آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-12:59ص

الأصولية العربية

السبت - 02 مارس 2019 - الساعة 08:18 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام.....

إنه وبدون الدخول في جدلية التعاريف المختلفة والمتنوعة والمتعددة لمصطلح كلمة,, الأصولية,, لغوية كانت أم اصطلاحا أم غيرها من التعريفات الأخرى , وبدون الدخول كذلك لنشأة ذلك المصطلح والسياق التاريخي له ومناسبته والدلالة التاريخية له, وكذلك بدون الدخول في الموافق والآراء المختلفة حول ذلك المصطلح ,إيجابا أو سلبا, وأنواعه وأشكاله وصوره ومظاهره, ووووووووو....إلخ.

إلا أنه إجمالا يمكن القول بأن :

(الأصولية هي اصطلاحٌ سياسي فكري مستحدث يشير إلى نظرة متكاملة للحياة  بكافة جوانبها السياسية والاقتصادية  والاجتماعية والثقافية نابعة عن قناعة متأصلة نابعة عن إيمانٍ بفكرةٍ أو منظومة قناعات، تكون في الغالب تصوراً دينياً  ً أو عقيدةٍ دينية.)

بمعنى منظومة الأفكار والمعتقدات والرؤى التي تشكل الوعي الجمعي الاجتماعي للأمة ,أفرادا وجماعات وشعوب, بما ينتج عنها من كيفية التعامل مع الذات ومع الآخر....

أما إذا نظرنا إليها من وجهة النظر التاريخية الماضوية فإن الأصولية في السياق التاريخي الماضوي (تعني العودة إلى ما تعدُّه جماعة معيّنة أو أمة معينة أساساً لهوِّيتها الثقافية، عودة تمليها الحاجة إلى توكيد الهوية الثقافية والحضارية والدفاع عنها إزاء تحد أو انتهاك خارجيين. وبحسب مقتضيات العودة إلى الأصول وإلى مرحلة التأسيس، أو «العصر الذهبي»، تكون الأصولية إما سلفية قوامها الحنين إلى الماضي الذي يصير معياراً ذاتياً ينكشف في ضوئه فساد الحاضر وانحطاطه، أو تكون إصلاحية ومستقبلية قوامها تأصيل المنجزات الثقافية والعلمية والتقنية والأفكار والمفاهيم السياسية المعاصرة بغيةَ إدماجها في المجال الثقافي الخاص بالجماعة أو الأمة المعنية، لتحقيق ضرب من التكيُّف مع العصر، وضرب من التواصل التاريخي، يمنحان الجماعة أو الأمة شعوراً بذاتيتها واستقلالها وفرادة شخصيتها الحضارية. بهذا المعنى الأخير، لا تنفصل الأصولية عن «الوعي الذاتي» الذي يحدد رؤية الجماعة لذاتها وللآخر، ورؤيتها للعالم وللتاريخ. وبحسب مقتضيات العودة إلى الأصول ودواعيها تكون الأصولية إما حركة إصلاح وتجديد وإعادة تأسيس عملية وإيجابية، أو حركة احتجاج ذاتية وسلبية.)

فالأصولية ليست خاصة بإمة من الأمم أو شعب من الشعوب أو مجتمعا من المجتمعات أو حضارة من الحضارات أو مبدأ ايدلوجيا وسياسيا من الايدلوجيات والسياسات, أو كذلك بدين من الأديان,. فتلك الظاهرة,, ظاهرة الأصولية,, موجودة ومنتشرة في كل مكان وفي كل الشعوب  والأمم والمجتمعات

والحضارات والأديان, إنما الاختلاف فيما بينها جميعا هو في درجة حدتها وتغلغلها وتجذرها في العقلية والفكر والوعي لتلك الأمم والشعوب والمجتمعات والكيانات, وكذلك في مدى ودرجة سلبيتها وايجابيتها.......

.......

القراء الكرام.....

إننا إذا تعمقنا ونظرنا بعمق وبحيادية تامة ومتجردة من أي نوع أو شكل أو صورة من أنواع وأشكال وصور التعصب, بحثا علميا منهجيا عن الحقيقة, لوجدنا بأن إحدى الإشكاليات المهمة والخطيرة التي تعاني منها العقلية العربية الحاضرة تتمثل ب,,ظاهرة الأصولية,,أو,,ظاهرة الماضوية,,

سواء تلك العقلية الدينية الإسلاموية بتعددها, أو تلك العقلية القومية بتعددها, أو تلك العقلية الأممية اليسارية بتعددها, أو تلك العقلية اليبرالية.....

فهناك أصولية دينية إسلاموية.., وهناك أصولية قومية.., وهناك أصولية أممية يسارية...وهناك أصولية ليبرالية ..., وغيرها وغيرها من الأصوليات الأخرى....

لأن ذلك وببساطة شديدة تتحكم فيه وتحكمة,, ماضوية تراثية,, تلك ,,الماضوية التراثية,, التي شكلت العقلية العربية الحاضرة بمختلف اتجاهاتها... وانتمائتها...

فتلك الايدلوجيات والأفكار والرؤى لم تستطع حتى الآن تفكيك تلك,, الماضوية التراثية,, والإرتقاء إلى مستواها, إنما ظلت أسيرة لتلك الماضوية...كل يبحث فيها ويغوص عله يجد فيها شيئا يعزز فيه ايدلوجيته وأفكاره وقناعاته....إلخ

..............

القراء الكرام.....

إن المهمة الأساسية التي أمامنا جميعا كأمة, نخبا ومفكرين ومثقفين وعلماء بالمقام الأول وبالدرجة الأولى, هو القيام بعملية تفكيكية لذلك الوعي...الذي أوصلنا جميعا إلى ما نحن فيه...وعليه...,وذلك وفقا لمنهج علمي ,ومن ثم القيام بعملية إحلالية بدلا عنه وبديلا له, وذلك عبر سلسلة من العمليات المتتالية والمتتابعة التنويرية لتنوير العقلية العربية الحاضرة وصولا إلى عقلية عربية تنويرية...

أعرف بأن ذلك شاق وصعب وعسير, وقد يكون حلما طوباويا ساذجا عند البعض, لكنه غير مستحيل, فما الحاجة إلا وعي النقص, وما تاريخ الآخر...إلا خير دليل وانصع برهان وأقوى حجة دامغة على ذلك...

شاء من شاء وأبى من أبى

طال الزمن أم قصر

بكم...يتجدد الأمل..ويتحقق