آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-02:13ص

الثورات الشعبية (1)

الإثنين - 18 فبراير 2019 - الساعة 06:34 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام......

إنه وبدون الدخول في جدلية التعاريف المختلفة لكلمة,,ثورة,, لغويا واصطلاحا, تاريخيا وفلسفيا, سياسيا وايدلوجيا وغيرها من التعريفات الأخرى ,وكذلك الفروقات بينها وبين الإنقلاب وبينها وبين الإنتفاضة
أقول بدون الدخول في ذلك كله, فإن الثورة الشعبية هي تلك الثورة التي يقوم بها ويسهم في قيامها معظم أبناء المجتمع الواحد, رجالا ونساء,أطفالا وشبابا وشيخوا,من مختلف مكونات المجتمع, طوائفا وفئاتا وأحزابا وطبقة..إلخ, أو جزء لا يستهان به منهم، والتي تأتي كحتمية تاريخية لآلام ومعاناة ذلك المجتمع وآماله بالخلاص من كل ذلك والانتقال إلى وضع أفضل وأحسن مما هو فيه..وعليه....

تلك الآلام والمعاناة التي تعتبر نتيجة طبيعية وحتمية وانعكاسا حقيقيا لتفشي ظاهرة الظلم في المجتمع وتجذرها, ولغياب العدالة..فيه وحرمانه من أبسط حقوقه والسطو عليها عبر التوزيع الغير عادل للثروة واحتكار قلة قليلة لها, والاستئثار والاختزال والاحتكار للبلد بأرضها وبإنسانها, وغياب الحرية والديمقراطية السياسية والاجتماعية والإقصاء والتنكيل والقهر والهدر والتشريد والاعدامات والاعتقالات ,والعيش في براثن الجهل والتخلف والفقر والبطالة وانعدام فرص التعبير بل ومنعها ومحاربتها, وتفشي ظاهرة الفساد والإفساد, وإحلال منظومة القيم السلبية وسيادتها محل منظومة القيم الإيجابية وغيابها, والاستئثار بمصير البلد,أرضا وإنسانا......إلخ.

القراء الكرام.....
كل ذلك وأكثر منه بكثير يتم بواسطة تلك الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية التسلطية الطغيانية والشمولية,,دولة العصبيات الضيقة والمقيتة,, أو ,,الدولة البوليسية,, أو ,,دولة المخابرات,,.....

القراء الكرام......
إزاء ذلك كله وعندما تتوفر الشروط الموضوعية, كلها أو جزءا منها, يقوم ذلك المجتمع ,عبر ثورة شعبية, بمعظم أفراده ومكوناته المختلفة بغرض التخلص والخلاص من تلك الأنظمة...واستبدالها بنظام آخر يلبي آماله وتطلعاته بغد أفضل وأجمل مما هو فيه..وعليه...

القراء الكرام......
تلك ,,الثورةالشعبية,, بغض النظر عن نجاحها أو فشلها,وبغض النظر عن الإخفاقات التي ترافقها وتصيبها, وبغض النظر عما حققته من أهدافه...وغاياتها..., وبغض النظر عن طول وفترة استمراريتها ووصولها إلى مرحلة الاستقرار التي تنشدها, وبغض النظر عن العراقيل والصعوبات التي تعترضها,داخلية كانت أم خارجية أم كليهما معا, وبغض النظر عن الاختراقات التي تنخر فيها وعن ظاهرة الانتهازية التى تتعلق بها وتتسلق عليها,وبغض النظر عن الدعاية المضادة لها ومحاولة تشويهها والنيل منها, وبغض النظر عن الثورات المضادة لها....إلخ.

القراء الكرام.......
أقول: بغض النظر عن كل ذلك, فإنها تكون قد وضعت حجر الأساس لمشروع التغيير الذي قامت من أجله، وبأن محاولة إعادة عجلة التغيير إلى الوراء عبر إعادة إنتاج ماكان قبلها واستنساخه وإعادة تدويره من قبل البعض لا يمكن لها النجاح أو التحقق، مهما بدت الرؤية من عدم الوضوح والضبابية ودخول البلد جراء ذلك كله فيما أسميه أنا شخصيا ب" مرحلة التيه الوطني"، وبأنها أخيرا سوف تصل إلى أهدافها....وغاياتها...., مادام كل ما أخرجها مازال موجودا بل وزاد أكثر بكثير مما كان قبلها.....
فقد علق الجرس

القراء الكرام.......
ليكن معلوما بإن هناك فرق كبيييييييييييييير وكبيييييييييييييير بين أن تكون الثورة نتيجة حتمية لآلام وآمال الشعب بمعظم أفراده ومكوناته المختلفة ,بعض النظر عن مشاربهم ومنابعهم الفكرية والايدلوجية والعقائدية والدينية, وبغض النظر عن انتماءاتهم الجهوية أو الأسرية أو الطبقية أو الجغرافية أو الفئوية أو الطائفية أو الحزبية...إلخ، معبرة عنهم جميعا,وانعكاسا حقيقيا لإيمان الوعي الجمعي الإجتماعي بضرورة التغيير والحاجة إليه, مستوفية جميع الشروط الموضوعية لنجاحها وإنجازها في غالبيتها ومعظمها، وبين أن تكون الثورة!!! نتيجة لرغبة فرد أو جماعة أو فئة أو طائفة أو حزب...إلخ في الوصول إلى السلطة والإستئثار بالوطن_إنسانا وأرضا-لصالحه/ها، أو أنها ثورة شعبية عفوية غير مكتملة الشروط الموضوعية لنجاحها وإنجازها.......

القراء الكرام......
إن أية ثورة يكون الإنسان الفرد أولا هو وسيلتها وهدفها وغايتها, انتصارا لإنسانيته وآدميته, مكتملة الشروط الموضوعية لنجاحها وإنجازها في غالبيتها ومعظمها لابد لها بأن تينع ثمارها وتؤتي أكلها مهما كانت العراقيل والصعوبات التي تعترضها....
طال الزمن أم قصر
شاء من شاء وأبى من أبى
وما تاريخ الثورات الشعبية قديمها وحديثها وحاضرها إلا خير دليل وأقوى برهان وأوضح مسار على ذلك...

..يتبع..