آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-10:20ص

نحن والأمن

السبت - 07 مارس 2020 - الساعة 03:53 ص

عبدالله فرحان
بقلم: عبدالله فرحان
- ارشيف الكاتب


في تعز المدينة بحت الاصوات هتافا ونداء ومطلبا لتحقيق الامن وياما انتقدنا واعتصمنا ونفذنا مسيرات واحتجاجات امام مقرات السلطات المعنية مطالبين بتحقيق الامن وتفعيل الضبط الامني والقضائي ..

فالامن بالنسبة للمواطن وللمسؤل المحترم لذاته ومسؤليته يعد هواء يستنشقه لتستمر الحياة ويستقيم الحال .

فلا شرعية لسلطات تعجز عن تحقيق الامن لرعاياها ولا احترام او امتثال لمسؤل يتماهى مع مرتكب الجنايات او يدعم ويتستر على المجرم والعابث بالامن .

كما انه لا امتثال لحاكم او سلطة لا تحقق العداله على نفسها اولا وعلى رعاياها ثانيا ولا قيمة لها اذا لم تتعامل مع الجميع بميزان القانون وتنفيذ الشرع .

ولعل الجميع يدرك تماما بان الله سبحانه وتعالى عندما طلب من قريش والاعراب والبشرية جميعها الامتثال له وعبادته قد امتن عليهم بشيئين اثنين مقابل الزامه على طاعتهم له وعبادته حيث قال :

( فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف .)

فبمقابل تحقيق الامن بشقيه الغذائي والنفسي الزم الخالق البشرية بطاعته والامتثال له.

وهكذا وفقا لتلك القاعدة الربانية نفسها تكون العلاقة ايضا فيما بين السلطة والمواطن بتحقيق الامن بشقيه كحد ادنى لتكتسب السلطة من خلاله شرعيتها والامتثال لها .

وبالاستناد على تلك الاسس الثابته فاننا في تعز اليوم نعيش واقع منعدم فيه كليا تلك الثوابت .

بل وبكل آسف نجدها من حين الى آخر تنعكس عمليا على الواقع بطريقة عكسية اكثر سلبية اضرارا بالامن بشقيه المعيشي والنفسي حيث تتحول السلطات وآلياتها المعنية بتحقيق الامن الى مصدرا للرعب والخوف بطريقة لا مسؤلة دون وعي او ادراك لذلك .

وحيال كل ذلك فاننا نتفهم طبيعة المرحلة وظروفها وندرك جيدا باننا مازلنا في حالة اعادة بناء للمؤسسات ككل وبما فيها الامنية والعسكرية والقضائية ..

ولكننا في حقيقة الامر لن نستطيع مطلقا ان نعفي السلطات ومسؤليها

وتحديدا مسمى اللجنة الامنية ككل من مسؤلياتها كونها العمود الفقري لبناء الدولة ومصدرا لنبض الحياة في المدينة .وخصوصا بان تلك المؤسسات قد استكملت تشكيل وحداتها الامنية والعسكرية بتجهيزاتها الخاصة واعتماد رصد موازناتها المالية ومرتبات شهرية لمنتسبيها والتي اتت جميعها من قيمة عرق جبين كل مواطن ومن قيمة استحقاقات ابنائنا ومستقبلهم

والتي يتوجب عليها تحقيق الامن والسكينة للمجتمع بكل اطيافه وحمايته من العبث والفوضى .

اعتقد جازما ان لا خلاف بين اثنين حول حقيقة اصابة العمل الامني بالعوار القانوني والانحراف المهني وغياب للرؤية الوطنية والوعي الامني المسؤل في اطار منظومة الشرعية بجميع المحافظات المحررة بشكل عام وفي تعز بشكل خاص .

مما يجعل الكثير من الاجراءات الامنية تسير وفق ازدواجية المعيار في التعامل مع القضايا الامنية ومع مرتكبوها بناء على معيار التمييز وعنصرية الولاء ضبطا ضد هذا وتماهيا وتسترا لصالح هذا .

وهذا بحد ذاته يعد اهم المشكلات الامنية لدى الشرعية ليبدو العمل الامني فيها مجيرا نحو مسارات الولاء الجهوي ويجعله مفتقرا للمصداقية ومنزوع عنه طابع المؤسسية في كثيرا من حالته المنحرفه عن العدالة الضبطية والتي تعيق الى حد كبير امكانية استعادة الدولة . وتعيق سلطات الشرعية من امكانية تقديم النموذج الافضل في معركة الانتصار للدولة واستعادة شرعية منظومتها الدستورية .

اوكد مجددا باننا اليوم في تعز بأمس الحاجة الى اعادة تصحيح المسار الامني ونناشد المعنيين في ذلك الى اعادة النظر في الاداء وآلياته بمسؤلية وطنية .

وازاء ذلك فاننا نعلن وبكل مسؤلية وقناعة ذاتية اصطفافنا الوطني مع المؤسسة الامنية دعما واسنادا للمسار الامني حتى يتمكن من تنفيذ استراتيجياته الامنية بشكل اجرائي عادل مع مختلف القضايا بنضج وطني مسؤل ومهنية مؤسسية تتعامل مع الجميع وفقا للانظمة والقوانين التي تحمي الحقوق والحريات وتحمي المجتمع من العبث والفوضى وتحمي مؤسسات الدولة والممتلكات الخاصة والعاصمة وبما يحقق العدالة للجميع وعلى الجميع بعيدة عن الاستغلال الحزبي او الجهوي وبعيدة عن الانتقائيه في التعامل الضبطي .

فليس من مصلحة احد ان تظل تعز تغرق في الفوضى والعبث الامني وليس لمصلحة احد ان تتحول المهام الامنية الى خصومة واستعداء لطرف خدمة لاخر واسناد لنزعات الثأر وفق الهوية وتصفية الحسابات ..

مقابل ذلك ايضا فان التكرار المتعمد لتسيير حملات امنية تحت مسمى مطاردة مطلوبين بهدف تحقيق اجندة اخرى وتصفية حسابات انتقامية لن تكون سوى انحرافا للمهنية الامنية ووبالا عليها .

فكثيرا ما انتهت الحملات السابقه بحروب عابثة هنا وهناك اسقطت ضحايا ابرياء ونتجت عنها اضرار مادية ورعب نفسي ضد المواطنين وجميعها عادت من معاركها دون القبض على مسمى المطلوبين المزعوم ملاحقتهم ومازالت شروخها متصدعه في اوساط المجتمع دون ترميم .

اخيرا فان العمل الامني بكل تأكيد يفقد قداسة شرف مهنته الوطنية كلما ذهبت قياداته نحو الانحياز الحزبي لفرض اجندة حزبية خاصة تستغل مؤسسات الدولة لفرض سياسة القمع والتكميم ضد الاصوات الاعلامية الناقده للواقع الامني والسياسي المحسوب على حزب او تيار سياسي بعينه هنا او هناك .. فحينها يتحول العمل الامني من مؤسسة وطنية الى جهاز حزبي او جهوي منعدم الثقة فيه مجتمعيا ..