آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-03:48ص

في عمق"التفكير في زمن التكفير"

الثلاثاء - 21 أبريل 2020 - الساعة 01:34 ص

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام....

هنالك كلمتان بالغتا الأثر الكبير في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم بل والإنسانية جمعاء، ذلك الأثر الكبير إما أن يكون أثرا إيجابيا في حياتهم اليومية جميعا وإما أن يكون أثرا سلبيا.., بما ينتج عن تلك الإيجابية أو تلك السلبية وما يترتب عن كل منهما من تقرير مصير أولئك الأفراد وتلك المجتمعات والشعوب والأمم والإنسانية جمعاء....

.......

القراء الكرام.....

تلكما الكلمتان تتكونان من نفس الأحرف عددا، لكنهما تختلفان اختلافا جذريا وجوهريا عندما يتم وضع حرف " الفاء" بعد حرف " الكاف" أو قبله.....

تلكما الكلمتان هما كلمة" التفكير" وكلمة"التكفير"....

.......

القراء الكرام....

إن الصراع بين "التفكير " و "التكفير " ممثلتان برموزهما ليس وليد اليوم واللحظة، إنما هو صراعا قائما منذ الأزل وسوف يستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وما عليها..., فهو صراع بين الخير والشر، بين الفضيلة والرذيلة، بين المعرفة والجهل، بين من يؤمن بحق الإنسان في "التفكير " وبين من يحرم عليه ذلك، بين من يحب الحياة ومن يكرهها.......

.........

القراء الكرام....

إن لكلمة" التفكير " ضحاياها العديدون عبر الأزمان ومازالوا حتى الآن من قبل أصحاب أصحاب كلمة " التكفير "، بل إن أصحاب كلمة" التكفير" هم في الأساس ضحايا لها....

........

القراء الكرام...

إن التاريخ يذكر فقط أولئك الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل " التفكير " وخلدهم جميعا في ذاكرته وهم كثر وعددهم لا يحصى..,أما أصحاب كلمة " التكفير" فلم يذكروا بتاتا فيه وإذا ذكروا فإنما يتم ذكرهم من باب ذمهم واحتقارهم.....

.........

متابعي الكرام....

إن هناك فرقا كبيييرا و كبيييرا بين سيكولوجية أصحاب "التفكير " وبين سيكولوجية أصحاب "التكفير ".....

..........

القراء الكرام....

إن من" يفكر" لا يمكن له بأن "يكفر" ومن " يكفر" لا يمكن له بأن" يفكر"....

.......

القراء الكرام....

إن التفكير يؤدي إلى المعرفة والمعرفة تؤدي إلى الفضيلة بل هي جوهرها...

وإن التكفير يؤدي الجهل والجهل يؤدي إلى الرذيلة بل هو جوهرها....

.......

القراء الكرام....

إن هناك علاقة وثيقة بين ظاهرة  "التفكير " وظاهرة " التكفير "، تلك العلاقة هي علاقة عكسية بينهما، إذ أنه كلما زادت ظاهرة "التفكير " قلت ظاهرة " التكفير "، وكلما زادت ظاهرة " التكفير " قلت ظاهرة " التفكير "....

.......

القراء الكرام....

يقول الشاعر والفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه :

التكفير عن الماضي وتحويل كل شيء (كان) إلى (ما أود أن أحوزه) هذا وحده ما أسميه التفكير.

........

القراء الكرام....

إن الله سبحانه وتعالى خالقنا يحثنا جميعا على التفكير بل إنه تعالى يلزمنا بذلك وذلك في أكثر من آية من آيات القرآن الكريم، حيث يقول فى عشرات الآيات وكرر الأمر بالتفكير وإعمال العقل ونهى عن عدم التفكر مثل قوله تعالى «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ».. و«قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ».. و«أَفَلَا تَعْقِلُونَ».. و«كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ».. و«إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ».. و«أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِى أَنفُسِهِمْ»..و «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» ولم يفرض علينا التكفير بل فرض علينا هداية الخلائق لا تكفيرهم.

صدق الله العظيم

.......

القراء الكرام....

إن ما نحن فيه..وعليه..والزمن الذي نحن فيه ينطبق عليه مقولة " التفكير في زمن التكفير ضد الجهل والزيف والخرافة"...

إنه " وعي التخلف المقدس "..

بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق