الإخوان.. بين الحقيقة والزيف


لطالما روج الإصلاح (الإخوان المسلمين) لأنفسهم في أوساط المجتمع اليمني بأنهم الصفوة والفرقة الناجية، حسب تعبيرهم، وأنهم اهل الصلاح والتقوى، فانخدع بهم كثيرون وظنوهم كذلك غير مدركين لحقيقة ما يخفونه.

حدث هذا قبل زمن الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي التي كان لها الفضل في كشف زيفهم وحقيقة أخلاقهم، وكذلك الأحداث الأخيرة التي مرت بها اليمن منذ 2011.

فعلى المستوى التربوي القيمي والفكري ظهر فداحة ما غرسوه بعقول اتباعهم وكيف سوغوا لهم مشروعية استخدام أحقر الوسائل للنيل من خصومهم، ليتحولوا بصورة جماعية إلى جيش إلكتروني بلا أخلاق، إذ ما إن يصادفهم منشور لا يتفق مع أهوائهم حتى تصبح ردودهم عليه حفلة شتائم بشكل هستيري وهابط ينم عن خواء عقلي وتخلف فكري وفقر لأبسط أساليب الحوار والمحاججة بالمنطق والبرهان.

وعلى المستوى العسكري استغل الإخوان سقوط الدولة بيد جماعة الخوثي ليشكلوا مليشياتهم وجيشهم الخاص المنتقى بعناية من أكثر أفرادهم طاعة وولاء لقادة الجماعة على غرار كل التنظيمات الإرهابية في العالم..
جيش مؤلف من أفراد ترسخ في ذهنيتهم، على مدى سنوات طوال من العمل التنظمي السري، أن الدولة هي عدوهم الأول، وأن الوطنية مفهوم ينافي فكرتهم الأساسية "استاذية العالم" إذ لا وطن الا ما تحكمه الجماعة ولا دولة الا ما يقر بمشروعيتها المرشد، فكيف لجيش هذه عقيدته أن يكون وطنيا أو يمتثل لأمر الدولة.

أما على المستوى السياسي فقد حول الإخوان المؤسسات التي سيطروا عليها إلى اقطاعيات خاصة بهم وأحدثوا سيلا من التعيينات المبنية على معيار واحد هو المستوى التنظيمي الذي وصل إليه الشخص وليس الكفاءة وسنوات الخبرة، وخلال ثمان سنوات من عمر الحرب واختطافهم لقرار الشرعية كان العبث والفساد الذي لم تشهد له البلاد مثيلا هو سيد الموقف.

اقتصاديا انتقل قادة الجماعة مدرسين وخطباء مساجد وأشخاص عاديون وفقراء من عامة الشعب إلى أثرياء بين عشية وضحاها، حيث بسطوا أيديهم على كل الموارد الواقعة في نطاق سيطرتهم وأصبح المال العام (فيدا) لا يعرف الطريق إلى البنك المركزي اليمني لكنه يستطيع السفر إلى اسطنبول وعواصم أخرى بسرعة البرق لإنشاء استثمارات ضخمة لا يستفيد منها اليمنيون شيئا بالإضافة إلى تسخير دعم التحالف العربي من سلاح وأموال لخدمة مشاريعهم الخاصة وتنمية استثماراتهم، إنهم يتعمدون إطالة الحرب لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الشخصية، وليس بخاف على أحد الطريقة التي سلموا بها مديريات مأرب وشبوة للحوثي على طبق من ذهب وحرفهم لمسار المعركة الوطنية عن هدفها الرئيسي المتمثل باستعادة العاصمة صنعاء وانهاء انقلاب مليشيا الحوثي، ليغدو الهدف هو عدن والجنوب المحرر وثرواته وموانئه.

إننا أمام جماعة تضع مصلحة التنظيم، المحلي والدولي، كهدف أسمى لكل تحركاتها وكجزء أصيل من عقيدتها، بالتالي لا غرابة في أن يكون هذا نتاجها وشكلها الحقيقي، بل إن الغرابة حقا في استمرار تقديمها لنفسها على أنها "الحل" وأنها الأكثر وطنية وايمانا ونزاهة وحرصا وأخلاقا، مستخدمة نفس الأدوات سيئة الذكر والأساليب القذرة لفرض مشروعها واقناع الناس به في تناقض مهول بين ما تقوله وما تفعله.