آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-03:15ص

في عمق العاصفة والإعصار

الأحد - 07 يونيو 2020 - الساعة 08:36 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام...
إن العاصفة والإعصار كلمتان لا تدلان فقط على الظواهر الطبيعية المناخية التي ترتبط بسرعة الرياح ومدي حجمها واستمراريتها وما تخلفانه من آثار تدميرية على المنطقة التي تقع بها وتصيبها, إنما تستخدمان كذلك لوصف أي تغيير اجتماعي أو سياسي أو ثقافي أو ديني أو اقتصادي...إلخ, يحدث سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو المجتمعات أو البلدان أو الأمم أو العالم, أو على مستوى القناعات والمعتقدات والأفكار والايدلوجيات...إلخ,بما ينتج عنهما من آثار على الحياة السياسية أو المدنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو العقائدية أو الفكرية...إلخ للأفراد والمجتمعات والبلدان والأمم....إلخ,وقد تكون تلك النتائج إيجابية أو سلبية.
فالعاصفة تعتبر أقل حدة ودرجة من الإعصار وأخف ضررا منه, بحيث تكون آثارها سطحية ويمكن معالجة آثارها بأبسط وأقل التكاليف ويمكن كذلك الأنحاء أمامها حتى تزول..
أما الإعصار فهو عاصفة لكن شديدة وقوية في سرعتها وحدتها وأثرها, فهو يقتلع الجذور من أساسها ويخلف دمارا شاملا وشديدا وعنيفا وتكون النجاة منه ضئيلة بل شبه مستيحلة لمن لا يستعد له, فلا يمكن الأنحاء أمامه أو مجابهته بالطرق البدائية...,وتكون تكلفة آثاره وترميمها باهظة الثمن وتحتاج إلى وقت طويل في سبيل ذلك....
وعليه :
فإننا إذا نظرنا وتمعنا فيما نحن فيه..وعليه.., ولما وصلنا إليه,, مرحلة التيه الوطني,, لوجدنا بأن ذلك كله بدأ بعاصفة بسيطة جدا, لكن مع عدم وجود أولئك المتخصصون في فهم مصدرها ونشأتها وطبيعتها وكيفية التعامل معها, استفادة منها أو إتقاء لها, بل إن الغالبية ممن نظروا إليها بنظرة سطحية تعاملوا معها باعتبارها عاصفة بسيطة آنية وقتيه سوف تزول ,ووفقا لذلك كانت ردة فعلهم بسيطة وسطحية ,إما انحناء أمامها من قبل البعض وإما مجاراتها ومحاولة الاستفادة منها أو توجيهها نحو الآخر...., مما نتج عن ذلك كله من قبلهم أن تحولت تلك العاصفة البسيطة ,بغبائهم طبعا, إلى إعصار داخلي وخارجي ,لم يستطيعوا الوقوف أمامه أو مجابهته أو الحد منه, الذي أدى بالنهاية إلى اقتلاعهم جميعا من جذورهم, البعض منهم كانت نهايته نتيجة تلك العاصفة والبعض الآخر مازال معلقا في الفضاء غير قادر على التحكم بنفسه وبوجهته بل وبمصيره...والبعض منهم مازال يتعامل معه باعتباره عاصفة بسيطة منحنيا لها غير مدرك بأن شدة الانحناء وطول استمراريته سوف يؤدي به أخيرا إما إلى السقوط أرضا ومن ثم الدهس عليه وإما التصلب الشديد بحيث عندما تتاح له فرصة  الوقوف مجددا والاعتدال لن يكون قادرا على ذلك وسوف يعيش بقية ماتبقى له من العمر معااااااقا ومشلولا...إلخ.
...........
#الخلاصة :
إن ذلك الإعصار وما خلفه...إذا لم تكن إحدى نتائجه هي اقتلاع جذور الاستبداد والاستعباد والفساد والخوف والذل والجبن والشعور بالدونية واحتقار الذات والعيش على هامش الحياة والتعامل مع الآخر, دونية أو تعاليا وترفعا, إقصاء وإبعادا واختزالا واحتكارا....إلخ.
بمعنى أوجز :
اقتلاع القدسيات والقداسات والمقدسات الزائفة..وتلك المفاهيم الخاطئة والمقلوبة التي شكلت الوعي الجمعي الإجتماعي عموما والنخبوي منه على وجه الخصوص...عبر قرون في التعامل السلبي مع الذات ومع الآخر ومع الحياة برمتها.
بدون ذلك فإنه إذا توقف ذلك الإعصار..فإننا نكون في انتظار إعصار جديد قادم...
بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق 
.............

#نعم-للدولة-المدنية-الحديثة
إن غدا لناظره أقرب وأفضل 
دعوها فإنها مأمورة