آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:48م

الوعي الأخلاقي (2)

السبت - 30 مارس 2019 - الساعة 05:58 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام..

أما بعد :

ثالثا : أهمية الوعي الأخلاقي

قلنا فيما سبق بأن أي وعي من أنواعه أو أشكاله أو صوره لا يمكن له بأن يكون وعيا إيجابيا فعيلا وفعالا يؤتي ثمارة، سلوكا إيجابيا وواقعا إيجابيا إنسانيا معاشا، ما لم يستند ويرتكز على أساس الوعي الأخلاقي ووفقا له.

بمعنى آخر أعم وأشمل ومختصر :

إن الوعي الأخلاقي هو الركيزة الأساسية التي يرتكز عليها أي وعي إيجابي آخر، وهنا تكمن الأهمية العظمى للوعي الأخلاقي في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم.

ذلك الوعي الأخلاقي ليس خاصا بفرد من الأفراد أو مجتمع من المجتمعات أو شعب من الشعوب أو أمة من الأمم، إنما هو يخصهم جميعا وبدون تمييز على أي نوع أو شكل أو صورة من أنواع وأشكال وصور التمييز....

فمتى وجد الوعي الأخلاقي وتجذر في عقلية الفرد والمجتمع والشعوب والأمم بمكوناتهم المختلفة وجدت الفضيلة وسادة القيم النبيلة بما لذلك من آثار إيجابية في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم وبما لذلك من رقي إنساني أخلاقي، سلوكا ومعاملة، قولا وعملا، فيما بينهم جميعا.

ولست هنا مؤهلا لتقديم بحثا مفصلا حول أهمية الوعي الأخلاقي في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم، وذلك لسببين :

السبب الأول ،وهو الأهم، :

أنني شخصيا لا أزعم الإدعاء بأنني قادرا على فعل ذلك..

السبب الثاني :

أن هذه المقالات المتواضعة لا يمكن لها بأن تلم بكل ذلك، حتى ولو وجدت القدرة على فعل ذلك.

لكنني أستطيع بأن أشير هنا إلى تلك الأهمية كعناوين ،حيث أن كل عنوان منها يحتاج إلى مجلدات لتوضيحه وتبيينه وشرحه، وتلك مهمة ليست باليسيرة والسهلة والبسيطة، إنما هي مهمة صعبة للغاية وشاقة وتحتاج إلى متخصصين في ذلك، أفرادا وجماعاتا ورموزا ومراكز أبحاث ودراسات إنسانية ومنظمات مختلفة ومتعددة ومتنوعة وكذلك دولا، ويحتاج إلى تمويل ضخم من قبل الأفراد والمؤسسات الخاصة والحكومية وغيرها وغيرها وغيرها...إلخ.

تلك العناوين، على سبيل المثال لا الحصر،  هي :

أولا : أهمية الوعي الأخلاقي في الإصلاح الديني والعقائدي....وهو الأهم منهم جميعا.

ثانيا : أهمية الوعي الأخلاقي في الإصلاح السياسي..

ثالثا : أهمية الوعي الأخلاقي في الإصلاح الإجتماعي...

رابعا : أهمية الوعي الأخلاقي في الإصلاح الثقافي والفكري....

خامسا : أهمية الوعي الأخلاقي في الإصلاح الاقتصادي...

سادسا : أهمية الوعي الأخلاقي في الإصلاح الإعلامي، حيث أن لوسائل الإعلام المختلفة دورا رئيسيا ومحوريا في تشكيل وتشكل وعي الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم ومن ثم السلوكيات الناتجة عن ذلك، إن إيجابا فإجابا وإن سلبا فلسبا،....

سابعا : أهمية الوعي الأخلاقي في التعايش السلمي بين الأفراد بعضهم البعض وبينهم وبين مجتمعاتهم وبين مكونات المجتمع الواحد وفئاته الأخرى ومع المجتمعات والشعوب والأمم الأخرى...

ثامنا : أهمية الوعي الأخلاقي في العلاقات الإجتماعية، فردية كانت أم جماعية أم جماعاتية من جهة، وبينهم وبين الدولة من جهة أخرى، والعكس....

بمعنى آخر أعم وأشمل ومختصر :

أهمية الوعي الأخلاقي في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم في جميع المجالات الحياتية المختلفة...

القراء الكرام....

وبناء على ما سبق ذكره ونتيجة له، فإن المجتمعات المتخلفة والجاهلة والغير متجانسة اجتماعيا وثقافيا وعقائديا ودينيا ومذهبيا وعرقيا...الخ والتي يسود فيها غياب الوعي الأخلاقي ويتحكم فيها"وعي التخلف" ويسيطر، لا يمكن لها بأن تخرج مما هي فيها..وعليها..إلا بعملية تغييرية وعيية تنويرية تحديثية تستهدف بالمقام الأول نخبها حتى تكون مؤهلة للقيام بالدور المناط بها في تلك العملية الوعيية التنويرية التحديثية.

تلك العملية تسمى ب"صناعة الوعي".

لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي :

ماذا يقصد ب"صناعة الوعي "؟ وماهي الركائز الأساسية لها؟ ومن هم المؤهلون للقيام بذلك؟ وماهي الشروط والمقومات التي يجب بأن تتوفر حتى يمكن إنجاز وانجاح تلك العملية" صناعة الوعي"؟ وماهي العقبات التي تعرضها والصعوبات التي تقف أمامها كحجرة عثرة؟ وكيف يمكن التغلب عليها ومواجهتها؟

وقبل ذلك كله والأهم من كل ذلك :

هل تلك المجتمعات..فعلا قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من الشعور والإحساس الحقيقي بحاجاتها إلى تلك العملية" عملية صناعة الوعي"؟؟!!!

وغيرها وغيرها وغيرها من الأسئلة المتعلقة والمتصلة بذلك....

هذا ما سوف أحاول التعرض إليه في سلسلة قادمة من المقالات المتواضعة تحت عنوان " في عمق صناعة الوعي".....

القراء الكرام......

إنه إنعدام الوعي الأخلاقي...

إنه وعي التخلف...وتفكيكه...

إنها صناعة الوعي....

ولا شيء سوى ذلك كله.

بكم .. يتجدد الأمل..ويتحقق