إليه أحد، وهذا المصطلح الذي أنا بصدد الحديث عنه" الوعي النمطي " فهو من المصطلحات النادرة الاستخدام في العلوم الاجتماعية وخاصة علم النفس الاجتماعي منها والذي أحببت بأن أستخدمه هنا وذلك كقناعة مني بأن الإنسان إبن وعيه، إنما المصطلح الأكثر شيوعا واستخداما هو "الصورة النمطية ".
وعودة إلى تلك السمات والخصائص التي يتسم بها "الوعي النمطي السلبي " في العلاقات الإجتماعية بين الأفراد والمجتمعات..فإنني أذكر منها ،على سبيل المثال لا الحصر، وبحسب وجهة نظري الشخصية المتواضعة ونتيجة لما أدعيه من معرفة متواضعة وقبل ذلك نتيجة لما أعانيه شخصيا مما نحن فيه..وعليه.. وبشكل مختصر كعناوين رئيسية، ما يلي :

أولا : الاستعلائية..والدونية..والعكس

بمعنى أن الوعي النمطي السلبي يولد لدى البعض، أفرادا كانوا أم جماعات..الخ، الشعور بالاستعلا عن غيرهم ومن ثم النظرة الدونيه إليهم والتعامل معهم وفقا لتلك النظرة الاستعلائية لذاتهم والدونية لغيرهم، بل إن الأخطر من ذلك أن أولئك الذين ينظر إليهم بتلك الدونية ومع مرور الوقت وبفعل عوامل مساعدة..يتقبلون تلك النظرة..حتى يصل بهم الوضع إلى أنهم ينظرون إلى أنفسهم من خلال تلك النظرة الدونية ويتقبلون تلك النظرة الاستعلائية من غيرهم ويعتبرونهم فعلا متعالون عليهم وكأنها جينات وراثية أو قضاء وقدرإلهيين لا مجال من الخروج منها والتخلص منها...إلخ.

ثانيا : الأفضلية..والاستحقارية...والعكس

بمعنى أن الوعي النمطي السلبي يولد لدى البعض، أفرادا كانوا أم جماعات...الخ ، الشعور بالافضلية على غيرهم ومن ثم النظرة الاحتكارية لغيرهم، وكما هو موضحا في أولا، ....إلخ.

ثالثا : التعميمية والشمولية والتضخيمية

بمعنى تعميم الفعل السىء الصادر من قبل فرد أو جماعة..الخ على جميع السلوكيات الصادرة منهم وشموليتها دون الالتفات ولو مجرد المحاولة لتلك الأفعال الجيدة الصادرة منهم، بحيث تتشكل الصورة النمطية السلبية تجاهم أخيرا وفقا لذلك الفعل السىء وتضخيمه وتضخمه ومن ثم يتم التعامل معهم وفقا له وعلى أساسه...

رابعا : التحيزية والإنحياز

بمعنى أن الوعي النمطي السلبي يجعل من الأفراد والجماعات...إلخ التي يتحكم بهم ويسيطر عليهم يتحيزون وينحازون إلى أبناء جلدتهم ومن هم على شاكلتهم ضد الآخر المغاير..بعض النظر عن صوابية وعدالة ذلك من عدمهما.....إلخ.

خامسا : التمييزية وليس التمايزية

بمعنى أن الوعي النمطي السلبي لدى بعض الأفراد والجماعات....الخ والذي يتحكم فيهم وبهم ويسيطر عليهم ينظرون إلى الآخر المغاير...من خلال أنهم مميزين عنهم وليس متميزين مهما صدر منهم من أفعال وأقوال وسلوكيات وتصرفات غير جيدة وغير أخلاقية، ومهما صدر من الآخر المغاير..من أفعال وأقول وسلوكيات وتصرفات جيدة وأخلاقية إلا أن تلك الظاهرة " ظاهرة التمييز " تظل متحكمة فيهم وبهم، وعيا نمطيا سلبيا " ومسيطرة...إلخ.

سادسا :الأحقية والاستحقاقية..والمنعية..والعكس

بمعنى أن الوعي النمطي السلبي يولد لدى البعض ، أفرادا كانوا أم جماعات...إلخ، الشعور بالاحقية والاستحقاقية لكثير من الأشياء دون غيرهم، دنيوية كانت أم أخروية أم كليهما معا، ومنعها عن الآخر المغاير..بل وحرمانه منها،والعكس كما هو مبين في أولا.....إلخ.
تلك هي أهم السمات والخصائص التي يتسم بها " الوعي النمطي السلبي " وغيرها وغيرها وغيرها والتي لا يتسع المجال هنا لذكرها جميعا وتفصيلها وأرجو منكم المعذرة على الإطالة إذ أنني لم أستطع الاختصار لأقل من ذلك...وقد يكون هناك فرصة أخرى لإستعراضها جميعا..
وعليه :
فإننا جميعا إذا نظرنا وتعمقنا في واقعنا المعاش ولما نحن فيه..وعليه..وبعمق وبحيادية وبتجرد من كل الثقافات العصبية المقيتة وبنظرة إنسانية أخلاقية، لوجدنا أن تلك السمات والخصائص متجذرة في واقعنا المعاش وتفعل فعلتها فيه وبأنها هي التي أوصلتنا جميعا إلى ما نحن فيه..وعليه.." مرحلة التيه الوطني ".
ألا تتفقون معي ؟؟ أم أن هناك رأى آخر؟؟
...
#الخلاصة :
إن أي مجتمع من المجتمعات يتحكم به ويسيطر عليه " الوعي النمطي السلبي " ويتجذر ممثلا بتلك السمات والخصائص التي يتسم بها ويتصف بها ذلك الوعي...لا يمكن له إلا أن يكون مجتمعا بعيدا كل البعد عن الإنسانية والأخلاقية القييمية وعن النبالة والشرف..إلخ، مهما أدعى ذلك وتغنى به وكتب وخطب عنه، فما الأفعال والسلوكيات والتصرفات إلا انصع برهان وأقوى حجة دامغة على ذلك...

"يتبع"