آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-06:36م

هل تفيد المراعاة السعوديّة للنظام السوري؟

الأحد - 16 أبريل 2023 - الساعة 05:28 ص

خيرالله خيرالله
بقلم: خيرالله خيرالله
- ارشيف الكاتب


لا تقدّم عودة النظام السوري إلى شغل مقعد “الجمهوريّة العربيّة السوريّة” في جامعة الدول العربيّة ولا تؤخّر. لن يؤثر ذلك في شيء، خصوصا في ما يتعلّق بمأساة الشعب السوري الذي هو في واقع الحال ضحية نظام أقلّوي لا يهمّه سوى البقاء في السلطة بأيّ ثمن كان.

لا شعار حقيقيا يرفعه هذا النظام غير شعار “الأسد… أو نحرق البلد”. لا خروج من مأساة الشعب السوري ومأساة سوريا ما دام النظام الذي على رأسه بشّار الأسد قائما ويرفض في الوقت ذاته إجراء مصالحة في العمق مع الشعب السوري، بدءا بالاعتراف بوجود هذا الشعب.

على الرغم من ذلك كلّه، يظلّ مفيدا التمعّن في نصّ البيان السعودي – السوري الذي صدر بعد زيارة قام بها إلى المملكة فيصل المقداد وزير الخارجية لدى النظام الذي عقد محادثات مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان. مثل هذا البيان هو الأوّل من نوعه الذي يصدر عن زيارة قام بها مسؤول في النظام لدولة عربيّة وذلك منذ اندلاع الثورة الشعبيّة في سوريا في آذار – مارس من العام 2011.

ما يميّز البيان مراعاته النظام السوري إلى حدّ كبير، خصوصا لجهة تفاديه ما يثير أيّ حساسيات لدى النظام. على سبيل المثال، وليس الحصر، لم يأت البيان على ذكر القرار الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرقم 2254. يشكل القرار، الذي يشير إلى “فترة انتقاليّة” في سوريا، كابوسا لبشّار الأسد. إنّه قرار صادر بالإجماع في كانون الأوّل – ديسمبر من العام 2015 في ظروف دولية كانت تتميّز بوجود وفاق روسي – أميركي وحتّى إيراني – أميركي.

جاء في البيان السعودي – السوري أنّه “عُقدت جلسة مباحثات بين الجانبين جرى خلالها مناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، يحافظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها وهويتها العربية وسلامة أراضيها، بما يحقق الخير لشعبها الشقيق.

واتفق الجانبان على أهمية حل الصعوبات الإنسانية وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات إلى جميع المناطق في سوريا وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم وإنهاء معاناتهم وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم واتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السورية.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بأشكاله وتنظيماته كافة، وتعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها وضرورة دعم مؤسسات الدولة السورية لبسط سيطرتها على أراضيها لإنهاء وجود الميليشيات المسلحة فيها والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري.

كما بحث الجانبان في الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تُنهي تداعياتها كافة وتحقق المصالحة الوطنية وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي.

وأعرب الجانبان عن ترحيبهما ببدء إجراءات استئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين البلدين…”.

يطرح البيان الذي كان ضروريا التذكير بمعظم ما ورد في نصّه أسئلة عدّة. من بين هذه الأسئلة: هل من مصلحة لدى النظام السوري في عودة اللاجئين إلى المناطق التي خرجوا منها؟ الجواب أنّه لم يظهر النظام، أقلّه إلى اليوم، أي اهتمام في ذلك. على العكس من ذلك، دفع النظام في اتجاه بقاء اللاجئين حيث هم، خصوصا في تركيا والأردن ولبنان. ينفّذ النظام مشروعا إيرانيا يستهدف تغيير طبيعة التركيبة الديموغرافية لسوريا. بريد التخلّص من أكبر عدد من السنّة كي لا تعود في سوريا أكثريّة سنّية.

الأكيد أن لدى النظام مفهومه للأمن والإرهاب والميليشيات المسلّحة والتهريب، بما في ذلك تهريب الكبتاغون إلى دول الخليج العربيّة… و”المصالحة الوطنيّة”. لديه، حتّى مفهومه الخاص للاحتلال. هناك احتلال حرام مثل الاحتلال الإسرائيلي وهناك احتلال حلال مثل الاحتلال الإيراني!

يستحيل على النظام أن يكون جزءا لا يتجزّأ من المنظومة العربيّة، التي على رأسها السعوديّة، التي تؤمن بكل ما له علاقة بالتقدّم والتطور والانتماء إلى العالم المتحضّر. في سوريا نظام يؤمن بخيار واحد هو خيار القمع. مطلوب من المواطن السوري أن يكون عبدا لدى النظام لا أكثر…

يظلّ السؤال الأهمّ في ضوء التراجع الروسي في سوريا نتيجة غرق فلاديمير بوتين في الوحول الأوكرانيّة، هل يستطيع النظام السوري الخروج من الخيمة الإيرانيّة؟ يقود هذا السؤال إلى سؤال آخر: هل تغيّرت “الجمهوريّة الإسلاميّة” وباتت مهتمة بإيران وشعبها بدل استخدام البيان الثلاثي السعودي – الصيني – الإيراني لالتقاط أنفاسها وتقديم بعض التنازلات في اليمن في مقابل إطلاق يدها في منطقة المشرق العربي؟

إذا أخذنا في الاعتبار تصرفات النظام السوري منذ خلف بشّار الأسد والده في العام 2000، نكتشف أنّ مرور الأيام يزيد الأسد الابن تعلّقا بالعباءة الإيرانيّة… وصولا إلى الدور الذي لعبه في تفريغ مناطق سنّية من سكانها كي تصبح هذه المناطق تحت سيطرة الميليشيات المذهبيّة التابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني. على سبيل المثال، هناك مناطق سوريّة على طول الحدود مع لبنان جرى تغيير لطبيعتها في السنوات العشر الأخيرة.

عاد النظام السوري إلى جامعة الدول العربيّة أم لم يعد، المطروح ما الذي تريده “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران؟ يفترض في “الجمهوريّة الإسلاميّة” إظهار أنّها وقّعت البيان الثلاثي في بكين عن حسن نيّة وليس من أجل الهرب من التحديات الداخليّة التي تواجه النظام فيها.

لعلّ الأهمّ من ذلك كلّه، ما الدور الصيني ومدى تأثير الدولة التي تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم والتي تحتاج إلى نفط الخليج، على السلوك الإيراني؟ هل الرهان على الصين، وهو رهان سعودي على مصلحة صينيّة في الاستقرار في محلّه؟

لا شكّ أنّ المملكة العربيّة السعوديّة وفّرت للنظام فرصة أخرى كي يعيد تأهيل نفسه. هل مسموح له، إيرانيا، باستغلال هذه الفرصة أم لا… أم لا بدّ من الاعتماد في هذا المجال على الصين بصفة كونها المرجعية الإيرانيّة الأبرز هذه الأيام؟