آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-04:12م

في عمق الوعي السياسي (4)

الإثنين - 08 يوليه 2019 - الساعة 04:20 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام..

 

رابعا : شروط ومقومات الوعي السياسي :

 

فإنه وقبل أن أشير إلى شروط ومقومات الوعي السياسي لا بد بأن أنبه،طبعا من وجهة نظري الشخصية المتواضعة، إلى أنه لا يمكن بأن نقول بمقولة " وجود الوعي" و"عدم وجود الوعي"، فالوعي دوما وابدا موجود ،إنما الإختلاف والخلاف حول صفته،هل هو متخلف أم متحضر، جاهل أم غير جاهل ،...الخ، بمعنى أشمل وأعم هل هو وعيا إيجابيا أم سلبيا،.

وبناء على ذلك فإننا يجب بأن نعرف متى يكون الوعي وعيا إيجابيا ومتي يكون وعيا سلبيا؟ وماهي الشروط والمقومات التي على أساسها تتحدد إيجابية وسلبية ذلك الوعي..؟.

وسوف أشير هنا إلى تلك الشروط والمقومات، على سبيل المثال لا الحصر، بالآتي :

 

أولا : الأخلاقية القيمية

...بحيث يكون الوعي السياسي مرتكزا وقائما ونابعا وملتزما بالأخلاق الحميدة والقيم النبيلة ومعبرا عنها، قولا وعملا، وبأن يكون "الوعي الأخلاقي" هو مصدره ومنبعه ومسيره ومحركه.

ثانيا : الإنسانية الفردية والعالمية

....بحيث يكون الوعي السياسي إنسانيا، يعبر عن الإنسان الفرد بعض النظر عن لونه وعرقه ومعتقده وانتمائه ونوعه..الخ، وبأن يكون إنسانيا بالمعنى الأعم والأشمل للإنسانية جمعاء.

ثالثا : الألمامية والرؤية الشاملة

....بحيث يكون ملما ومالكا للرؤية الشاملة لكل الحياة المتصلة به والمتعلقة، ذاتيا ومحليا ووطنيا وقوميا وأمميا، كل بحسب موقعه وصفته وقدرته وقدراته ومسؤليته والدور المناط به وحاجاته واحتياجاته ومطالبه ومتطلباته...الخ.

رابعا : الإداراك العميق والفحص الدقيق والسليم والصحيح

...بحيث يكون قادرا على الإدراك العميق والفحص الدقيق والسليم والصحيح لكل المشكلات التي تواجهه وبأن ينظر إليها من خلال ما تحت الظواهر التي أنتجتها،حينئذ يستطيع التعامل معها وفقا لمنهج علمي متبع في ذلك...الخ.

خامسا : التفاعلية الإيجابية

....بحيث يكون قادرا على التفاعل الإيجابي حيال كل ما يعترضه ويتعرض له ويقف حجرة عثرة أمامه....إلخ.

سادسا : الشعور بالمسؤولية

....بحيث يشعر شعورا إيجابيا أخلاقيا تجاه نفسه وتجاه مجتمعه ووطنه وأمته والعالم أجمع...الخ.

سابعا : الشعور بالحاجة إلى التغيير والرغبة به

...إذ لا يمكن أن يكون ذلك الوعي إيجابيا وفاعلا وفعالا مالم يسبقه الشعور الحقيقي بالحاجة إلى تغيير الوضع السيء القائم والتي تولد الرغبة فيه والعمل الدؤوب والجهد والتفاني بل والتضحية في سبيل ذلك متى كانت تلك التضحية ضرورية ومثمرة وغير عبثية....إلخ.

تلك هي أهم الشروط والمقومات التي يجب بأن تتوفر حتى يمكن لنا بأن نقول بأن ذلك الوعي السياسي "وعيا سياسيا إيجابيا إنسانيا".

وعليه :

فإن عدم توفر تلك الشروط والمقومات "جلها أو بعضا منها " في ذلك الوعي السياسي تفقده ماهيته الإيجابية الإنسانية والأخلاقية، ويكون في هذه الحالة "وعيا سياسيا سلبيا " بما ينتج عن ذلك من كوارث وأزمات ومآسي وحروب وصراعات يكون الإنسان الفرد والإنسان المجتمع والإنسان الوطن والإنسان الأمة والإنسان العالم ضحيتها ووقودها بما يترتب على ذلك من ازهاق الأرواح،مخلفة أراملا وأيتاما وثكالا، وبما يترتب على ذلك أيضا من جرحى وتشريد وفوضى واحقاد وضعائن وثارات وتمزيق للنسيج الاجتماعي وتفتته وتفتيته...إلخ.

والأخطر من كل ذلك والأهم هو إحلال منظومة القيم السلبية وتجذرها في أوساط المجتمع لتكون بديلا لمنظومة القيم الإيجابية التي يجب بأن تسود....

#الخلاصة :

إن التحليق عاليا في الفضاء الإنساني الأوسع والأرحب للإنسان وحريته وإنسانيته وآديميته وذاته، كاملة غير منقوصة، والتخلص، وعيا وسلوكا، قولا وعملا، من كل أشكال وصور وأنماط العصبيات الضيقة والمقيتة هو السبيل الوحيد والأوحد أمامنا جميعا، نخبا في المقام الأول، للخروج مما نحن فيه..وعليه..وبدون ذلك فإن الظاهرة الفرعونية بمثلثها الاستبدادي التسلطي الاستعبادي والطغياني سوف تظل ملازمة لنا جميعا في جميع المجالات الحياتية المختلفة، كأفراد ونخب ومجتمعات واوطان وشعوب وأمم،.

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق

في عمق الوعي السياسي (3)

 

"يتبع"