آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-02:26م

بنيوية النظام الأبوي (4)

الأربعاء - 06 مارس 2019 - الساعة 05:43 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام......

تحدثنا عبر (1) و (2) و(3) عن تعريف النظام الأبوي وخصائصه ومظاهره، وقلنا بأن تجذر النظام الأبوي في العقلية العربية الخاصرة يعتبر أحد أهم الأسباب الجوهرية التي أوصلتنا كأمة إلى ما نحن فيه..وعليه..., لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :

 لماذا سقطت كل الأنظمة التسلطية مؤخرا في أغلب بلدان العالم..وبقية تلك التسلطية جاثمة علينا كأمة بل إن بعضها ازداد تسلطا مما كان عليه وتجذرا, ولماذا نجحت تلك الثورات الشعبية في تلك البلدان..في الوقت الذي فشلت كل الثورات الشعبية في أمتنا, طبعا بنسب متفواته فيما بين بلدانها, ولم تحقق الغاية المرجوة منها؟؟!! وهل النظام الأبوي ببنيته هو السبب الرئيسي والأساسي في ذلك أم هنالك أسباب وعوامل أخرى ؟؟؟

.........

القراء الكرام.......

إنه ووفقا للقاعدة المنطقية التي تقول :

إن التشخيص الدقيق والسليم...يؤدي حتما إلى العلاج الدقيق والسليم...,مع توفر الإمكانيات طبعا, والعكس صحيح, فإن لتلك الحالة التي وصلت إليها أمتنا من التسلطية وعدم قدرتها على التخلص منها والانتقال إلى واقع أفضل وأحسن أسباب عديدة ومتنوعة يمكن تقسيمها وفقا للعامل الجغرافي إلى :

أولا : الأسباب الداخلية :

وهي تلك الأسباب التي تخصنا نحن كأمة حيث يمكن تقسيمها وفقا للمشاركين بها إلى :

1--أسباب خاصة بطبيعة السلطة التسلطية....

2-- أسباب خاصة بطبيعة المجتمعات العربية...

3-- أسباب خاصة بطبيعة الفرد في تلك المجتمعات...

4-- أسباب خاصة بطبيعة النخب...في تلك المجتمعات والبلدان العربية.....

أما إذا نظرنا إليها وفقا للعامل الزمني فيمكن تقسيمها إلى :

1-- أسباب ماضوية موروثة.....

2-- أسباب حاضرة متصلة بحاضرنا كأمة منذ بداية النهضة العربية الحديثة....

كل تلك الأسباب والعوامل أثرت فيها وتأثرت بها العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والفكرية والبنيوية والدينية والمذهبية والعرقية والاثنية والجهوية والجندرية والجغرافية...الخ, لعل أهمها وأبرزها هي تلك البنيوية الأبوية للمجتمعات العربية والمتحكمة في الوعي واللاوعي الجمعي الاجتماعي للأمة ابتدأ من الأسرة البسيطة مرورا بالعشيرة والقبيلة ووصولا إلى قمة الهرم الأبوي السلطوي التسلطي في بلداننا....

ثانيا : الأسباب الخارجية :

وهي تلك الأسباب والعوامل الخارجية التي تضاف إلى تلك الأسباب والعوامل الداخلية والتي تعمل على استمرارية تلك التسلطية في بلداننا العربية وتمنعنا من التخلص منها ونجاح محاولاتها والعمل مع تلك الأنظمة...على إفشالها, بل إن العامل الخارجي في بعض الأوقات قد يكون له اليد الطولى والعامل المحوري والأساسي في ذلك....

ويمكن تقسيم الأسباب الخارجية وفقا للجغرافيا إلى :

1-- أسباب خاصة بدول الجوار الملتصقة جغرافيا بنا...

2-- أسباب خاصة بالدول الأخرى البعيدة جغرافيا عنا...

3--- أسباب خاصة ومجتمعة بكليهما معا....

كل تلك الأسباب والعوامل جعلتنا كأمة تعاني مما هي فيه....وعليه.....

..............

القراء الكرام.......

إنه ولكي تخرج الأمة مما هي فيه..وعليه..لابد لها أولا بأن تدرس تلك الأسباب دراسة تحليلية علمية ومنهجية وفقا للمنهج العلمي المتبع في ذلك...ومن ثم وضع التصورات العلمية الصحيحة لمعالجة تلك الأسباب والعوامل ,آخذة بعين الاعتبار كل العراقيل والصعوبات التي تعترضها..واضعة كل التصورات للتغلب عليها, ولن يتم ذلك إلا بوجود وبلورة المشروع الحضاري العربي الديمقراطي كجزء أصيل من المشروع الحضاري الإنساني مؤثرا فيه ومتأثرا به باعتباره مشروعا حضاريا للإنسانية جمعاء دون إغفال الخصوصية الخاصة لكل أمة من الأمم...وباعتبار الإنسان الفرد أولا هو وسيلته وهدفه وغايته أينما وجد في هذا العالم دون تمييز.....

ولن يكون ذلك قابلا للتحقق إلا إذا شعرنا وأدركمنا جميعا في هذة الأمة, وعيا قبل سلوكا, بأننا في أمس الحاجة إلى ذلك المشروع..وكما يقول الفيلسوف الألماني ,,هيجل,,:

إن الحاجة هي الوعي بالنقص

القراء الكرام......

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق