آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-03:49م

في عمق الوعي السياسي (6)

الأربعاء - 10 يوليه 2019 - الساعة 07:09 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام....

 

سادسا : أهمية الوعي السياسي :

واستمرارا لما سبق ذكره في المقالات السابقة، فإن للوعي بصفة عامة أهمية كبيرة في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم، فهو الذي يشكل السلوكيات العامة والخاصة تجاه بعضهم البعض وتجاه الآخر المغاير، على أساسه ووفقا له، ويكون مصيرها نتيجة طبيعية وحتمية وانعكاسا حقيقيا وطبيعيا لوعيها،إن إيجابا فإجابا وإن سلبا فلسبا،.

وهذا ينطبق على الوعي السياسي للأفراد والجماعات والأحزاب والنظم السياسية للشعوب والأمم، حيث يعتبر الوعي السياسي حجر الأساس في بناء المجتمعات والشعوب والأمم المتحضرة والمتقدمة ويمثل حدا فاصلا بين تخلفها وتحضرها ورقيها، فبدون وعي سياسي إيجابي مرتكزا وقائما ونابعا وملتزما بالأخلاق الحميدة والقيم النبيلة ومعبرا عنها، قولا وعملا، لا يمكن لأي فرد من الأفراد أو مجتمع من المجتمعات أو شعب من الشعوب أو أمة من الأمم بأن تخطي نحو التحضر والتقدم.

إن للوعي السياسي الإيجابي أهمية خاصة واستثنائية في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم في حياتها وعلاقاتها مع بعضها البعض ومع البعض الآخر المغاير وتجاه القضايا المصيرية المتعلقة بحياتها كونه الضمان والضامن الحقيقي لرقيها وتحضرها وتقدمها وهو الذي يحدد مكانتها الحضارية بين المجتمعات والشعوب والأمم الأخرى، وهو الكفيل بتماسكها ونبلها وقوتها ومنعتها ضد أي اختراق لها من قبل الآخر..،وهو الذي يكفل حصولها على حقوقها كاملة غير منقوصة، ويقف حجرة عثرة أمام من يحاول العبث بأي طريقة كانت بتلك الحقوق والتصدي له بكل الطرق المشروعة وبكل الأساليب الممكنة والمتاحة، بما يضمن بأن تؤدي الواجبات المترتبة على تلك الحقوق...،وهو الذي يضمن الإستقرار لأي مجتمع من المجتمعات أو شعب من الشعوب أو أمة من الأمم في جميع المجالات المختلفة، سياسية كانت أم فكرية أم إجتماعية أم اقتصادية أم دينية ومذهبية أم حزبية...الخ.

ويمكن الإشارة هنا إلى أهمية الوعي السياسي،على سبيل المثال لا الحصر، كالآتي :

أولا : أهمية الوعي السياسي للأفراد تجاه بعضهم البعض وفيما بينهم وتجاه مجتمعهم ونخبهم وانظمتهم السياسية  ودولهم والعالم الآخر...

ثانيا : أهمية الوعي السياسي للمجتمعات تجاه بعضها البعض وتجاه أفرادها ومكوناتها المختلفة، خصوصا نخبها، وتجاه أنظمتها السياسية والأنظمة الآخرة ودولها.....

ثالثا : أهمية الوعي السياسي للنخب..تجاه أفرادها وأفراد مجتمعاتها وتجاه بعضها البعض وتجاه أنظمتها السياسية ودولها وتجاه أمتها والعالم الآخر....

رابعا : أهمية الوعي السياسي للأنظمة السياسية تجاه أفرادها ومجتمعها بمكوناته المختلفة، خصوصا نخبها، وتجاه الأنظمة السياسية الأخرى، إقليمية كانت أم قومية أم قارية أم عالمية...

خامسا : أهمية الوعي السياسي للدول تجاه أفرادها ومجتمعها بمكوناته المختلفة وتجاه الدول الأخرى، جارية كانت أم إقليميةودولية....

ويمكن القول بأن هناك ارتباطا وثيقا وعضويا بين الوعي السياسي للأفراد والجماعات والأحزاب...الخ وبين الوعي السياسي للأنظمة السياسية والدول، إذ أن الأولى هي تمنع الثانية من الخروج عن الإطار السياسي العام لها والتي حدد وفقا لقاعدة الشراكة الحقيقية والفاعلة والفعالة بين الأولى وبين الثانية...الخ، وبأن الثانية هي التي تعمل على تجذير وتجذر الوعي السياسي الإيجابي في صفوف أفرادها ومجتمعها بمكوناته المختلفة، بحيث تمنع أي فرد أو جهة أو مكون من المكونات المختلفة للمجتمع من الخروج عن الإطار العام الذي أقرته الغالبية العظمى من أفراد المجتمع ومكوناته المختلفة وفقا للعقد الاجتماعي القائم بين الأولى وبين الثانية..وذلك وفقا للدستور النافذ والقوانين النافذة المنبثقة منه والذي ارتضاه الشعب لنفسه بطريقة ديمقراطية سليمة.....الخ.

وعليه :

فإن أي فرد من الأفراد وأي مجتمع من المجتمعات وأي شعب من الشعوب أو أمة من الأمم والتي لا تملك وعيا سياسيا إيجابيا إنسانيا وتدرك أهميته في حياتها ومصيرها ويكون الوعي السياسي السلبي هو السائد فيها، لا يمكنها إلا أن تجني المزيد والمزيد من التخلف والجهل والنكبات والتمزق والدمار والتفتت والتفتيت، أفرادا وجماعاتا ونخبا..الخ، وتكون قد حكمت على نفسها بالفناء والزوال مالم تدارك ذلك ،خاصة نخبها المناطة بها إحداث عملية التغيير إلى الأفضل....الخ.

#الخلاصة :

أعطني وعيا سياسيا إيجابيا، أعطيك مجتمعا وشعبا وأمة متحضرة ومتقدمة، والعكس صحيح.

 

في عمق الوعي السياسي (5)

"يتبع"