تفريخ ممنهج للفساد.. النموذج الأخطر لتقويض الدولة

بعيدا عن طبيعة الرجل التي ينقصها القليل من التوازن لتصبح ربما هادئة ومسالمة، عدا أنه نموذج فاضح ومخجل للصورة التي انتهت لها مؤسسات الدولة.

أحمد المجاهد، الرجل الذي تمرد على قرار محافظ المحافظة وبقي متشبثا بعمله كمدير عام لمكتب الصناعة والتجارة في تعز، وجدته يترأس أحد أقسام وزارة الصناعة والتجارة، هكذا نطقت اسمه دون خجل كما فعلت موظفة إدارة السجل التجاري في الوزارة وهي تشير إلى شخص بجانبي بالتوجه إلى إدارة الرقابة، حيث يعمل المجاهد، للمصادقة على المذكرة، ليتسنى لها استكمال النظر في ملفه الذي أعادته من توها إليه.

لم يصدر في حق المجاهد قرار فصل من الخدمة المدنية لهذا لا مشكلة من عمله في الوزارة كما أنني لا أعرف الكثير عنه، إنما المعيب والمثير لليأس والبؤس  أن تكون ترقيته هي الخيار الوحيد لحمله على ترك نزقه جانبا وتسليم المكتب في تعز.

المجاهد نموذج لا ينبغي الاكتفاء به من بين نماذج عدة للتفسخ الحزبي البرجماتي المقيت الذي تدار به مؤسسات خدمية مهمة في الهيكل التنظيمي للدولة .

وهنا نعود لنقول: لم تعرف المكونات السياسية المحلية من العمل الحزبي سوى وجهه العصبوي البشع، بهذا الوجه، وبعقلية أي عصابة، تُدار وتقوّض مؤسسات الدولة اليوم، مع حالة من التفريخ الممنهج للفساد، يتعاظم هذا الخطر عندما يكون المعني بالحكم والإدارة كيان يشبه تنظيم الإخوان المسلمين بما يعيشه من عصبويات مزدوجة ومعقدة، متداخلة ومتشابكة.

وهكذا وجدنا أنفسنا اليوم، أمام حالة لا تقل خطورة على مؤسسات الدولة من الانقلاب الحوثي، لعلكم تعرفونها، تعرفون هذا النموذج السلطوي المقيت من الإدارة على أثر حزبي.

لنأخذ وزارة التخطيط مثالا جديدا، هذه المؤسسة التي يفترض أنها الحاسة الإداركية للحكومة، لتُعنى بتخفيف العبيء الخدمي على الحكومة الشرعية عبر توجيه الدعم الإنساني إلى إقامة تدخلات أكثر جدوى وجدية وأقرب ما تكون لأولويات السلطة والاحتياج الحقيقي للمواطن، تخضع هذه المؤسسة هي الأخرى لسيطرة لوبي تفريخ الفساد الممنهج والمستشري من القمة إلى جميع الوحدات الإدارية للدولة.

دور التخطيط مهم في تعزيز الحضور الخدمي للدولة، بالمثل على عاتق وزارة الصناعة نفض غبار الحرب مما يمس معيشة المواطن ، بالمسؤوليات المناطة بها، المسؤوليات والمهام نفسها التي حددتها قوانين السلطة المحلية واللوائح التنظيمية للوزارة المعنية، دون الحاجة لأي اجتهاد يُذكر.

ومن الصناعة إلى التخطيط إلى وزارة التعليم العالي ومنها إلى وزارة الصحة وإلى الهيئة العامة لأراضي الدولة الوضع كارثي للغاية ويستجدي انتباه مجلس القيادة الرئاسي، ومعالجة جذرية .. عبر سلسلة ضربات متلاحقة وطارئة ومدروسة.