آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-02:07ص

صناعة الوعي الإيجابي (4)

الأربعاء - 03 أبريل 2019 - الساعة 04:48 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام..

خامسا : أهمية عملية صناعة الوعي الإيجابي 

في سلسلة سابقة حول الوعي الأخلاقي تحدثنا عن أهمية الوعي الأخلاقي في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم، وهي تكاد تكون نفس الأهمية لعملية " صناعة الوعي "، لكنني هنا أحب بأن أضيف بأن عملية " صناعة الوعي " تجعلنا نكتشف ذاتنا وذاتيتنا كأفراد أولا ونخبا ثانيا ومجتمعات وشعوب وأمم ثالثا ونقدرهما، وتجعلنا كذلك نكتشف إنسانيتنا وآدميتنا كبشر ونقدرهما حق التقدير ونجلهما حق الأجلال.

بعملية " صناعة الوعي " سنتحول من أناس مقهورين ومهدورين ومسلوبي الإرادة..ومتماهين بل ومتناغمين مع الأنظمة الاستبدادية الاستعبادية التسلطية الطغيانية ومستعبدين من قبلها، رموزا وثقافة وسلوكا، إلى أناس أحرار فاعلين ومتفاعلين إيجابيا  مع وفي حياتنا اليومية.

بعملية " صناعة الوعي " سنكتشف كم كانت سذاجتنا ونظرتنا السطحية إلى أنفسنا وتجاهها وساعتئذ سوف نحتقرها وتصبح ذكرى أليمة ومضحكة عندما نرويها لأبنائنا وأحفادنا.

بعملية " صناعة الوعي " سنكتشف كم كانت تلك الأنظمة...التي استبدت بنا واستعبدتنا وقهرتنا وسلبتنا ذاواتنا وذاتيتنا  وإنسانيتنا وآديميتنا وجعلت مننا جميعا أناسا مقهورين ومهدورين وفاقدي الإرادة وعاجزين عن أية ردة فعل إيجابية حيال ذلك كله وتجاهه وتجاهها واستلذت بذلك كله، والتي ولفترة طويلة من الزمن وصلنا إلى مرحلة اليقين بأنه لا قبل لنا بها وبأنها قضاء وقدر إلهيين علينا لا سبيل إلى التخلص منها بل إن مجرد التفكير في ذلك يعتبر كفرا دينيا بواحا بما ينتج عن ذلك الكفر من عقوبات في الدنيا والآخرة، عندئذ وساعتئذ ووقتئذ وحينئذ سوف نكتشف كم كانت هشاشتها وضعفها وانحطاتها وبأنها أوهن من بيت العنكبوت، وبأن ذلك الجبروت والقوة لها ما كان له بأن يكون لولا أننا ضعفاء ولولا أننا عشنا خافضي الرؤوس ومطأطيئها، عندئذ وحينئذ وساعتئذ ووقتئذ ستتبدى هول والكارثة الحقيقية التي كنا عليها وستنتابنا فداحة الصدمة من جراء ذلك كله.

بعملية " صناعة الوعي " لن نسمح مجددًا لتلك الأنظمة...بأن تفعل فعلتها تلك بنا وفينا، والأهم من ذلك هو أننا لن نعمل على إيجادها مجددا، فقد كشفت الغمة التي كنا عليها وعلق الجرس!!.

بعملية " صناعة الوعي " سوف نستطيع بأن نعيد بناء الدولة المنهارة، دولة الواقع التقليدية العصبية الضيقة والمقيتة، على أسس مدنية حديثة وصولا إلى إقامة دولة الحلم، الدولة المدنية الحديثة بركائزها الأساسية....،.

بعملية " صناعة الوعي " سوف نحمي أنفسنا ومجتمعاتنا وشعوبنا وأمتنا من التشتت والتمزق والدمار والانحلال والزوال والفناء...الخ.

