آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-05:39م

القرصان الحوثي.. وهو يبحر على متن اتفاقية "استكهولم"!

الجمعة - 24 نوفمبر 2023 - الساعة 12:20 ص

د. صادق القاضي
بقلم: د. صادق القاضي
- ارشيف الكاتب


ربما يحتاج الأمر بالضرورة إلى قيام "الحوثي" بخطف عشرات السفن التجارية الغربية، وربما إغلاق الملاحة الدولية بالكامل عرض البحر الأحمر.. لجعل العالم يلتفت إلى دولة نامية هامشية منسية اسمها "اليمن"، ودفع المجتمع الدولي لإعادة النظر بجدية بشأن القضية اليمنية!

نحن نتعذب هنا وحدنا؛ لا أحد يفهم أو يتفهم ما نعانيه من العصابة الكهنوتية التي استحوذت، على حين غرة من الزمن، على هذه الزاوية الجغرافية التي يبدو أنها- بالنسبة للعالم الغربي بالخصوص- بلا أهمية تقريبًا؛ إلا في حال باتت تمثل خطرًا على الغرب، وخطورتها تكمن، في الأهم، في شيئين اثنين:

• موقعها الاستراتيجي المطل على مضيق باب المندب، بما يترتب عليه من إمكانية توظيفه لتهديد حركة التجارة والملاحة الدولية.

• الثقافة التقليدية الهشة للشعب، كبيئة دينية قابلة لتوظيفها حاضنة للإرهاب، وبالتالي جعل اليمن مزرعة لتفريخ وتصدير الإرهابيين لاستهداف مصالح أمريكا وأوروبا في أي مكان في العالم.

ما فعله الحوثي مؤخرًا باختطاف سفينة تجارية من المياه الدولية، ومن قبلها، في العام الماضي، باختطاف سفينة إماراتية.. يلفت نظر العالم إلى كونه بات يمثل خطرًا على الأمن والسلم الدوليين على هذين الجانبين، وبالذات على حركة التجارة والملاحة الدولية، باستهدافها من ساحل الحديدة.

لم يكن الحوثي ليقوم بهذه القرصنة التي يقوم بها اليوم ومنذ العام الماضي، لولا استمرار سيطرته على هذه المناطق الساحلية الاستراتيجية الحساسة، وفق صيغة دولية مؤسفة تذكّر بالضرورة، بموقف المجتمع الدولي من الصراع بين الأطراف اليمنية، بشأن هذه السواحل عام 2018م.

حينها، كانت المقاومة الوطنية وبقية تشكيلات القوات المشتركة، وفي خضم نجاحها العسكري المتسارع في تحرير الساحل الغربي.. قد وصلت إلى أطراف مدينة الحديدة، ضمن مشروع وطني شامل يهدف إلى تحرير المناطق الغربية كاملة، وحصر الجماعة الحوثية في الوسط، قبل إسقاطها تمامًا، واستعادة البلاد وإعادة النظام الجمهوري.

لكن المجتمع الدولي، ولأسباب تخصه، لم يقبل بذلك التحرك والتمدد العسكري الخلاق، وسرعان ما تدخل بكل نفوذه، لرسم خط أحمر أمام زحف عسكري وطني جديد وجاد وكاسح ومتسارع.. تمّ إيقافه في ذروة اندفاعه، وزج بالأطراف في "مباحثات استكهولم" التي كانت بمثابة ضربة مؤلمة بالنسبة للقوات المشتركة، وطوق النجاة بالنسبة للقرصان الحوثي الذي يبحر اليوم على متن تلك الاتفاقية.

قد لا نفهم بالضبط دوافع بعض كبار أعضاء المجتمع الدولي، ونواياهم تجاه اليمن، لكن هذا ما حدث: بريطانيا، بشكل خاص، تدخلت حينها بسرعة وبقوة وبكل ثقلها الدولي والإقليمي لوضع حد لتقدم المقاومة، كما لو أنها تراهن على "الحوثي" كحارس لمصالحها الإقليمية، وهي فكرة تشاركها فيها أمريكا التي لطالما جازفت في اللعب بالنار، وتربية الضباع للصيد، وفي كل مرة ينقلب السحر على الساحر.