آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-01:23ص

المثقف الإنساني الكبير (3)

الإثنين - 25 مارس 2019 - الساعة 05:08 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام..

 

ثالثا : سمات وخصائص المثقف الإنساني الكبير

 

فى منشورين سابقين تحدثنا على ضرورة وجود مثقفين إنسانيين كبار ,,منقذين,, تكون مهمتهم الأساسية هي إنقاذ مجتمعاتهم وشعوبهم وأممهم وإخراجها مما هي فيه..وعليه...,لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : من هم أولئك المثقفين الإنسانيين الكبار؟ ومتى يكون المثقف " مثقفا إنسانيا كبيرا"؟

 بمعنى آخر :

ماهي الشروط الواجب توافرها في المثقف حتى يكون مثقفا إنسانيا كبيرا، سماتا وخصائصا، ؟

في هذا المنشور الشخصي المتواضع سوف أحاول بأن أجيب على ذلك السؤال المطروح آنفا وبإختصار وبإيجاز شديدين, وذلك طبعا بحسب الأرضية المعرفية المتواضعة التي أرى نفسي بأني أمتلكها أو بالأصح أحلامي التي أتمنى بأن يتحقق ولو جزءًا بسيطا منها,وأرجو منكم جميعا إثراء الموضوع, كل بحسب قدرته , وذلك حتى نخرج برؤية واضحة حول ذلك.

أقول بأنه يجب أن تتوفر عدة شروط،سماتا وخصائصا، مهمة في ذلك المثقف نفسه حتى يمكن لنا بأن نسمية,,مثقفا إنسانيا كبيرا,, قادرا على إنقاذ مجتمعه وشعبه وأمته وإخراجها مما هي فيه..وعليه..,أذكر منها, على سبيل المثال لا الحصر, ما يلي:

 

يجب على ذلك المثقف بأن يكون:

# إيجابيا, يتعاطى مع قضايا أمته ومجتمعه بإيجابية شديدة وبعيدا عن السلبية..

# متخلصا من أي نوع من أنواع وأشكال وصور الثقافات العصبية الضيقة المقيتة التي تقيده وتكبله بقيودها وباغلالها...ومتحررا منها...

# كافرا وملحدا بظاهرة الصنمية الايدلوجية بكل سماتها وخصائصها ومظاهرها ومتحررا ومتخلصا من قيودها واغلالها وأصفادها...

# تنويريا وحداثيا, يؤمن بالتنوير والحداثة ويسعى جاهدا لرفد معارفه ومداركه بالأفكار التنويرية والحداثية مهما كان مصدرها وبأن يكون التراث التنويري والحداثي هو مرجعيته في ذلك دون إغفال الخصوصية الخاصة لأمته ومجتمعه...

# أن تكون فضيلته المعرفة ومعرفته الفضيلة وأن يحلق عاليا في فضاءاتهما الرحبة....

# أن يكون مؤمنا بالإنسان الفرد وبإنسانيته وبآدميته باعتباره هو الوسيلة والهدف والغاية من أي تغيير، منتصرا لحريته وكرامته وحقه الطبيعي المقدس في الحياة بحرية تامة وبكرامة غير مهتوكة وبحقوق إنسانية كاملة غير منقوصة،..

 بمعنى آخر ومختصر منتصرا لإنسانية الإنسان وآدميته أينما وجد وحيثما حل وارتحل مادامت تلك الإنسانية وتلك الآدمية منتهكة...

# ألا يكون انهزاميا,يأسا, قانطا, محبطا,متعاليا,محبا للذات, باحثا عن الشهرة والمكسب, شاعرا بالدونية تجاه الآخر.....إلخ ومتخلصا من ,,عقدة النقص ,, سواء كانت شهادة عليا أو ثراء ماديا أو موقعا سلطويا...إلخ.

# أن يكون مؤمنا بأمته وبمجتمعه وبقدرتها على التخلص مما هي فيه..وعليه..والخروج من كل ذلك...

# ألا يعتبر نفسه ,,قائدا للتغيير,, بالمفهوم السياسي له فقط, إنما مفكرا تنويريا وحداثيا يقوم بنشر الأفكار التنويرية والحداثية في أوساط مجتمع أمته وزرعها حتى تؤتي ثمارها وأكلها بعد حين....

