آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-01:31ص

الصنمية الايدلوجية (2)

الأحد - 21 أبريل 2019 - الساعة 06:35 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام.....

 

ثانيا : تعريف الصنمية الايدلوجية

 

تعتبر الصنمية الايدلوجية من أخطر و أعتى صنميات العصر في واقعنا الحاضر كأمة وذلك لما لها من آثار خطيرة ووخيمة ونتائج كارثية على أمتنا في حاضرها ومستقبلها.

وبدون الدخول في جدلية التعاريف المختلفة، لغوية كانت أم اصطلاحية لكلمتي " الصنمية " و " الايدلوجية " وكذلك التعاريف المختلفة الأخرى ، فإنني أستطيع شخصيا ،ومن وجهة نظري الشخصية المتواضعة وبحسب الأرضية المعرفية المتواضعة التي أدعي بأنني أمتلكها ونتيجة لما اعانيه شخصيا جراء ذلك، بأن أعرف الصنمية الايدلوجية كما يأتي :

 

هي تلك الحالة الاعتقادية الإيمانية ، قناعة وتسليما وقولا وعملا وتصرفا وسلوكا، من قبل فرد أو جماعة أو فئة أو طائفة أو حزب..إلخ ، بتلك الايدلوجية التي يعتنقها وينتمي إليها ' دينية كانت أم غير دينية ' مذهبية كانت أم حزبية 'قومية كانت أم أممية، ممثلة برموزها وجماعاتها والمنتمين إليها والمؤمنين بها، والتي يكون مستعدا للتضحية في سبيلها وافناء حياته في سبيلها دون البحث عن صوابيتها من عدمه ودون القبول بالحديث والتحدث عن سلبياتها، فهي هالة مقدسة بالنسبة له لا يجوز المساس بها والتعدي عليها والتعرض إليها بأي مكروه من وجهة نظره الخاصة، حتى لو اندثرت وأصبحت أثرا بعد عين، وحتى لو أثبتت الشواهد التاريخية فشلها وعدم ملائمتها للواقع والوضع الراهن، إلا أنها تظل متجذرة في ذلك الوعي وتلك المعتقدات والأفكار رفضا لأية محاولة من شأنها تطويرها وتعديلها، عندئذ وحينئذ وساعتئذ ووقتئذ يكون من الصعوبة بمكان إخراج حامليها والمؤمنين بها مما هم فيه..وعليه...، وما كان لذلك بأن يكون ويحصل ويتم لولا الجمود والتحجر...إلخ الذي أصاب حامليها والمؤمنين بها...

بما ينتج عنها من معاداة الآخر الغير منتمي إليها والغير مؤمنا بها ومحاربته بل قد يصل الأمر إلى القضاء عليه متى ما كان ذلك ممكنا ومتاحا دون أن يشفع له أي رابط يربطه مع حاملي ومعتنقي تلك الايدلوجيات، أسريا كان أم عائليا أم عشائريا أم مناطقيا وجهويا أم دينيا أو مذهبيا..إلخ، بمعنى أن الرابط الإنساني هنا ينعدم انعداما تاما لديهم..

والأدهى والأخطر من ذلك أن تلك الصنمية الايدلوجية ممثلة برموزها وجماعاتها تضحي أولا بمن ينتمون إليها في سبيل صنميتهم الايدلوجية دون أي وازع ديني أو اخلاقي أو إنساني تجاههم...إلخ.

........

القراء الكرام.....

 

إنه ووفقا لهذا التعريف لا سبيل أمامنا جميعا كأفراد أولا ونخبا ثانيا ومجتمعات وأوطانا وأمة ثالثا إذا أردنا الخروج والتخلص من تلك الصنمية الايدلوجية، وعيا قبل سلوكا، قولا قبل عملا، إلا العمل وبكل الإمكانيات الممكنة والسبل المتاحة ،كل بحسب قدرته وقدراته وإمكانياته ومسؤليته وموقعه وبحسب الأمانة التي ارتضينا بأن نحملها بمحض إرادتنا، على التخلص منها، وعيا قبل سلوكا، قولا قبل عملا، وذلك عبر الإيمان بحرية الإنسان الفرد وكرامته وإنسانيته وآدميته وبأن الحياة قائمة على التعدد والتعددية، ( ولقد كرمنا بني آدم )( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا...) صدق الله العظيم.

هذا أولا

ثانيا : إن أية ايدلوجية لا تكون نابعة من وحي الواقع المعاش لأمتنا ومعبرة عنه وتحترم خصوصياتها الروحية والمعنوية والمادية في إطار التكامل والتعاون  الإنساني الحضاري حاضرا ومستقبلا، مهما كانت إيجابياتها وصلاحياتها للموق الذي نشأت فيه وترعرعت ونمت ومهما كانت الحقبة الزمنية التي وجدت فيها، ماضوية ذاتية كانت أم ماضوية وحاضرية غير ذاتية، لا يمكن لها بأن تعبر تعبيرا حقيقيا ووفقا للمنهج العلمي التحليلي والواقعي عن أمتنا، إنما يكون ذلك في إطار الاستفادة منها جميعها...

وبأن القانون الجدلي للحياة هوالتطور والتغير والتغيير وليس التحجر والجمود..

وبأن....

وبأن....

وبأن....

وقبل ذلك كله والأهم من كل ذلك :

بأن ذلك لن يكون ممكنا ومتاحا ويتم ويحصل إلا إذا شعرنا وأدركنا وأحسسنا بأننا في أمس الحاجة إلى ذلك كله, ف"الحاجة هي وعي النقص"كما يقول الفيلسوف الألماني هيجل

......

#الخلاصة :

قال تعالى في كتابه الكريم :

( فاجتنبوا الرجس من الأوثان )

وقال أيضًا على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام :

( قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون* أنتم وأباؤكم الأقدمون* فإنهم عدو لي إلا رب العالمين )

صدق الله العظيم

وقال عليه الصلاة والسلام :

" لا تكونوا إمعة تقولون : إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا " صدق رسول الله

وقال أفلاطون :

لو أن السماء أمطرت حرية لرأيت بعض العبيد يرفعون المظلات

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق

الصنمية الايدلوجية (1)

 

"يتبع"