آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-05:00ص

محطات تاريخية حديثة

الثلاثاء - 24 مارس 2020 - الساعة 11:39 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراءالكرام....

إننا إذا نظرنا وتعمقنا ولو قليلا في تاريخنا الحديث, كأمة وكمجتمعات وحتى كأفراد, ورجعنا قليلا إلى الوراء وخاصة منذ أن دمر المغول عاصمة الخلافة بغداد وبقية المدن الحضرية في العام 1258م بما نتج عن ذلك كله...مرورا بالسيطرة العثمانية على أمتنا والتي بدأت في بداية القرن السادس الميلادي, وتحديدا, كما أذكر طبعا من كتب التاريخ, في العام 1514م حينما انتصر السلطان العثماني,, سليمان القانوني,, على آخر أمراء المماليك ,,على بك الكبير,, في معركة ,,مرج دابق,, وما نتج عنها من السيطرة العثمانية على أمتنا والتي استمرت حتى نهاية الحرب العالمية الأولى مع ما رافق ذلك من أحداث ودخول العامل الغربي الاستعماري.....

أقول :

لو نظرنا وتعمقنا ولو قليلا في تاريخنا العربي الحديث والمعاصر ,لوجدنا بأن أمتنا قد حدثت فيها محطات تاريخية  كثيرة كانت بمثابة  الزلازل على مستوى الوعي واللاوعي الجمعي الاجتماعي, أثرت فيه تأثيرا كبيرا على بنيته وبنيويته, طبعا ليس بذلك الأثر الذي كان يجب بأن يكون من وجهة نظرنا في الوقت الحاضر,.

تمثلت تلك المحطات التاريخية  ,طبعا من وجهة نظري الشخصية المتواضعة وبحسب الأرضية المعرفية المتواضعة التي أزعم بأنني من خلالها أستطيع الاستنتاج.., لعل أهمها وأكثرها تأثيرا هي :

 

المحطة الأولى : الحملة النابوليونية على مصر ,1798م-1801م:

 

تلك الحملة التي كانت بمثابة الصدمة الحضارية للوعي واللاوعي في العقلية العربية ,حيث جاءت بعد حوالي ستة قرون من الانغلاق التام لأمتنا وخروجها عن العالم الأخر تماما وأصبحت تعيش خلال تلك الفترة فيما يسمى ب,, الجيتونات الجغرافية والسكانية,, وذلك منذ سقوط بغداد على أيدي المغول في العام 1258م والتي استمرت ستة قرون حتى الحملة الفرنسية على مصر في العام 1798م بقيادة نابليون....

 

المحطة الثانية : هو الثورة العربية الكبرى :

 

تلك الثورة التي قامت بقيادة الشريف حسين على الأتراك أثناء الحرب العالمية الأولى وما آلت إليه ونتج عنها...

 

المحطة الثالثة  : قيام الكيان الصهيوني :

 

ذلك الكيان الذي قام وأنشأ في نهاية العقد الرابع من القرن الماضي على أرض فلسطين التاريخية العربية, بما نتج عنه وينتج...

 

المحطة الرابعة : الثورات العربية الحديثة في القرن الماضي ,خاصة تلك التي قامت في النصف الأخير من القرن الماضي, بما نتج عنها...لاحقا.

 

المحطة الخامسة : حرب الخليج الثانية :

 

تلك الحرب التي أدت مجددا إلى سقوط بغداد في العام 2003م على أيدي مغول العصر الجدد ممثلا ب,, الولايات المتحدة الأمريكية,, وحلفائها...., بما نتج عنها...

 

المحطة السادسة : ثورات الربيع العربي كما يسميها البعض أو الخريف العربي كما يسميها البعض الآخر،تلك الثورات التي بدأت تتشكل في نهاية العام 2010م حتى إكتملت!! في بداية العام 2011م, بما نتج عنها...وينتج في واقعنا الحالي.... كأمة.

