تلخيص "مشكلة اليمن الحقيقية"

نافذة اليمن - الكاتب / عبدالله فرحان

 

 

بالعودة الى تقييم تطورات الصراع في اليمن خلال سنواته الاخيرة 2011 وما تلاها من اعوام ومستجدات كارثية .. فان عملية التقييم دون شك ستتوه وتتشعب اذا لم تستند على ذاكرتها الوطنية المتجردة عن التحيز والولاءات لاسترجاع تسلسل احداث 2011 واهم محطاتها لتحديد نقطة جوهرية ومفصلية كانت عاملا رئيسا لانزلاق البلد نحو هاوية التشظي والصراعات والحروب البينية ..

 

فالكثير منا على وفاق تام بان العوامل الرئيسة تتمثل في اهم ثلاث مرتكزات عامة وهي :

1/ مؤامرات دولية واقليمية 

2/ فساد النظام واختزاله جهويا وانتهازية المعارضة المفتقرة للرؤية الوطنية

3/ صراع الاقطاب القبلية والحزبية ومصالح النفوذ .

ولكننا تجاه كل ذلك نتجاهل ونتهرب من تقييم ذاتنا للاجابة على سؤال :

 وما دورنا نحن كيمنيين تجاه كل ذلك ? ألم ننزلق للاصطفاف مع تلك المرتكزات بعيدا عن مصلحتنا الوطنية ? 

 

والسؤال الاهم والاكثر خطورة يتمثل 

في : 

وما دور الجيش الوطني امام كل ذلك ? 

الم يكن الجيش اليمني مثله مثل جيوش بلدان العالم درع حصين وصمام امان للوطن وقول الفصل في مواجهة كافة المؤامرات الداخلية والخارجية ?!! 

 

دعوني اصدقكم القول بكثير من الصراحة فاليمن او اي بلد آخر وخصوصا البلدان العربية عبر تاريخها الحديث والمعاصر تتوطد في اوساطها تلك العوامل وتتجذر في اركانها البنيوية اجندة المؤامرة وصراع اقطاب النفوذ مع فوارق نسبية من بلد الى آخر وجميعها شعوب ومؤسسات تخوض معارك ضد تلك المؤامرات والصراعات ولكن العامل المحوري ودينمو المواجهة لخوض معركة الانتصار او الخضوع والاستسلام وغالبا ما تستند معاركها المفصلية على نسبية الوعي الوطني لدى الشعب بطابعه العام وترتكز بشكل اساسي على الجيش ومكوناته المؤسسية كأداة فعلية تتجسد فيه وحدة الدولة وترجمة عملية لفكر الانتماء الوطني 

فالجيش هو صاحب القول الفاصل بالتدخل الحاسم في احلك الظروف لحماية الوطن والحفاظ على مؤسسية الدولة وحماية الشعب واحترام ارادته وفق قرار جمعي مؤسسي يجسد عمق انتمائه وهويته الوطنية .

 

فعلى سبيل المثال في خضم احداث ما اطلق عليه الربيع العربي كانت المؤامرات الخارجية والصراعات الداخلية اكثر استهدافا لجمهورية مصر العربية كادت ان تعصف بها وبشعبها وكيانها في مرحلتها الاولى اواخر 2010 وفي مرحلتها الثانية الاكثر خطورة اواخر 2013 حتى منتصف 2014 ولكنها تحطمت على صخرة الجيش المصري كمؤسسة وطنية واحده ومتماسكه كان لها قول الفصل بقرار حاسم انقذ البلد . وهو ما افتقرت اليه ليبيا التي سارعت نحو الانهيار وافتقرت اليه اليمن التي تحول فيها الجيش بكل اسف الى اداة للتشظي ودينمو محوري لادارة الصراع ..

اعتقد بل اجزم واؤكد بان انقسام الجيش اليمني ابان احداث 2011 كان محور المؤامره بحد ذاتها .

وبغض النظر عن صوابية او خطأ اصطفاف بعض الجيش مع الساحات وفق الرؤية الثورية الا ان اعلان اللواء علي محسن الاحمر وبعض القيادات العسكرية الانضمام الى الساحات وحمايتها واصدار بيانات شهر مارس العسكرية 2011 لحماية الساحات واخرى لحماية الحاكم جميعها كانت اعلان رسمي لانهيار الدولة وتدشين فعلي لحقبة صراع وتشظي وانزلاق بالوطن نحو هاوية الصراع المسلح عسكريا وخروج للجيش من اطره المؤسسية الى اصطفافات مليشاوية مع وضد والذهاب نحو معارك متعددة الولاءات الحزبية والعقائدية والمناطقية ترتب عليها الصراعات البعدية والانقلاب المسلح والاجتياح للمدن .

 

وهنا اؤكد بان جوهر المشكلة تكمن في هوية بناء الجيش ووحدته ومؤسسيته فالجيش هو الدولة والاداة المعبرة عن فكر الانتماء للوطن وبدون اعادة البناء في قالب مؤسسي منتمي للوطن متجردا عن الولاءات الحزبية والمناطقية فلن تصل اليمن مجددا الى الدولة والاستقرار ولو بعد عقود قادمة.

مقالات الكاتب