آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-05:19م

الايدلوجيات والواقع

الخميس - 16 يوليه 2020 - الساعة 07:25 م

د . محمد حميد غلاب الحسامي
بقلم: د . محمد حميد غلاب الحسامي
- ارشيف الكاتب


 

القراء الكرام.....
ليكن معلوما :
# بأن هناك فرقا كبييرا وكبييرا بين ان نسقط الواقع على الايدلوجية التي نتبناها وننظر إليها ونتعامل معها وفقا له ومتطلباته...
وبين ان نسقط الايدلوجية التي نتبناها على الواقع وننظر إليه ونتعامل معه وفقا لها ومتطلباتها.... 
# وبأنه ليس عيبا بأن تندثر تلك الايدلوجية...وتصبح تاريخا،إذ ان لكل مرحلة زمنية ايدلوجيتها الخاصة بها، ولكل مجتمع ايدلوجيته الخاصة به، تتناسب مع تطوره وفقا لحاجاته وحاجياته وإحتياجاته، تعبر عنه في كل مرحلة زمنية تطورية يمر بها..، فهذه سنن الله في ذلك.. 
لكن العيب كل العيب ان يظل المؤمنون بها يجترونها في وعيهم وأفكارهم وعقلياتهم ومن ثم أقوالهم وأفعالهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم بإعتبارها نصوصا مقدسة لا يجوز المساس بها نقدا أو إلغاء، متناسين التطور الزمني والحاجياتي والاحتياجاتي للمجتمعات البشرية، وبدون ان يفكروا ولو مجرد تفكير في مراجعاتها، تطوريا أو تبديلا،ويكونوا في هذه الحالة قد حكموا على ما تبقى منها..بالاندثار، وحكموا على أنفسهم في العيش، وعيا ووجدانا، في صنميتها...،بعيدين كل البعد عن الواقع الزمني والمكاني الذي يعيشون فيه...
# وبأنه إذا ثبت ملاءمة ايدلوجية ما من الايدلوجيات لمجتمع من المجتمعات، فليس ذلك دليلا على أنها تكون ملاءمة لمجتمع أخر، حتى لو كان ذلك المجتمع يتوافق مع درجة تطوره مع الأخر، فلكل مجتمع خصوصيته النفسية والثقافية والعقائدية والدينية، فما بالكم إذا كان هنالك فارقا كبييرا وكبييرا بين درجة التطور لذلك المجتمع وذاك....
فما الايدلوجية الحقيقية إلا تلك التي تكون نابعة من المجتمع ذاته،مصدرا لها، تعبر عنه وتتوافق وتتناسب مع درجة تطوره واحتياجاته وحاجياته، تتطور مع تلك الحاجات والاحتياجات....
وبأن هذا لا يعني الرفض المطلق لتلك الايدلوجية أو تلك، بل إنه يمكن الاستفادة من تلك..وتلك..أو تلك..،ولكن في بعض منها بما يتناسب ويتوافق مع الواقع الاجتماعي للمجتمع ودرجة تطوره..،أما النقل النصي والحرفي الكامل لها، فهذا مالا تقبله صيرورة المجتمعات البشرية في أي مرحلة من مراحلها التطورية....
# وبأننا إذا نظرنا إلى العقلية العربية الحاضرة الخاصة بالمؤمنيين بالايدلوجيات المختلفة...،لوجدنا بأنها جميعها تتبنى تلك الايدلوجيات نصا حرفيا مقدسا،سواء تلك التي اندثرت في مجتمعاتها الأصلية التي نشأت فيها وترعرت وكانت مصدرا لها ومنبعا، أو تلك التي نشأت وترعرت في مجتمعنا العربي في فترات زمنية سابقة ولم يتبقى منها إلا الأثر القليل كممارسة واقعية على أرضية الواقع المعاش والملموس،وتحولت فيها إلى صنمية ايدولوجية متحجرة بكل سماتها وخصائصها ومظاهرها، وبكل نتائجها الكارثية والوخيمة على الأمة،تؤمن بها، رافضة رفضا تاما تطوريها وتطورها عبر مراجعتها مراجعة نقدية علمية منهجية وفقا للمنهج العلمي المتبع في دراسة صيرورة المجتمعات البشرية وتطورها وفقا لتطور حاجياتها وحاجاتها وإحتياجاتها...ووفقا لزمنية ذلك كله، فما بالها بالاعتراف بفشلها....
تلك الصنمية الايدلوجية..التي تعتبر مظهرا من مظاهر وعي التخلف المقدس..الذي أفرزها مع غيرها من المظاهر والظواهر الأخرى..
حيث أنه وبدون الدخول في جدلية التعاريف المختلفة، لغوية كانت أم اصطلاحية لكلمتي " الصنمية " و " الايدلوجية " وكذلك التعاريف المختلفة الأخرى ، فإنني أستطيع شخصيا ،ومن وجهة نظري الشخصية المتواضعة وبحسب الأرضية المعرفية المتواضعة التي أدعي بأنني أمتلكها ونتيجة لما اعانيه شخصيا جراء ذلك، بأن أعرف الصنمية الايدلوجية كما يأتي : 