وعليه :

فإننا إذا تعمقنا في تلك المحطات التاريخية وخاصة محطة الصدمة الحضارية ومحطة ما أتفق على تسميته ب,,الربيع العربي,, من قبل البعض أو,, الخريف العربي,, من قبل البعض الآخر, لوجدنا بأن الأخير أكثر تأثيرا على الوعي واللاوعي الجمعي الاجتماعي عموما والنخبوي منه خصوصا وكذلك على العقلية السلطوية التسلطية المتحكمة والحاكمة...بما أنتجته من اضطرابات أهلية مازالت قائمة في بعض بلدانه, وحروب أهلية في البعض الآخر ,وبما أنتجته من إصلاحات في بقية البلدان...

تلك الاضطرابات والحروب الأهلية ما كان لها بأن تكون وتحدث وتستمر لولا وجود القابلية لها, وعيا وسلوكا, قولا وعملا, في الذاكرة الجماعية  لتلك الجماعات و الفئات المتصارعة والمتحاربة في تلك المجتمعات...,طبعا دون إغفال العامل الخارجي, والتي تعتبر نتيجة طبيعية وحتمية لتجذر,,ظاهرة الكبت التاريخية ,, لدى تلك الجماعات والفئات وشعورها بالغبن والظلم والطغيان والاستعباد والتهميش من قبل تلك السلطات التسلطية, سواء تلك التي تحاول الانتقام لنفسها من قبل تلك السلطات المهيمنة ,أو تلك السلطات المهيمنة التي ترى في ذلك..خطرا حقيقيا على بقائها واستمراريتها, لأن ,,ظاهرة الكبت التاريخية ,, في الذاكرة الجماعية  لتلك المجتمعات,  ليست وليدة اللحظة, وإنما متوارثة عبر قرون طويلة في ظل غياب مبدأ العيش المشترك والتداول السلمي للسلطة وأحترم الآخر وحقه بالتعبير عن هويته الحقيقية...,بما نتج عن ذلك كله من تجذر,, الوعي السلبي,, لدى تلك الفئات والجماعات....,بحيث أصبحت تلك الذاكرة الجماعية  ذاكرة جماعية انتقامية ثأرية.....

وكما قال العالم النفساني فرويد بما معناه في كتابه,, الكبت,,:

كل ما كبت على مدار التاريخ سوف يستيقظ يوما ما وينفجر كما تنفجر البراكين من أعماق الأرض مطالبا بحقه في الوجود والتعبير عن نفسه, وسوف ينتقم لنفسه ممن كبتوه وظلموه,,.

ذلك لا ينطبق فقط على النفس البشرية بكل إشكالياتها العقدية والهمومية وحرمانها من أبسط حقوقها الإنسانية ,إنما ينطبق كذلك على الذات الجماعية للجماعات المختلفة التي تشكل النسيج الاجتماعي للبلد.

وكما قال أيضا بما معناه: إنه لا يمكن لأية هيمنة أو إستعلا أو تسلط بأن تستمر إلا مالانهاية وإلى الأبد...

............

#الخلاصة :

هناك شيء كبيييير وكبيييير يختلج في أعماقنا جميعا,في عمق الوعي..وفي عمق الوجدان وفي عمق الذات, وفي عمق الهوية والوجود وحتى في العمق الإيماني أو عمق الإيمان...

هناك عالم يعيش فيما بعد الحداثة والذي يفرض نفسه علينا جميعا,إن لم يكن وعيا, إلا أنه يفرض نفسه علينا سلوكا وتمثلا له في جميع المجالات الحياتية المختلفة, والذي يهز وجداننا وذواتنا, وبقدر توقنا إلى العيش في رحابه, بقدر خوفنا من تلك الرحابة,

إلا أنه لابد أخيرا بأن يثمر ذلك الصراع..الناتج عن ,,ظاهرة الكبت التاريخية,, بمأساته وكوارثه ونكباته وآلامه وأوجاعه.., بداية حقيقية لتنوير العقلية العربية ليشكل وليتشكل أخيرا ,,وعيا تنويريا عربيا,,

شاء من شاء وأبى من أبى

طال الزمن أم قصر

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق

..........

 

#نحو-حركة-نهضوية-عربية-جديدة

إن غدا لناظره أقرب وأفضل

دعوها فإنها مأمورة