بعملية " صناعة الوعي " ستزول كل تلك الهالة وكل تلك المقدسات!!! التي تحكمت في وعينا جميعا ولقرون طويلة والتي ورثناها كابر عن كابر والتي ما أنزل الله بها من سلطان، وستصحح وتقوم وتعدل كل تلك المفاهيم الخاطئة والمقلوبة والسلبية التي تحكمت أيضا فينا، وعيا وسلوكا، قولا وعملا،.

بعملية "صناعة الوعي " سنكتشف الطريق السليم والسوي والصحيح، طريق الله وشرعه السماوي كما هو في جوهره لا كما أرادته لنا تلك الأنظمة...وفقائها ومثقفيها ومنظريها والمحللين لها والمحرمين علينا والمحرمين عليها والمحللين لنا، وسوف نصل إلى بر الأمان.

بعملية " صناعة الوعي " سوف نتخلص من كل العصبيات الضيقة والمقيتة المسيطرة والمتحكمة فينا بثقافتها وسلوكياتها وأقوالها وأفعالها وتصرفاتها ونظرتها النمطية السلبية تجاه الآخر...

أخيرا وليس آخرا :

بعملية " صناعة الوعي " سوف نحلق جميعا في الفضاء الإنساني الأوسع والأرحب للإنسانية جمعاء.

تلك هي أهم النقاط التي رأيت من وجهة نظري الشخصية المتواضعة الإشارة إليها، على سبيل المثال لا الحصر، إذ أن هذا المنشور الفيسبوكي المتواضع لا يتسع لذكرها جميعا.

وعليه :

فإنه ليس أمامنا جميعا كأفراد أولا ونخبا ثانيا في ظل غياب المشاركة المجتمعية والمؤسساتية الخاصة والعامة إلا البدء في العمل الفوري والسريع وبكل ما نملك من قدرات وامكانيات ،كل بحسب موقعه وصفته وقدرته وقدراته ومسؤليته والدور المناط به وحاجاته واحتياجاته ومطالبه ومتطلباته، ومهما كلفنا ذلك... ومهما كان حجم التضحيات...ومهما كانت العراقيل والصعوبات...ومهما كانت المحاولات ونتائجها...

ولنعلم بأن الصيرورة التاريخية للمجتمعات والشعوب والأمم قائمة على الفعل والعطاء الإنساني والتضحية في سبيل ذلك وليست مصادفة تاريخية ومنحة وهبة لمن لا يستحقها ولا يعمل على الحصول عليها ولا يقدرها...

فلولا أن نيوتن كان باحثا ومجتهدا وتواقا للحصول على ما يريده لما أكتشف قانون الجاذبية الأرضية عندما سقطت التفاحة أمامه، بل لمت سقطت أصلا، فما سقوطها إلا نتيجة طبيعية وحتمية لبحثه وجهده وتوقه..وثمرة لذلك البحث والجهد والتوق..

#الخلاصة :

قد أكون حالما وقد تقولون في أنفسكم بانني إنسانا طوباويا أعيش في طوباويتي، لكني أقول لكم :

أولا : أليس ما نحن فيه..وعليه..يستوجب الحلم بدلا من اليأس والقنوط والإحباط والتشأوم وووووووووو الخ؟؟؟!!!

ثانيا : أليس كل عمل عظيم ونبيل بدأ بحلم عظيم ونبيل، وكل حلم عظيم ونبيل يولد فكرة عظيمة ونبيلة، وكل فكرة عظيمة ونبيلة تشكل وعيا عظيما ونبيلا، وكل وعي عظيم ونبيل ينتج سلوكا عظيما ونبيلا، وكل سلوك عظيم ونبيل يؤدي حتما إلى إنجاز ذلك العمل العظيم والنبيل.

ثالثا : أليست تلك المجتمعات والشعوب والأمم المتحضرة والمتقدمة والتي نشاهدها ونحلم ونتمى بأن نلحق بها دون التخلي عن الخصوصية الخاصة والثوابت الخاصة لنا كأفراد ومجتمعات وشعوب وأمم، كانت في بوم من الأيام أكثر تخلفا وجاهلية منا؟؟!!

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق

"يتبع"