آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-02:12ص

في عمق غياب وتغييب الحس الوطني

الأربعاء - 17 يوليه 2019 - الساعة 05:04 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام....

إنه ومن ضمن أهم الأسباب التي أدت إلى ما نحن فيه وعليه, مرحلة التيه الوطني, التي نعيشها ونعاني منها ونتجرع ويلاتها جميعا, هي غياب وتغييب الحس الوطني الجمعي الإجتماعي, الفردي منه والنخبوي وهو الأهم والأخطر ,وانتصار دولة الواقع ممثلة بالقوى التقليدية التي تتصارع الآن على مصالحها ووفقا لها, وذلك على دولة الحلم ممثلة بالنخب. ..والتي آلت وبعد صراع طويل ومرير مع دولة الواقع إلى إما إلى الاندثار أو الشتات أو التغييب أو الزوال, إما موتا وإما التحاقا بتلك القوى التقليدية المتصارعة, حتى أن الكارثة الحقيقية والمأساة الحقيقية أن تجد بعضا من مما كان يسمى ب, النخبة التغييرية, تتحسر على نفسها تحسرا شديدا كونها في يوم من الأيام كانت تحمل مشروعاً وحسا وطنياً, وأصبحت أشد فسادا وأكثر فتكاً وأعظم خطرا من تلك القوى التقليدية المتسلطة......إلخ.

إن لغياب ذلك الحس الوطني أسباب عديدة ومتنوعة وعوامل كثيرة أدت أخيرا إلى غيابه وتغييبه على أرض الواقع ووصلنا إلى هذه المرحلة, مرحلة التيه الوطني,    حيث عملت القوى التقليدية على تغييب وطمس الحس الوطني ورعاية الحس الفردي والطائفي والفئوي والجهوي والسلالي والعرقي والمذهبي وحتى الديني...الخ وذلك لما يمثله الحس الوطني الشامل من خطورة على مصالحها ولعبت على الورقة الضيقة بها وإثارة النعرات ..بين مكونات المجتمع بمختلف فئاته وطوائفه ومذاهبه وأسره ...الخ وفقا لقاعدة, فرق تسد,

هذا بإختصار فيما يتعلق بالقوى التقليدية المسيطرة, وهو مفهوم وواضح كونها تدافع عن مصالحها ومشاريعها الضيقة

....

أما فيما يخص النخب. ...

فهناك عوامل عديدة ومتنوعة أدت إلى  فتور الحس الوطني لغالبيتها أو لدى بعضها...وليس لغيابه,منها,

 

1) عوامل ذاتية خاصة بها متمثلة بالآتي : طبعا على سبيل المثال لا الحصر, :

 

أولا : عدم دراستها الدراسة الحقيقية ووفقا للمنهج العلمي للواقع ومتطلباته والتحديات التي تواجهه وكيفية التعامل معها. ...........إلخ.

 

ثانيا : عدم معرفتها وتقديرها وتقييمها لتلك القوى التقليدية, ماهيتها ,قدرتها وقدراتها وارتباطها إجتماعيا ومحليا ودوليا, كيفية التعامل معها.........إلخ.

 

ثالثا : تغليب وسيطرة الحس الايدلوجي والحزبي عليها, وعيا وسلوكا, قولاً وعملاً, وتثقيفا لأعضائها ومناصريها وأتباعها....إلخ.

 

رابعا : نظرتها وتعاملها مع الواقع وفقا لتلك الايدلوجيات التي تحملها وليس وفقا للواقع الحقيقي. ...إلخ.

 

خامسا : النظرة الطوباوية والسطحية للواقع. ..إلخ.

 

سادسا : طبيعة العلاقة بينها,حيث اتسمت تلك العلاقة فيما بينها بسمة العدائية والتناحر والإقصاء والتكفير,

  ,دينياً كان أم وطنياً أم قوميا أم امميا, واستغلال ذلك من قبل تلك القوى التقليدية بل والعمل على أذكائها وتعميقها بين تلك النخب...عن طريق العمل على مساندة إحداها على الأخرى في ذلك الصراع وذلك التناحر.......إلخ.

 

سابعا : الأرضية المعرفية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمذهبية والعرقية والطبقية لبعضها وحتى الأسرية لعبت دورا هاما في ذلك.

 

أخيرا وليس آخرا, وهو الأهم من كل ما سبق ذكرها,

غياب المشروع الوطني الديمقراطي الحقيقي التحديثي لتلك النخب....بالمفهوم الأوسع والاشمل والاعم له...إلخ

 

2) أما بالنسبة للعوامل الغير ذاتية :

فتتمثل بالدور الذي قامت به تلك القوى التقليدية وبمساعدة ومساندة من قوى إقليمية ودولية للقضاء على تلك النخب ..وتغييب دورها وشل فاعليتها وعدم قدرتها على إحداث التغيير المناط بها نحو الواقع. ...إلخ.

 

أقول :

كل تلك العوامل وأكثر, مما لا يتسع المجال هنا لذكرها مثلت صدمة قوية على العقلية النخبوية...وهو ما أدى إلى ما هي فيه وعليه من شلل في التفكير وتخبط في الحركة ..الخ ,بل وصل الأمر ببعضها أن لم يكن بغالبيتها إلى القنوط واليأس والإحباط من أية عملية تغييرية نحو الأفضل.

 

وعليه :

فإنه لا يمكننا الخروج من هذه المرحلة, مرحلة التيه الوطني, إلا عبر إعادة الإعتبار لذلك الحس الوطني الغائب والمغيب عبر إعادة وإحياء ذلك الصراع بين دولة الحلم, الدولة المدنية الحديثة بركائزها الأساسية. ....ممثلة بما تبقى من تلك النخب...وبما أفرزته المرحلة, مرحلة التيه الوطني, من قوى وطنية جديدة مغيبة حتى الآن,

  وبين دولة الواقع التقليدية بممثليها ورموزها وقواها. ..الخ, طغاة الداخل وغزاة الخارج. ..........إلخ.

....

#الخلاصة :

إن أي مجتمع من المجتمعات المتخلفة والجاهلة وأى بلد من البلدان المتخلفة والجاهلة والتي يعيش ,مرحلة التيه الوطني, ويعاني منها ويتجرع ويلاتها ومأساتها لا يمكنه الخروج منها إلا عبر القوى الوطنية الحية......والتي تملك الوعي الوطني والحس الوطني من أجل العمل على إعادة بناء الدولة المنهارة,دولة الواقع التقليدية,  على أسس مدنية حديثة وتحديثية بركائزها الأساسية. ........إلخ.

بكم..يتجدد الأمل..ويتجدد

 

............

 

#نعم_للدولة_المدنية_الحديثة

إن غدا لناظره أقرب وأفضل

دعوها فإنها مأمورة