هي تلك الحالة الاعتقادية الإيمانية ، قناعة وتسليما وقولا وعملا وتصرفا وسلوكا، من قبل فرد أو جماعة أو فئة أو طائفة أو حزب..إلخ ، بتلك الايدلوجية التي يعتنقها وينتمي إليها ' دينية كانت أم غير دينية ' مذهبية كانت أم حزبية 'قومية كانت أم أممية، ممثلة برموزها وجماعاتها والمنتمين إليها والمؤمنين بها، والتي يكون مستعدا للتضحية في سبيلها وافناء حياته في سبيلها دون البحث عن صوابيتها من عدمه ودون القبول بالحديث والتحدث عن سلبياتها، فهي هالة مقدسة بالنسبة له لا يجوز المساس بها والتعدي عليها والتعرض إليها بأي مكروه من وجهة نظره الخاصة، حتى لو اندثرت وأصبحت أثرا بعد عين، وحتى لو أثبتت الشواهد التاريخية فشلها وعدم ملائمتها للواقع والوضع الراهن، إلا أنها تظل متجذرة في ذلك الوعي وتلك المعتقدات والأفكار رفضا لأية محاولة من شأنها تطويرها وتعديلها، عندئذ وحينئذ وساعتئذ ووقتئذ يكون من الصعوبة بمكان إخراج حامليها والمؤمنين بها مما هم فيه..وعليه...، وما كان لذلك بأن يكون ويحصل ويتم لولا الجمود والتحجر...إلخ الذي أصاب حامليها والمؤمنين بها...
بما ينتج عنها من معاداة الآخر الغير منتمي إليها والغير مؤمنا بها ومحاربته بل قد يصل الأمر إلى القضاء عليه متى ما كان ذلك ممكنا ومتاحا دون أن يشفع له أي رابط يربطه مع حاملي ومعتنقي تلك الايدلوجيات، أسريا كان أم عائليا أم عشائريا أم مناطقيا وجهويا أم دينيا أو مذهبيا..الخ، بمعنى أن الرابط الإنساني هنا ينعدم انعداما تاما لديهم..
والأدهى والأخطر من ذلك أن تلك الصنمية الايدلوجية ممثلة برموزها وجماعاتها تضحي أولا بمن ينتمون إليها في سبيل صنميتهم الايدلوجية دون أي وازع ديني أو اخلاقي أو إنساني تجاههم...إلخ.
........
إنه ووفقا لهذا التعريف لا سبيل أمامنا جميعا كأفراد أولا ونخبا ثانيا ومجتمعات وأوطانا وأمة ثالثا إذا أردنا الخروج والتخلص من تلك الصنمية الايدلوجية، وعيا قبل سلوكا، قولا قبل عملا، إلا العمل وبكل الإمكانيات الممكنة والسبل المتاحة ،كل بحسب قدرته وقدراته وإمكانياته ومسؤليته وموقعه وبحسب الأمانة التي ارتضينا بأن نحملها بمحض إرادتنا، على التخلص منها، وعيا قبل سلوكا، قولا قبل عملا، وذلك عبر الإيمان بحرية الإنسان الفرد وكرامته وإنسانيته وآدميته وبأن الحياة قائمة على التعدد والتعددية، ( ولقد كرمنا بني آدم )( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا...) صدق الله العظيم.
هذا أولا 
ثانيا : إن أية ايدلوجية لا تكون نابعة من وحي الواقع المعاش لأمتنا ومعبرة عنه وتحترم خصوصياتها الروحية والمعنوية والمادية في إطار التكامل والتعاون  الإنساني الحضاري حاضرا ومستقبلا، مهما كانت إيجابياتها وصلاحياتها للموق الذي نشأت فيه وترعرعت ونمت ومهما كانت الحقبة الزمنية التي وجدت فيها، ماضوية ذاتية كانت أم ماضوية وحاضرية غير ذاتية، لا يمكن لها بأن تعبر تعبيرا حقيقيا ووفقا للمنهج العلمي التحليلي والواقعي عن أمتنا، إنما يكون ذلك في إطار الاستفادة منها جميعها...
وبأن القانون الجدلي للحياة هوالتطور والتغير والتغيير وليس التحجر والجمود..
وبأن....
وبأن....
وبأن....
وقبل ذلك كله والأهم من كل ذلك : 
بأن ذلك لن يكون ممكنا ومتاحا ويتم ويحصل إلا إذا شعرنا وأدركنا وأحسسنا بأننا في أمس الحاجة إلى ذلك كله, ف"الحاجة هي وعي النقص"كما يقول الفيلسوف الألماني هيجل
يتم كل ذلك كجزء من عملية تفكيكية-إحلالية لذلك الوعي" وعي التخلف المقدس.."… 
......
يقول الزعيم الراحل/ جمال عبدالناصر-رحمة الله عليه- :
 " لقد كان أعظم الملامح في تجربتنا الفكرية والروحية أننا لم ننهمك في النظريات بحثاً عن حياتنا … وإنما انهمكنا في حياتنا ذاتها بحثاً عن النظريات..".
ترى أين العقلية العربية النخبوية...!!!!في وقتنا الحاضر من هذه المقولة، خاصة اليسارية والقومية منها، وعلى وجه الخصوص...الناصرية؟؟؟!!! 
.........
قال تعالى في كتابه الكريم : 

((َ بلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ))
وقال أيضًا على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام مخاطبا قومه :
(( قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون)).
 صدق الله العظيم 
بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق 
........
#نحو-حركة-نهضوية-عربية-جديدة
إن غدا لناظره أقرب وأفضل 
دعوها فإنها مأمورة