تستضيف المملكة العربية السعودية نهاية العام الجاري ٢٠٢٣م بطولة كأس العالم للأندية،وبطولة كأس آسيا لكرة القدم لعام 2027م،وكاس العالم عام٢٠٣٤م. مما يعني هذا -وغيرها من الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والإصلاحات الاجتماعية الداخلية ومشروع الانفتاح الثقافي الطموح للمملكة- أنها ستكون بأشد الحاجة الى حالة من الاستقرار الامني والهدوء السياسي داخليا واقليميا.وقد شرعت المملكة فعلا في تحقيق هذا منذ قرابة عامين حين أعلنت انها تخلت عن فكرة الحسم العسكري وتقدمت بمبادرة سلام، فضلاً عن إعادة علاقاتها مع ايران ومع حلفاء هذه الأخيرة بالمنطقة،وهو الأمر الذي ألتقطه الحوثيون منذ الوهلة الاولى وطفقوا يستثمرونه بدهاء و انتهازية بارعة يغطبعهم عليها خصومهم لفرض شروطهم لوقف الحرب باليمن و للمضي قُدما نحو تسوية سياسية شاملة تصب جُلها لمصلحتهم.
… فحاجة السعودية للأمن والاستقرار والتفرغ لإنجاز أهدافها الطموحة هي الدافع المنطقي والمتوقع لتقديم مصالحها فوق مصالح شركائها المحليين باليمن وعلى حسابهم ،بعد أن تفردت بالحوار مع الحوثيين وحسمت معهم كثيرا من الملفات العالقة والمثيرة للجدل برغم تحفظات شركائها الجنوبيين في عدن على تفرد الرياض بمقايضتها صنعاء بملفات ليست من أملاكها،مثل ملف الثروات، ولم يبق سوى التوقيع النهائي على تلك التوافقات بحسب مصادر وازنة في الرياض وصنعاء ومسقط.
الحوثيون يعتقدون وهم محقون في ذلك أن يد الرياض ستظل عالقة تحت الحجَر طيلة عقد من الزمان،وبالتالي لن يتوقفوا عن سياسة الابتزاز واستثمار الحالة والحاجة السعودية الراهنة لانتزاعهم مزيدا من التنازلات والمكاسب مِن /وعلى حساب خصومهم المحليين عبر القناة السعودية بذات القدر الذي يجدون فيه السعودية بحاجة للأمن والسكينة لجلب العالم إليها وخطب وده السياسي والثقافي عبر الفعاليات الرياضية والثقافية والاقتصادية التي ترى الرياض إنها مناسبات غاية بالأهمية تستحق التضحية والتنازل في سبيل تحقيقها باعتبارها مكاسب كبيرة وتاريخية تعزز من دور ومكانة المملكة إقليميا ودوليا ولإلجام الأصوات الداخلية الساخطة، ولتعبيد الطريق أمام الأمير/ محمد بن سلمان للوصول للعرش دون عوائق داخلية أو ضغوطات وابتزازات غربية أمريكية، ولطيّ سمعة حقوق الإنسان السعودية المثيرة للجدل.
كما وأن الأحداث العاصفة في غزة وفي المنطقة كانت أيضا فرصة مواتية للحوثيين ليكثفوا من أسلوب التركيع والمساومة لانتزاع مزيدا من المكاسب من طرف الرياض ومن حلفائها المحليين. فالصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها وتطلقها صنعاء باتجاه إسرائيل -وإن كانت محدودة الأثر من المنظور العسكري- هي رسائل موجهة نحو السعودية بدرجة مباشرة ومقصودة أكثر منها نحو اسراىيل لتأكيد علو كعب قدراتهم العسكرية وامكانية بلوغها أية بقعة داخل مملكة تتلمس طُرق الاستقرار بأي ثمن، كما وانها فرصة لهم لإثبات تحكمهم بأمن الملاحة الدولية بالبحر الأحمر ليصب ذلك بذات الغاية كرسائل بحد الموس لذات الجهات المعنية بالأمر.