# أن يعرف قدراته الذاتية جيدا ويتحرك وفقا لها وفي إطارها وذلك حتى لا يصاب بالإحباط والشلل.....

# ألا يكون ماضويا ومستقبليا,وعيا قبل سلوكا, إنما يعيش الحاضر ومن خلاله يتعامل مع الماضي وينظر للمستقبل ,بمعنى ألا يكون,,اغترابيا,,..

# أن يكون دارسا دراسة تحليلية علمية ومنهجية لمجتمعه وأمته...

# أن يكون واقعيا في تعاطيه مع الأحداث التي تعصف بمجتمعه وبأمته غير طوباويا....

# أن يكون مؤمنا بحرية الرأي والرأي الآخر وبأحقية الاختلاف معه متخلصا من ثقافة الإقصاء والاختزال واحتكار الحقيقة...

# أن يكون مؤمنا بحرية المعتقد والمذهب والأفكار والرواء, وعيا قبل سلوكا,تعاطيا إيجابيا معها...

# ألا يحتقر العادات والتقاليد الاجتماعية والعقائد, وخاصة الدينية منها في المقام الأول, لما لذلك من آثار سلبية عليه متمثلة برفضه من قبل تلك المجتمعات ,مهما كانت سلامة وصحة الأفكار التنويرية والحداثية التي ينادي بها, فطبيعة الإنسان هي النظر إلى كل ماهو جديد بعين الريبة والشك ,والتعامل مع ذلك الجديد وفقا للحذر والحيطة الشديدتين وحتى الرفض المطلق له ,مهما كان ذلك الجديد إيجابيا ويحمل الخير الكثير له ومن أجله....

# ألا يفقد ثقته بنفسه وأن يكون هو ذاته كما يريد هو لا كما يراد له بأن يكون من قبل الآخرين, مستعدا لتقبل النقد البناء متفاعلا ومتعاطيا تعاطيا إيجابيا معه, ومستعدا لتقييم تجربته...والاعتراف بالخطأ وحتى الهزيمة إن وجدت,ومن ثم السير مجددا....

# أن يكون صلبا وقويا وعنيدا في الدفاع عما يؤمن به أمام كل الإغراءات والتهديدات من قبل أولئك الذين يرون بأنه ,عبر أفكاره التنويرية والحداثية, يمثل خطرا جسيما على مصالحهم..الضيقة...

# أن يكون.......

# أن يكون.......

# أن يكون......

.......

.......

......

# وقبل كل ذلك ,عليه بأن يكون,, إنسانيا,,.

.........

القراء الكرام.....

فإن أي مثقف تتوفر فيه تلك الشروط أو معظمها لا يمكن له إلا بأن يكون,,مثقفا إنسانيا كبيرا,, ولا يمكن لتلك الأفكار التنويرية والحداثية التي يحملها ويؤمن بها ويعمل على نشرها,كتابة أو تلفظا أو كليهما معا, ولذلك العمل الذي يقوم به تجاه مجتمعه وأمته إلا بأن تؤتي ثمارها وأكلها,سواء في حياته أو بعد مماته,

شاء من شاء وأبى من أبى

طال الزمن أم قصر

وما تاريخ أولئك "المثقفين الإنسانيين الكبار" في مجتمعاتهم وشعوبهم وأممهم, قديما وحديثا وقديمها وحديثها, إلا خير دليل وأنصع برهان وأقوى حجة دامغة  وشاهد على ذلك كله...

......

#القراء الكرام.....

بمثل هؤلاء وأمثالهم واقرانهم وبغيرهم من الرموز المجتمعية الأخرى...وبتعاون الجميع وتكاتفهم وتعاضدهم، كل يكمل الآخر، تستطيع تلك المجتمعات والشعوب والأمم وعلى رأسها وفي مقدمتها أمتنا العربية بمجتمعها وبشعبها الخروج مما هي فيه..وعليه...، بغير ذلك وبالإصرار في السير على وفي الطريق الحالي الذي تسلكه لن تحصد إلا على مزيد مما هي فيه..وعليه..وتكون النتيجة الطبيعية والحتمية النهائية هي الانقراض الانقراض الانقراض الانقراض الانقراض...إلخ.

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق 

 

"يتبع"