في البدء لا نستطيع التقليل من القدرات و الكفاءات الإدارية التي يتمتع بها محافظ تعز الحالي نبيل شمسان ، بنفس الوقت لا نستطيع التقليل من معارف هذا الرجل، وخبراته في تقنيات الإدارة ونظمها وقوانينها، وليس بوسع أحد أيضاً أن يُنكر بأن القدرات التي إتسم بها شمسان حققت له نجاحات جمة لا تحصى في حياته العملية، هذه النجاحات ساعدته أيضاً على تبوأ العديد من المناصب المرموقة في الدولة ، كمدير ، وكيل،ونائب، وزير،ونجح بإدارتها بكفاءة واقتدار ، لكنه أخفق في آخر منصب تقلده كمحافظ لمحافظة تعز.
هذا المنصب الأخير أظهر المحافظ شمسان بالمحافظ الأسير ، المستسلم لقانون الغاب ، العاجز عن انتشال تعز من هذا الوضع الحالي بفساده ورواسبه التي انتجت أوضاعًا غير طبيعية ، تسببت بتعطيل دور مؤسسة الدولة ،وإخضاع مؤسسة الدولة لسلطة الجماعات النافذة المستقوية بقوة السلاح .
على أي حال، إن أبرز الأخطاء التي يقع عادة ً فيها الحاكم عبر التاريخ، تسليم عقله للبطانة والحاشية المنافقة المحاطة به ، التي تأسر عقله وتحجب عنه الحقيقة.. وقد عَبَّر الأدب الصوفي عن مخاطر الحجاب الذي تفرضه حاشية الحاكم، و يقوم بعزل الحاكم عن حقائق الأشياء ، مما ينتج في نهاية المطاف عن هذا العزل كوارث وسقوط مدوي ، لهذا جاء الأدب الصوفي بشكله الفلسفي الجميل يحث عن أهمية أزالة الحجاب( الكشف عن الغطاء) ، بواسطة الطريقة (العرفانية) اي معرفة الله مباشرة دون وساطة. كان ذلك هو الوجة الفلسفي والثوري لمحاولة المتصوفة هدم الجدار الفاصل بين الانسان والله، ولكن هذا لم يكن هدفا لذاته، وانما الهدف الأبعد، أو الدافع الكامن في الأساس هو هدم الجدار الفاصل بين الإنسان والانسان، أي بين إرادة الحاكم المطلق (الخليفة ـالملك)، وإرادة الناس، وهذا الجدار يتمثل ببطانة الحاكم التي تمثل جدار حاجز بين الحاكم والمحكوم .
على العموم، الوضع في تعز اليوم، لا يحتاج فقط إلى محافظ تكنوقراط يمتلك قدرات معرفية في فنون الإدارة فحسب ، بل تحتاج إلى قائد لديه أفق واسع ، و اقدام بالقيام بحركة تغيير وإصلاح إداري واجتماعي معا، ينتشل رواسب الفساد التي أنتجته السلطة الأحادية المتسيدة على الموقف منذ ثمان سنوات .
على أي حال، تعز اليوم بحاجة إلى محافظ يحررها من الخوف والرعب ، ويضع حدًا لانتهاكات حقوق الإنسان ، وإمتهان الكرامة الإنسانية .
تعز اليوم، بحاجة إلى المحافظ والقائد ، الذي يرفد مؤسسات الدولة بالكوادر الكفؤه النزيهة ، ويفكك المنظمومة المهيمنة على القرار ، التي تقف عائقًا أمام حلحة الكثير من الملفات العالقة ، ومن تحقيق دولة القانون الشراكة التوافقية .
تعز اليوم، بحاجة للمحافظ الذي يكشف الغطاء للقيادة السياسية في الدولة عن الاطراف والاشخاص النافذة المتورطة بانتهاكات حقوق الإنسان و المعرقلة لاستعادة مدامك الدولة ، أو بالأصح الأطراف المعرقلة لاستعادة أمن واستقرار تعز ومكانتها الحضارية والإنسانية .