آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-11:52م

في عمق ثقافة الصراع

الخميس - 02 أبريل 2020 - الساعة 10:56 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


القراء الكرام... 

تحدثنا في مقالة سابقة حول جوهر الصراع في المجتمعات المتخلفة والجاهلة والغير متجانسة.., وقلنا بأن الصراع الحقيقي والذي يؤتي أكله وتينع ثماره هو ذلك الصراع الدائر بين مشروعين متضادين ,المشروع التنويري التحديثي الحداثي والمشروع التقليدي العصباوي الضيق والمقيت....

بمعنى أن الصراع المثمر لابد أن يكون بين ثقافتين, بين الثقافة التنويرية الحديثة,ثقافة الحرية والعدالة والإخاء والمساواة, ثقافة المواطنة الحقة المتساوية, ثقافة القبول بالآخر واعتباره شريكا أساسيا فعليا وفاعلا, ثقافة التداول السلمي للسلطة, ثقافة المسؤولية المشتركة والمصير المشترك, ثقافة التساوي أمام القانون, حكاما ومحكومين, وسيادته, ثقافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية والجندرية...الخ المقدسة لكل أفراد المجتمع ومكوناته المختلفة, ثقافة الواجبات المترتبة على تلك الحقوق, ثقافة أنا وأنت وأنت وأنا, ثقافة مواطنون...لا رعاع واتباااااااااااااااع.

بمعنى مختصر :

ثقافة الدولة المدنية الحديثة بركائزها الأساسية...

 وبين الثقافة التقليدية المتخلفة, الثقافة الاستبدادية ,الاستعبادية,التسلطية,الشمولية والطغيانية, المتمثلة بثقافة احتكار الحقيقة, دينية كانت أم غير دينية, ثقافة إقصاء الآخر وعدم الاعتراف به والقبول, ثقافة تخوين الآخر ونبذه وتفكيره, دينيا أم وطنيا أم كليهما معا, ثقافة اختزال الوطن بأرضة وبإنسانه من قبل فرد أو جماعة أو طائفة أو فئة أو سلالة أو دين أو مذهب أو حزب...الخ, ثقافة دولة القهر والظلم والجور والغبن وانتهاك الحريات العامة والخاصة وتكميم الأفواه...الخ, ثقافة دولة الجباية والسلب والنهب ومصادرة الأملاك العامة والخاصة, ثقافة القوة...وغلبتها في السيطرة على مقاليد السلطة في البلد وعدم الاعتراف بأحقية الآخر في المشاركة في الحياة السياسية إلا باعتباره تابعا ذليلا وخادما مطيعا, ثقافة المتبوع والاتبااااااااع, ثقافة الراعي والرعاع,.....إلخ.

بمعنى مختصر :

ثقافة الدولة العصبية الضيقة والمقيتة...,ثقافة دولة الاستبداد والاستعباد والتسلط والطغيان,.

وعليه :

فإن الصراع في أي مجتمع من المجتمعات عندما يكون بين ممثلي ورموز ,,ثقافات  الدولة العصبية الضيقة والمقيتة, وفي إطارها, الثقافات المستبدة والمستعبدة والتسلطية والطغيانية, الثقافات المتخلفة والجاهلة,كل تريد أن تحل محل الآخرى, وتغيب فيه ثقافة المشروع الوطني التنويري والتحديثي, ثقافة الدولة المدنية الحديثة بركائزها الأساسية...باعتبارها الحل الوحيد الأفضل للخروج مما هي فيها...وعليها...,

لا يمكن له إلا بأن يؤدي إلى مزيد من تعميق وتجذير ثقافة الاستبداد والاستعباد والتسلط والطغيان,, ثقافة الدولة العصبية الضيقة والمقيتة,, داخل تلك المجتمعات متمثلا في تجذير العلاقات الاستبدادية, الاستعبادية, التسلطية والطغيانية بين أفراده وفئاته وطوائفه وكل مكوناته المختلفة . . . . الخ ,ابتداء من المستوى الفردي والأسري وانتهاء برأس الهرم السلطوي التسلطي,عموديا, وفي جميع مناحي الحياة العامة في تلك المجتمعات, أفقيا,.

...............

#الخلاصة :

إن تلك المجتمعات المتخلفة والجاهلة والغير متجانسة اجتماعيا, لا يمكن لها الخروج مما هي فيها...وعليها...,طبعا إذا شعرت بالحاجة إلى ذلك الخروج...,فالحاجة هي وعي النقص, كما يقول الفيلسوف الألماني هيجل, إلا بتفكيك تلك الثقافة السلبية,, ثقافة الصورة النمطية السلبية تجاه نفسها وتجاه الآخر.., ومن ثم إحلال الثقافة الإيجابية,, ثقافة الصورة النمطية الإيجابية تجاه نفسها أولا وتجاه الآخر ثانيا,, ولن يتم ذلك إلا عبر ثورة ثقافية تنويرية تتخذ مسلكا متتابعا ومتتاليا في تنوير الوعي الجمعي الاجتماعي عموما والنخبوي منه على وجه الخصوص, لتشكل أخيرا ويتشكل وفقا لها ونتيجة طبيعية وحتمية تاريخية لها,, وعيا تنويريا,,.

بكم...يتجدد الأمل...ويتحقق

.............

 

#نعم-للدولة-المدنية-الحديثة

إن غدا لناظره أقرب وأفضل

دعوها فإنها مأمورة