آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-03:15ص

بنيوية النظام الأبوي (3)

الثلاثاء - 05 مارس 2019 - الساعة 06:15 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

ثالثا : مظاهر النظام الأبوي العربي :

 

القراء الكرام.......

قلنا في المنشورات السابقة بأن النظام الأبوي في المجتمعات العربية ليس مقصورا فقط على السيطرة المجردة للذكر على الانثى، إنما هو ظاهرة سلطوية تسلطية، وعيا وسلوكا، في جميع مجالات الحياة العامة للمجتمع العربي، ابتدأ من الاسرة الصغيرة مرورا بالمجتمع المصغر على مستوى العشيرة فالقبيلة حتى رأس الهرم السلطوي التسلطي في البلد، بحيث يهيمن ذلك النظام... على مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية والعادات والتقاليد والسياسية ..الخ، بحيث تطبع الحياة العامة بطابع سلطوي تسلطي استبدادي... الخ، مما يشكل ظاهرة عامة سلطوية تسلطية.. يكون الإنسان الفرد ضحيتها الأول...

........

القراء الكرام.....

إن من ابرز مظاهر ذلك النظام، طبعا على سبيل المثال لا الحصر، هي :

أولا : مظاهر أسرية :

....يتجلى ذلك من خلال السيطرة الذكورية للأب على الاسرة والتحكم فيها خاصة الاناث ممثلة بالزوجة والبنات، أو من ينوب عنه من الأبناء الذكور وغالبا مايكون الأبن الأكبر منهم... ليس فقط على الاناث وحدهن وإنما على الذكور الصغار أيضا...

ثانيا : مظاهر اجتماعية :

.....يتجلى ذلك من خلال سيطرة الأسر الكبيرة على الأسر الصغيرة، والعشائر أو القبائل الكبيرة على الصغيرة منها....

ثالثا : مظاهر جهوية مناطقية :

.....يتجلى ذلك من خلال سيطرة منطقة معينة في البلد أو في جزء منه على المناطق الأخرى في اطارها...

رابعا : مظاهر اثنية عرقية :

......يتجلى ذلك من خلال سيطرة إثنية معينة أو عرق معين على الإثنيات والأعراق الأخرى في إطار البلد أو المنطقة الجغرافية.....

خامسا : مظاهر دينية :

......يتجلى ذلك من خلال سيطرة دين معين أو مذهب معين في إطاره على بقية الاديان والمذاهب الأخرى.....

سادسا : مظاهر ثقافية :

......يتجلى ذلك من خلال سيطرة ثقافة معينة على غيرها من الثقافات الأخرى.....

سابعا : مظاهر اقتصادية :

.....يتجلى ذلك من خلال سيطرة نمط اقتصادي معين أو بيت اقتصادي محدد أو شركة اقتصادية معينة على غيرها من الأنماط والبيوت والشركات الاقتصادية الأخرى......

سابعا : مظاهر سياسية :

....يتجلى ذلك من خلال سيطرة فئة معينة أو طائفة أو منطقة أو سلالة أو حزب... الخ على مقاليد السلطة السياسية في البلد والتحكم بمصيره والاستحواذ والإستئثار بثرواته ومقدراته.......

هذه بعض من مظاهر النظام الأبوي في المجتمعات العربية والتي تعتبر السيطرة والتسلط هي القاسم المشترك بينها جميعا، فالزعيم والقائد هو الأب لكل أبناء البلد وهو المتحكم الوحيد بمصيرهم وهو المرشد والناصح الأمين لهم ،أوامره مطاعة ومنفذة، حكمه نافذ فيهم لا يرد ولا يستأتف، هو البلد وهو الدولة وهو السلطة والحكومة، هو القاضي والوزير والوكيل... الخ، هو الدستور والقانون وهو الحكم دوما وغيره الخصماء، هو السيد وهم العبيد.... إلخ.

والأخطر من ذلك كله ان ابوته وسلطته مستمدة من الابوة السماوية والسلطة السماوية وتشريعه تشريع سماوي بما يترتب على ذلك وما ينتج عنه..........

..................

القراء الكرام......

ان من اخطر ما يميز النظام الأبوي العربي عن غيره في المجتمعات الأخرى ان سلطته الأبوية التي تشكلت وشكلت الوعي واللاوعي الجمعي الاجتماعي للمجتمعات العربية مستمدة من السلطة السماوية المقدسة وان الخروج عليها هو خروج عن تلك القدسية السماوية والتي عمل ذلك النظام... وعبر قرو،  عبر الاستغلال السيء للنصوص الدينية وتفسيرها بما يتوافق ويتناسب مع رغباته، على تجذير سلطويته تلك.. وذلك بمساعدة فقهاء السلاطين والسلطات.....

"يتبع"