المواقف الأمريكية من الأحداث الجارية في المنطقة العربية ، ليست مواقفًا ناتجة من اللحظة المواتية للأحداث وملابساتها ، إنها مواقف استشرافية بمقدار زمني يمتد لعقود من الزمن.
ففي عام 2001 م بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، صرّح ويسلي كلارك القائد الأمريكي السابق للقوات الأمريكية في أوروبا وقائد قوات حلف الناتو للفترة من 1997م إلى 2001 م بانه تلقى مذكرة من وزير الدفاع الأمريكي آنذاك رونالد رامسفيلد خلال قصف أفغانستان ، تتضمن خطة لغزو أو احتلال سبعة دول عربية أولها (العراق ثم سوريا، لبنان، ليبيا ، الصومال ، السودان ثم مصر).هذه المذكرة كانت في عام 2001 م ، وفي عام 2002م أصدرت مؤسسة راند الأمريكية للأبحاث ، التي توصف بأنها صانعة القرار والعقل الأمريكي تقريرًا كتبه لوران مورافيتشي ، ونشرته مجلة الواشنطن بوست في 6-8-2002 م قبيل الغزو الأمريكي للعراق بثمانية أشهر ، جاء فيه : ( غزو العراق هدف تكتيكي سيغير من الشرق الأوسط والعالم ، واحتلال السعودية هدف محوري استراتيجي ، أما مصر فهي الجائزة الكبرى ، في نهاية المطاف ؛ لما لها من موقع ومكانة تاريخية وبشرية وحضارية ، بما يضمن تغير خريطة الشرق الأوسط لمصلحة الأمريكان وحلفائهم ) .
ريتشارد بيرل ، الذي عمل سابقًا مساعدًا لوزير الدفاع أيام ريجان ، كشف أنه كان قد حث نتنياهو في عام 1996م أن يسعى من خلال اللوبي اليهودي في أمريكا إلى غزو العراق وتدميره ، كمدخل للتاثير على الدول المحيطة به .
أشار تقرير لمؤسسة راند أن سقوط العراق ، خلق محيطا طائفيًا ، سيكون له دور في زعزعة استقرار الشرق الأوسط ، سيما الدول العربية المحيطة بالعراق ، وفي محاضرة ألقاها أحد المختصين الأمريكيين في المجال العسكري الاستخباراتي ، في مركز الأمن القومي الإسرائيلي في أغسطس عام 2012 م ، أشار إلى أن أمام أمريكا بعد أحداث ٢٠١١م فرصة كبيرة ؛ لإغراق المنطقة العربية بالفوضى والحرب غير المتماثلة ، والصراعات الأهلية ذات الأجندة الطائفية والمناطقية ، بما يحوّل الدول العربية لدول فاشلة ، ووكر للجماعات ما دون الدولة ، وبالتالي تنفذ أمريكا ما تريده و متى تريده.
فما نراه الآن من أحداث ونوازل عظام ، تفت في عضد الأمة العربية ، كانت منذ فترة أفكارًا وخططًا لدى مؤسسات القرار الأمريكية ، واليوم صارت واقعًا مؤلمًا و مزريًا.
فهل يستيقظ من بقي من طابور الاستهداف، كي لا يلحقوا بمن سبقهم في ركب الذل والهوان ؟!