آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-01:31ص

المثقف الإنساني الكبير (5)

الأربعاء - 27 مارس 2019 - الساعة 09:47 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام..

 

خامسا : ثقافة " المثقفين الإنسانيين الكبار"

 

تحدثنا عبر هذه النافذة، وفي هذه السلسلة..المتواضعة في أولا وثانيا وثالثا ورابعا حول أهمية وجود مثقفين كبار ينقذون مجتمعاتهم وشعوبهم وأممهم مما هي فيه..وعليه..، وكذلك عن تعريفهم وسماتهم وخصائصهم وعن المهام والأدوار المنوطة بهم القيام بها، لكن وبما أن لك مثقف..ثقافته الخاصة به، ذاتية وغير ذاتية، سواء كانت تلك الثقافة إيجابية أو سلبية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :

ماهي سمات وخصائص تلك الثقافة التي يجب على أي مثقف..بأن ينهل منها حتى يكون " مثقفا إنسانيا كبيرا"؟

هذا ما سوف أحاول الإيجابة عنه وبطريقة مختصرة ومبسطة ووجيزة، وقبل ذلك بحسب الأرضية المعرفية المتواضعة لدي، وأتمنى بأن أكون موفقا ولو في جزء بسيط ويسير في ذلك..

إنه وبدون الدخول في جدلية التعاريف المختلفة, فلسفية وايدلوجية ,لكلمة ,,ثقافة,, ومصادرها اللغوية واستقاقاتها اللفظية , وبدون الدخول في تفاصيل العوامل المؤثرة في ثقافة فرد ما ومجتمع ما وشعب ما وأمة ما, فإنه يمكن القول إجمالا بأنها مجموعة الآراء والتصورات والأفكار والصور لفرد ما أو مجتمع ما أو شعب ما أو أمة ما تجاه حياته اليومية ونظرته إلى الآخر وفقا لها وعلى أساسها وفي إطارها، ومن ثم السلوكيات والتصرفات التي تنتج عنها, سواء كانت سلبية أم إيجابية , وعندما تكون تلك الثقافة في مجتمع ما ثقافة متخلفة ومتحجرة ومتعصبة واقصائية واختزالية وعدائية واستبدادية واستعبادية وتسلطية ,

بمعنى ,, ثقافة العصبيات,, المقيتة, في ظل هكذا ثقافة, كان لزاما بأن توجد ثقافة مغايرة لها, تكون بديلة لها, تلك هي ,, الثقافة الإنسانية,,، ثقافة القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة،  التي يجب بأن يتصف بها ويحملها ويؤمن بها أولا أولئك الذين يسعون إلى تغيير الثقافة المتخلفة والجاهلة" الثقافة النمطية السلبية " لمجتمعاتهم وشعوبهم وأممهم نحو الأفضل, والتي تعتبر الثقافة الوطنية جزءا أصيلا منها, تلك الثقافة التي تؤمن بالآخر كونه إنسانا أولا, تحترم إنسانيته وتكرم آدميته وتؤمن بحريته بالاختلاف أيا كان نوعه, وتؤمن بالعيش المشترك معه في وطن واحد, تحترم خصوصيته وتتعامل معه وفقا لذلك,.

تلك الثقافة....التي يجب بأن تكون منبعا ومصدرا لأية ثقافة يحملها ويؤمن منها ويسعى إلى تجذيرها أولئك " المثقفون الإنسانيون الكبار" الذين يسعون لتغيير واقع مجتمعاتهم وشعوبهم وأممهم المتخلفة والجاهلة، لابد بأن تكون قائمة على أساس دراسة الواقع الاجتماعي لتلك المجتمعات والشعوب والأمم  المتخلفة والجاهلة , دراسة تحليلية علمية ووفقا للمنهج العلمي المتبع في ذلك, من حيث العوامل والأسباب التي أدت إلى ذلك التخلف وتلك الجهالة والمؤثرات الداخلية والخارجية عليه وكيفية معالجتها والتخلص منها ومن ثم البناء الصحيح وفقا لتلك الدراسة,.

إن أي مثقف إنساني كبير يريد القيام بعملية التغيير إلى الأفضل لابد بأن يكون عمله قائماً على أساس متطلبات المجتمع وحاجياته

وفقا لثقافة وطنية نابعة من الواقع الاجتماعي للبلد أو الأمة وانعكاسا حقيقيا له, ثقافة وطنية قومية في إطار الثقافة الإنسانية ومغايرة لكل الثقافات العصبية المقيتة,.

إن الحلول الصحيحة والمناسبة لذلك الوضع المتخلف والجاهل لا يمكن إلا أن يكون ذلك الواقع الاجتماعي...مصدرها ونابعة منه ,لا تقليدا أعمى للنظريات والثقافات الوافدة....

 

القراء الكرام....

إن هناك فرق كبيييييييييييييير وكبيييييييييييييير بين أن تكون ثقافة المثقف....نتيجة حقيقية وطبيعية  وانعكاسا حقيقيا وطبيعيا لحاجيات ومتطلبات الواقع الذي يعيشه ومعبرة عنه وقائمة على أساس الثقافة الوطنية الجامعة في إطار الثقافة الإنسانية الأوسع والأرحب ووفقا لها وعلى أساسها وفي إطارها, وبين أن تكون نتيجة...وانعكاسا...لنظريات وايدلوجيات معبرة عن واقع تعيشه مجتمعات أخرى أو عاشته، مهمها كانت لنتائج الإيجابية لتلك النظريات والايدلوحيات في تلك المجتمعات والشعوب والأمم التي نشأت فيها، أما إذا كانت تلك الثقافة..قائمة على أساس الثقافة العصبية المقيتة في إطار الثقافة الضيقة ووفقا لها وعلى أساسها، وعيا وأفكارا ومنابعا ومصادرا، فتلك هي الطامة الكبرى والكارثة الحقيقية والمصيبة العظمى على ذلك المثقف..أولا وعلى مجتمعه وشعبه وأمته ثانيا وعلى الإنسانية برمتها، وفي هذه الحالة لا يمكن لذلك المثقف..إلا أن يكون " مثقفا عصباويا ضيقا ومقيتا" وهذا هو :

المثقف الغير إنساني الصغير...

..............

القراء الكرام....

إن تنشئة الأفراد وتثقيفهم في المجتمعات المتخلفة والجاهلة والغير متجانسة....على أساس الثقافة الوطنية القومية الحقيقية في إطار الثقافة الإنسانية الجامعة ووفقا لها وعلى أساسها وفي إطارها

هي العلاج السليم والأسلم والصحيح والأصح والواحد والأوحد والناجح والأنجح ل,, ثقافة العصبيات,, المقيتة بكل أشكالها وأنواعها وصورها ومسمياتها وتسمياتها وبكل وعيها وأفكارها وسلوكياتها وتصرفاتها, وهي الضمان الوحيد لوحدة المجتمع والأمة وتماسكها واستقرارها ومن ثم نموها وازدهارها, وهي الحصن المنيع ضد كل من يريد النيل منها, داخليا كان أم خارجيا أم كليهما معا, وقبل ذلك هي الوسيلة الوحيدة لإيجاد وتنشئة " مثقفا إنسانيا كبيرا"...

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق